لهنّ حَياةٌ مشرِّفةٌ ومواقفُ مميَّزة ضربَتْ أعظَمَ وأروعَ الأمثلة.. نساء لهن لائحة شرف من رسول الله ﷺ (1)

  • 127
الفتح - أرشيفية

لقد ظفِرَ الصَّحابَةُ -رضي الله عنهم- رجالًا ونسَاءً، كِبَارًا وصِغَارًا بعطْفِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النَّبويِّ وحنَانِه الأَبَويِّ وهَديِهِ الجمِيلِ وخُلُقهِ النَّبِيلِ. هذه حَياةٌ مشرِّفةٌ ومواقفُ مميَّزة، بل ضربَتْ أعظَمَ وأروعَ وأبدعَ ما تزيَّنَت به البشَريَّةُ من صفاتِ الحبِّ والموَدةِ والصِّدقِ والتَّضحيَةِ والاقتِداءِ والافتِداءِ والسَّمع والطَّاعة والتَّبجيل والاحترَام تجاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عدة من الصحابيات ممن لهن مواقف رائدة في حياته -صلى الله عليه وسلم-، وما كان منه حيال ذلك تشريفا وثناء ورضا ورفعة، مما يدل على المكانة في ديننا للمرأة التقية الصالحة.


أَعْظَمُ لَائِحَةِ شَرَفٍ نِسَائِيَّةٍ (1)


اقرأ أيضًا..

لهنّ حَياةٌ مشرِّفةٌ ومواقفُ مميَّزة ضربَتْ أعظَمَ وأروعَ الأمثلة.. نساء لهن لائحة شرف من رسول الله ﷺ (2)


النِّسَاءُ اللَّاتِي لَهُنَّ لَائِحَةُ شَرَفٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ؛ وَمِنْهُنَّ:


مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ أَبْعَدَتْ أَذَى المُشْرِكِينَ عَنِ النَّبِيِّ .

(فَاطِمَةُ -رضي الله عنها- بِنْتُ النَّبِيِّ ﷺ)

فعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ البَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ، فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى القَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ، ووَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ". ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. [البخاري: 240، ومسلم: 1794].


ومَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ أَتَى الوَحْيُِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وهُوَ فِي لِحَافِهَا:

(عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها-)

عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لعَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا، فَكَلِّمِيهِ قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: "لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ"، قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. [البخاري: 2581]، وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ، لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا". [البخاري: 3775].


مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ أَجَارَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْ أَجَارَتْهُ:

(أُمُّ هَانِئٍ الهَاشِمِيَّةُ -رضي الله عنها-)

عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ"، فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: "مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ"، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ، فُلَانَ ابْنَ هُبَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ". [البخاري: 357، ومسلم: 336/82 (1/498)].


مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ أَخَذَتْ مِنْ عَرَقِ النَّبِيِّ :

(أُمُّ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيَّةُ -رضي الله عنها-)

عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ تَبْسُطُ لِلنَّبِيِّ نِطَعًا، فَيَقِيلُ عِنْدَهَا عَلَى ذَلِكَ النِّطَعِ قَالَ: فَإِذَا نَامَ النَّبِيُّ أَخَذَتْ مِنْ عَرَقِهِ وَشَعَرِهِ، فَجَمَعَتْهُ فِي قَارُورَةٍ، ثُمَّ جَمَعَتْهُ فِي سُكٍّ. [البخاري: 6281، ومسلم: 2331]، والنِّطَعُ: بِسَاطٌ مِنَ الْجِلْدِ. والسُّكُّ: طِيبٌ مُرَكَّبٌ مِنْ عِدَّةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الطِّيبِ. والْحَنُوطُ: مَا يُخْلَطُ مِنَ الطِّيبِ لِأَكْفَانِ الْمَوْتَى وَأَجْسَامِهِمْ خَاصَّةً.


مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ أَرْسَلَتْ شَرَابًا للنَّبِيِّ  يَوْمَ عَرَفَةَ فَشَرِبَهُ:

(لُبَابَةُ بِنْتُ الحَارِثِ أُمُّ الفَضْلِ -رضي الله عنها-)

عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ -رضي الله عنها- أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، فِي صِيَامِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ. [البخاري: 1658، ومسلم: 1123].