رفض شعبي لقرار عودة الدراسة في السودان

الطلاب بين الموت أو التخلي عن التعليم.. ومطالب بضمانات تحمي العملية التعليمية

  • 41
الفتح - السودان

بعدما خلفت الحرب في السودان إثر تمرد قوات الدعم السريع 15 أبريل الماضي، قرابة 5 آلاف قتيل وآلاف الجرحى، وتدمير آلاف المباني والمنشآت وانهيار شبه جزئي في القطاع الطبي وملايين النازحين واللاجئين وتوقف العملية التعليمية، أصدر مجلس الوزراء السوداني المكلف قرارًا بعودة الدراسة في المدن السودانية وإعادة فتح الجامعات واستئناف الدراسة في جميع المدارس بالولايات الآمنة وغير المتأثرة بالحرب، في موعد أقصاه نهاية أكتوبر الماضي، ما أحدث جدلًا واسعًا بعد الرفض الشعبي للقرار في ظل استمرار الحرب والقصف الذي يطول المدنيين خاصةً في العاصمة الخرطوم، بجانب خروج ملايين المدنيين من منازلهم ومدنهم كنازحين ولاجئين داخل وخارج السودان ومن بينهم الطلاب والمعلمون.

وتتعدد أسباب رفض القرار ما بين استمرار الحرب والقصف الذي يطال المنازل والمدارس وحتى الطرقات، وعدم وجود مئات الآلاف من الطلاب الذين إما باتوا يعيشون في محافظات أخرى أو تركوا البلاد، وهكذا الوضع بالنسبة للمعلمين، أي أن قرار عودة الدراسة ترك الطلاب بين أمرين؛ إما العودة ومواجهة خطر الموت أو التضحية بمستقبلهم التعليمي.

فيما حددت هيئات أكاديمية عقبات تعوق فتح الجامعات والمدارس في ظل الأوضاع الحالية، ولعل أبرزها تشريد ملايين السودانيين والدمار الكبير في المؤسسات التعليمية، وحالة الاضطراب والفوضى في ولايتي الخرطوم ودارفور بما فيهما من ازدحام وكثافة سكانية؛ حيث يعيش فيهما أكثر من 40 % من سكان السودان.

ومن أبرز العقبات أيضًا أمام القرار هجرة عشرات الآلاف من أساتذة الجامعات والمدارس خارج السودان بعد اندلاع الحرب وكذلك الطلاب، إضافة إلى عدم صرف أجور العاملين في مجال التعليم منذ أبريل الماضي وحتى الآن، كما تؤكد مديريات التعليم أن عدد الطلاب النازحين واللاجئين كبير للغاية وأن عددًا كبيرًا من المدارس يستخدم كمراكز إيواء للأسر المتضررة، خاصًة في ولايات الجزيرة ونهر النيل والشمالية والنيل الأبيض.

ورغم أن بعض الأصوات ترى في القرار خطوة نحو الاستقرار وخفض صوت البنادق، إلّا أن لجنة المعلمين السودانيين تقول إن القرار يسهم في تفتيت وتقسيم البلاد في ظل استئناف التعليم في مدن وتوقفه في مدن أخرى، وحذرت لجنة المعلمين من عدم وجود ضمانات لصرف الرواتب للمعلمين، كما لم يوضح قرار عودة الدراسة موقف الطلاب النازحين واللاجئين والطلبة في المدن التي دمرتها الحرب.

وترى اللجنة أن القرار يخدم أصحاب المدارس الخاصة الذين نقلوا مدارسهم خارج الخرطوم، محذرة من خطر تفشي المدارس الخاصة في البلاد على حساب الحكومية.

وقال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الوضع في السودان معقد للغاية في ظل وجود الشيء وضده، مضيفًا أن قرار استئناف الدراسة يخص أهل السودان وحدهم، إلا أن القرار في مجمله يشجع على الاستقرار وعودة الأوضاع إلى ما قبل الحرب.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق في تصريح لـ "الفتح"، أن قرار عودة الدراسة في السودان يحتاج إلى عدة إجراءات تسبقه بداية من وجود ضمانات تحمي الطلاب من آثار الحرب والقصف وحتى اتخاذ قرارات بشأن مصير الطلاب النازحين واللاجئين خارج السودان في ظل صعوبة أو استحالة عودتهم هم والأساتذة الذين نزحوا داخل وخارج البلاد.

وأشار بيومي إلى أن الوضع الحالي خطير لأنه لا يوجد من يعود إليه السودانيون من أجل حل مشكلاتهم وخلافاتهم في ظل انقسام الجيش وحالة الحرب

وشدد بيومي على أن السودان أهم بلد في علاقات مصر الخارجية، بسبب القرب الجغرافي، وامتداد نهر النيل عبر الجنوب، ووجود نحو 5 ملايين سوداني في مصر، مؤكدًا أن السودان يستحق أن نعطيه كل ما يمكن لإعادته إلى حالة الاستقرار.