لم يرد أن من علامات الساعة هدم المسجد الأقصى.. "برهامي": يجب على المسلمين حماية بيت المقدس بكل طاقتهم

إذا حققنا الالتزام الصادق علما وعملا بالوحي المنزل ستتغير موازين القوة

  • 326
الفتح - الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية

عقب الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، على دعوى أنَّ مِن علامات الساعة أن يهدمَ اليهودُ المسجد الأقصى، قائلاً: هذا الكلام لم يرد في الكتاب ولا في السُّنة، لافتاً إلى أنه يمكن أن يقع ذلك، فليس هناك نص بحفظ الله -تعالى- للقدس، مثلما وردت النصوص في حفظ مكة والمدينة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا" (متفق عليه)، وقال: "لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ" (متفق عليه)، وقال: "يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ" (متفق عليه)، موضحاً أنه لا هجرة بعد الفتح؛ لأن مكة تصير دار إسلام وتظل كذلك، ولا يتمكن أحد من هدم الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة.

وأضاف "برهامي" أنه وردت الأحاديث الصحيحة بأن المسجد النبوي يظل قائمًا إلى زمن الدجال، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: "يَجِيء الدَّجَّالُ فَيَصْعَدُ أُحُدًا فَيَنْظُرُ الْمَدِينَةَ فَيَقُولُ لأَصْحَابِهِ: أَتَرَوْنَ هَذَا الْقَصْرَ الأَبْيَضَ هَذَا مَسْجِدُ أَحْمَد،َ ثُمَّ يَأْتِي الْمَدِينَةَ فَيَجِدُ بِكُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَكًا مُصْلِتًا... " (رواه أحمد، وقال الألباني: لا بأس به في الشواهد)، متابعا: ولا يستطيع الدجال دخول المدينة؛ فهذا دليل على أن الكعبة والمسجد النبوي يظلان محفوظيْنِ بحفظ الله -عز وجل-، لا يصل الكفار إليهما ولا إلى هدمهما.

وتابع: وأما المسجد الأقصى، فقد هُدم قبل كذلك؛ فالمسجد الأقصى بناه إما إبراهيم أو إسحاق أو يعقوب -عليهم السلام-، والظاهر أنه إما إسحاق وإما يعقوب -عليهما السلام-؛ لأنه ما بين بناء الكعبة وبناء المسجد الأقصى أربعون عامًا، وجدَّده سليمان -عليه السلام-، وهذا دليل على أنه قد هُدم قبل ذلك، متابعا: نعلم أيضًا أن النصارى لما دخلوا القدس في الحروب الصليبية وضعوا الصليب على قبة الصخرة المعروفة الموضوعة الآن، وجعلوا المسجد مزبلة، وُمنعت الصلاة فيه أكثر من بضع وثمانين سنة إلى أن حرره الله تعالى وأنقذه على يد صلاح الدين -رحمه الله-.

وأكد على أن واجب المسلمين اليوم بلا شك، أن يبذلوا كل طاقتهم في حماية هذا المسجد؛ لأن هذا فرض عليهم، وأن يمنعوا مِن إزالة أي جزء منه، فالقدس كلها للمسلمين، والمسجد الأقصى جزء من القدس، وهو أغلى جزء فيها وأعز جزء على المسلمين. ويجب عليهم بكل طريق أن يمنعوا من وصول اليهود إليه، لافتاً إلى أن أهم ذلك وأعظمه صدق التزام المسلمين بالإسلام، وتطبيق ذلك في حياتهم، فأنه حجر العثرة أمام أعداء الله تعالى.

ولفت "برهامي" إلى أن اليهود إنما يفكرون في هدم المسجد الأقصى عندما تضعف الأمة، وعندما تتفرق ويتمكن أهل البدع من أن يعلو صوتهم وتكون لهم الكلمة. لافتاً إلى أنه ما حصل تمكنٌ لأعداء الله -في كل مرة- إلا بظهور أهل البدع، فعندما ظهرت بدع الدولة الباطنية -المسماة بالفاطمية- في العهد الأول، وسيطروا على مصر والشام والحجاز، وصارت الكلمة المعلنة فيها كلمة الرافضة الشيعة مع أن الباطنية أضل من الرافضة، فإن الباطنية كفار نوعًا وعينًا، فهم شر طوائف الرافضة الغلاة؛ إلا أنهم كانوا يعلنون الرفض، ويُعلنون أنهم كانوا شيعة إمامية، ولا يقدرون على أن يصرِّحوا بالكفر البواح الذي هم عليه؛ فعند ذلك أخذ الصليبيون بيت المقدس.

