مأساة الروهينجا تتفاقم.. ماذا حدث مع الأقلية المسلمة

قمع مستمر.. ممارسات استغلالية.. لاجئون بلا مأوى.. دعم دولي هذيل

محمد علاء الدين

  • 61
الفتح - الروهينجا

وسط انشغال العالم العربي والإسلامي بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة، ما زالت مأساة الأقلية المسلمة الروهينجا التي تعيش في ولاية راخين في ميانمار تتفاقم وسط دعم دولي هذيل، حيث تعاني من أزمة إنسانية صادمة تؤثر على مئات الآلاف.

ومنذ سنوات تتعرض الأقلية المسلمة لشتى صنوف الاضطهاد من قبل الحكومة البورمية، والتي رفضتهم الجنسية وحقوقهم الأساسية، وتشن حملات قمعية وحشية ممنهجة تسفر في كل مرة عن مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف.

وعلى إثر تلك الهجمات الممنهجة اضطرت أقلية الروهينجا إلى النزوح في بلدان مجاورة سواء بنجلاديش أو إندونيسيا كمفر أخير من الموت؛ إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام بوابات الجحيم إذ يعيشون في مخيمات مكتظة وغير آدمية ويواجهون ظروفًا صعبة حيث يفتقرون إلى الوصول إلى الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية، وفي بعض الأحيان يمنعون من المرور بالقوة المميتة.

ومؤخرًا، دعت الأمم المتحدة دول العالم إلى اتخاذ إجراءات عاجلة؛ من أجل إنقاذ ما يقرب من 185 شخصًا معظمهم من النساء والأطفال على متن سفينة بالقرب من جزر أندمان ونيكوبار في المحيط الهندي.

ورغم النداءات الأممية العاجلة، لم يتم إحراز تقدم كبير في حل مأساة الروهينجا، حيث لا تزال الحكومة البورمية ترفض السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم.

ويعتبر التحدي الأكبر الذي يواجه أقلية الروهينجا الدعم الهذيل الذي يقدم من بعض الدول ما دعا الأمم المتّحدة، إلى إطلاق نداء لجمع 876 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية للاجئين الروهينجا في بنجلاديش بعدما تراجعت بقوّة التبرّعات لهذه الأقلّية المضطهدة في ميانمار، فيما أعلنت الولايات المتحدة تقديم 26 مليون دولار.

وبسبب التراجع الحادّ في تعهّدات المانحين العام الماضي، لم يتأمّن سوى 553 مليون دولار لتلبية احتياجات هؤلاء اللاجئين، وهو مبلغ أقلّ بكثير ممّا تحتاج إليه المنظمات غير الحكومية، وأدّى هذا الشحّ في الأموال إلى خفض الحصص الغذائية للاجئين.

وتعد السعودية من الدول الأكثر دعمًا للروهينجيين حيث تستضيف أكثر من 260 ألف لاجئ الذين تم تقديم الرعاية الصحية العامة وفرص العمل والتعليم لأطفالهم بتكلفة 2.25 مليار دولار أمريكي.

كما دعمت أيضا لاجئي الروهينجا في بنجلاديش ودول أخرى خلال السنوات القليلة الماضية بأكثر من 43 مشروعًا بقيمة 186 مليون دولار أمريكي في المجالات المتعلقة بالاستجابة للإغاثة الطارئة والتعليم والمأوى والصحة، إلا أن هذا الدعم لا يكفي على أرض الواقع ويحتاج إلى مزيد من التكاتف الإنساني.

وفي هذا الصدد يقول علي السبحاني، الباحث الروهينجي، إن الأقلام تعجز عن وصف مأساة الروهينجا سواء الذين ما زالوا في بورما أو خارجها، مؤكدة أن الحقيقة التي يجب الإفصاح عنها أن صمت العالم أمام ما يحدث لهم يعد تواطؤ مع القاتل، وهو ما عبرت عنه المتحدثة باسم الأمم المتحدة عام 2009 بأنهم "أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم".

ويشير "السبحاني" إلى أن مأساة الروهينجا قديمة وأزلية، لكنها في العصر الحديث بلغت مراحل الاضطهاد والقتل والتعذيب على يد القوات البورمية ذروتها في العام 2012 حينما ألصقت تهمة اغتصاب وقتل امرأة بورمية ببعض المسلمين؛ لتندلع على إثرها موجة عنف أدت لمقتل أكثر من 200 شخص وتشريد 140 ألفا".

ويضيف الباحث الروهينجي: "في العام 2015م تزايدت عمليات النزوح حيث قدرت الأمم المتحدة عدد الذين هاجروا بنحو 94 ألف شخص عن طريق البحر، مات منهم المئات بعد أن رفضت العديد من الدول استقبالهم".

ويستطرد بالقول: "في العام 2017 شهدت الأقلية أكبر عملية نزوح  حينما شنت القوات البورمية حملة مداهمات على تجمعات الروهينجا؛ أدت إلى موجة فرار مدنيين واسعة من قراهم".

ويختم "السبحاني" بالقول: "ونحن على أعتاب نهاية العام 2023 لم يحقق ملف مأساة الأقلية المسلمة الروهينجا أي تقدم، وما زال المسلمون الروهنجيون يقاسون الويلات سواء في داخل بورما أو في مخيمات اللجوء".