• الرئيسية
  • الأسرة والطفل
  • ناصحًا الأم المتسلطة.. خبير تربوي: إلغاء شخصية الطفل تجعله خائفًا وفاقدًا لمهارات التواصل مع الآخرين

ناصحًا الأم المتسلطة.. خبير تربوي: إلغاء شخصية الطفل تجعله خائفًا وفاقدًا لمهارات التواصل مع الآخرين

  • 49
الفتح - القسوة على الأطفال أرشيفية

قال الدكتور محمد سعد الأزهري: إن الأم المتسلطة هي التي تريد من أولادها الطاعة طوال الوقت وتقع في فخ القسوة في التربية حينما تجد من أولادها تمرّدًا على كلامها وأوامرها؛ فبعض الأمهات يظنون أن الطاعة العمياء هي الامتثال لكل أوامر الأم، وهذا خطأ شنيع؛ لأن شخصية الطفل تنشأ وتتكوّن في المراحل الأولى من حياته، والتي يكون فيها بين القبول والرفض للأشياء والأوامر التى حوله، وإلا أصبحت شخصيته فيها بعض الضعف أو كثير من الضعف؛ لأنها تملى عليه دائمًا ما يجب أن يفعله وما يجب ألا يفعله، ولا تُمكنه من اختياراته الأخرى ولا تطلعاته.

وأوضح "الأزهري" -في منشور له عبر صفحته الشخصية على "الفيسبوك"- أن من صور هذا التسلط عدم اعتراف الأم بأن لأولادها قرارات خاصة أو تطلّعات خارج سياق أفكار الأم؛ فهي في جميع الأحوال ترى أن الولد لا يعرف مصلحته، والبنت ليس لها أن تعرف مصلحتها خارج إطار الأم فتختار لهم الملابس والأطعمة والأصدقاء وتأخذ لهم القرارات كاختيار علمى أو أدبي في الثانوية، وكنوع الكلية في الجامعة وغير ذلك؛ مما ينشأ عن ذلك إضعاف شخصيات الأولاد ومن ثمّ احتياجهم الدائم لمتخذ قرار مساعد بعد وفاة الأم.

وأشار إلى أن من أسباب تسلّط الأم أنها قد نالت قسطًا كبيرًا من التدليل حين الطفولة والمراهقة ثم مرحلة الجامعة؛ فأصبحت تريد نيل كل شيء من خلال أولادها، وهي لا تدرك أن الأمر مختلف، لذا تلجأ إلى القسوة وحب السيطرة؛ لتنال ما تريد؛ لأنها تعوّدت على الأخذ من دون مشقة، فلما ظهرت المشقة "عصيان الأولاد" لم تتحمل ذلك بالصبر، وإنما أخرجت مكنوناتها "حب التملك" بالتسلط المبالغ فيه على الأولاد.

وأضاف "الأزهري": فهناك نظرية أخرى تقول "إن الأم التي تلجأ للسيطرة والتسلّط قد عانت في طفولتها من ذلك، فلقد تعرّضت من أبويها أو أحدهما للقسوة في المعاملة حتى أصبح لديها (عقدة نفسية) نشأ عنها التعامل بقسوة مع أولادها"، متابعا: ومن أسباب التسلط الأمومي أيضًا، خوف الأم على مستقبل أولادها، وخوفها من الحياة خارج البيت؛ فهي ترى وتسمع كيف وصل الانحراف بالأولاد إلى شرب المخدرات أو إدمان الإباحية أو العلاقات الجنسية أو غير ذلك من حوادث الاختطاف وبيع الأعضاء وما شابه ذلك؛ فتضطر إلى استخدام الضغط عليهم لإبعادهم عن شرور هذا العالم، وعندما يتمرد الطفل أو المراهق عن سماع كلامها؛ فإنها تلجأ للقسوة المفرطة أو اشتداد السيطرة عليهم مما يؤدي إلى انحراف من نوع آخر، ولكنه داخل أولادها.

وأوضح أن هناك عدة أسباب أخرى، منها: أن الأم تظن طوال الوقت أن هذا الابن أو البنت هو صغيرها ويحتاجون إليها طوال الوقت! منوها بأن هذه الأم لديها لغة الأنا عالية جدًا؛ فتسيطر على تفكيرها وعلى علاقتها بأولادها، وللأسف من الصور النمطية في المجتمع أن الابن الذي يسمع الكلام على طول الخط هو المؤدب والمحترم، وهذه الصورة جيدة فعلًا، لكن بشرط أن يتناقش الابن مع أبويه ثم يستجيب فيما لهم الحق فيه، ويجوز له ألا يستجيب فيما ليس لهم الحق فيه، أما سماع الكلام على طول الخط ومن دون مناقشة في بعضه؛ فهذا ليس أدبًا على الحقيقة، بل قد يكون عيبًا في الشخصية لا ينصلح حتى الممات!

وقدم "الأزهري" رسالة إلى هذه النوعية من الأمهات بأن عليها إدراك أن إلغاء شخصية الطفل لكي يسمع ويطيع هي التي تجعله محتاجًا بشكل دائم للتبعية وعدم الاستقلال في أخذ قرارته المهمة، وتجعله فاقدًا لمهارات التواصل مع الآخرين، وتجعله خائفًا من التواصل مع بيئته ، وتجعله كذلك من الذين يسلمون سلطتهم للزوجة حينما يتزوّج وما لذلك من أثر سلبي على أولاده!

كما أرسل رسالة إلى الذين يعانون التعامل مع هذه الأم، على النحو التالي:

أولًا: أن ينتبهوا لحقيقة أن هذه الأم لا تكره أولادها، بل إنها تفعل ذلك خوفًا على أبنائها وحبًا لهم، وإن كان ذلك من الأخطاء الكبيرة.

ثانيًا: علينا تعليم أولادنا أن يقولوا: لا، عندما يستشعرون صعوبة المهمة الموكولة إليهم؛ فليسوا جميعًا على درجة واحدة، بل هناك فروق فردية "تباين شديد" بين المستويات، وشدة الضغط تكون أكثر سلبية عندما لا يستطيع الأبناء الوصول إلى درجات عالية في الدراسة أو الرياضة أو السمع والطاعة.

ثالثًا: أخبروا هذه الأم بأن هذا الأسلوب يؤلمنا ولا يحفزنا، يقتل فينا الطموح ولا يبني داخلنا الأمل، وكرروا ذلك، ولكن بأدب وحُسن خُلق.

رابعًا: لابد من الحديث مع الأب لكي يتدخل، فهو في هذا الوقت رمّانة الميزان الذي يستطيع تحجيم وإصلاح هذه العلاقة حتى ولو بنسبة، وعند عدم وجوده فيمكن إدخال الخال والاستعانة به، بشرط أن يكون كبيرًا عند أمك ولديه حكمة في التعامل.