وتابع: وعندما ظهرت الصوفية الغالية، وسيطرت على الدولة العثمانية، وصارت دعوة التوحيد محاربة في بلاد المسلمين، وظهرت النعرات القومية: العربية والتركية والفارسية؛ استولى الكفار -أيضًا- على بيت المقدس.

أما عن احتلال اليهود للقدس اليوم، أوضح "برهامي": أنه ليس كما يظن كثير من الناس أنه كان منذ سنة 1967 فقط؛ بل جذوره في آخر الحرب العالمية الثانية عندما دخلوا وأخذوا الشام: دمشق والقدس، وعندما انهزمت الدولة العثمانية، فاحتـُلَّت كل بلاد المسلمين عدا جزيرة العرب، وبعض البلاد المتفرقة الأخرى، لكن عامة بلاد المسلمين دخلتها جيوش الاحتلال الغربي في حربهم العالمية الأولى. وعقب هذه الحرب صدر وعد "بلفور" سنة 1917م بتمكين اليهود من فلسطين، متابعا: وما وعد الإنجليز هذا الوعد إلا بعد أن احتلوا بجيوشهم القدس، واحتلت الجيوش الغربية فلسطين وسوريا، فعندما احتـُلت هذه البلاد تمكَّن اليهود مِن ذلك، ودخلوا بجيوشهم مباشرة عندما ازداد الأمر سوءًا وسوادًا وظلمة بتمكن النعرات القومية: القومية العربية، والاشتراكية العربية، والعلمانية بوجوهها المختلفة من بلاد العالم الإسلامي؛ عند ذلك تمكن اليهود.

واستطرد نائب رئيس الدعوة السلفية، قائلا: لا أنسى هذه الأيام عندما كانت الصلاة أمرًا نادرًا في الفترة التي سبقت احتلال القدس سنة 1967م، بل كانت أمرًا يُسخر منه، وكان المعتاد أن تلبس الفتاة "الميني جيب" و"الميكرو جيب"، وكان أمرًا عاديًّا في الجامعات كلها، لا تراه اليوم بفضل الله -تعالى-. حتى المتبرجات الآن يستحين أن تظهر الأفخاذ بهذه الطريقة، وأقسم بالله أنها كانت أيامًا فيها من الشدة ما فيها، فلم يكن هناك حجاب واحد في الطرقات كلها، وكل النساء كنَّ كاشفات الشعور إلا قلة يسيرة، حتى في الريف كان البلاء عظيمًا؛ فالصلاة مضيعة، والحرمات منتهكة، والصد عن سبيل الله كان عظيمًا، ثم كسرهم الله تعالى في 67، واحتـُلت هذه البلاد، لكن ذلك كان -بفضل الله- مِن أسباب عودة الأمة إلى دينها.

وبين أن المسئولية مشتركة بين كل المسلمين، بأن يكونوا جميعًا صادقين في التزامهم، فلو أن المسلمين في بلادهم كانوا أقوى وأثبت على التزامهم؛ لأعاد اليهود الحسابات عشرات المرات، ولكن الذي يجرئهم هو أنواع الفساد المستشرية وأنواع التخلي عن الدين، وهم لا يعبأون بالمظاهرات ونحوها، مؤكدا على أن واجبنا أن نحقق الالتزام الصادق علمًا وعملًا، وفهمًا لقضايا الدين: الإسلام والإيمان والإحسان، ودعوة إلى الله، وصبرًا وثباتًا، وألا نتنازل عن الحق الذي أوحي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ عند ذلك سوف تتغير الموازين، ونسأل الله العفو والعافية.