الجيش السوداني يستعيد بعض توازنه أمام ميليشيا الدعم السريع

الأوضاع الإنسانية تتفاقم.. ومصر تحذر من التدخل الخارجي

  • 19
الفتح - الجيش السوداني

نجح الجيش الوطني السوداني في تحرير مبنى الإذاعة والتلفزيون ومقر سلاح المهندسين وإحراز أكثر من تقدم على ميليشيا الدعم السريع خاصةً في أم درمان وفي سلاح المدرعات جنوب العاصمة الخرطوم، كما حرر أربع مناطق جديدة في أم درمان شملت كبري ود البشير ومحيط ستاد المريخ في شارع العرضة وحي الدوحة وأجزاء جديدة في حي بيت المال والتعويضات مدعومًا بالمسيرات والقصف الجوي والقوات البرية، كما نشر الجيش وحدات عسكرية في الشوارع الرئيسية بالأحياء التي أعاد السيطرة عليها، إلَّا أن هذا التطور يأتي وسط معاناة إنسانية بالغة يتجرعها السودانيون جراء الحرب، بداية من انتشار الجوع وسوء التغذية والأوبئة والاغتصاب والسرقة حتى تحولت بعض الأقاليم إلى مدن أشباح كما الحال في مدينة بابنوسة بولاية كردفان والتي تجمع الخطوط الرئيسية للسكك الحديدية في البلاد.

وفي مخيمات اللاجئين والنازحين بجانب شح الطعام والدواء، تنتشر الأمراض الأوبئة بسبب سوء الصرف الصحي ونقص المياه النظيفة، وتؤكد الأمم المتحدة وجود أكثر من 108,000 امرأة حامل لا تجد أي دعم طبي بعد إغلاق ثلثي المستشفيات في كل مدن السودان، ويحذر منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيث من موت 730 ألف طفل في أنحاء السودان خلال مدة زمنية قد تكون قريبة بسبب الجوع من بينهم أكثر من 240 ألف طفل في ولاية دارفور التي تتكون من 5 ولايات ويعيش بها مليون نازح.

وبات اليوم نحو 48 مليون سوداني من بينهم 18 مليون طفل في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة بعد نزوح قرابة 10 ملايين ومقتل الآلاف 32% منهم من الأطفال، ووفقًا للأمم المتحدة بلغ عدد النازحين واللاجئين في السودان، 8.4 مليون شخص، 6.5 مليون نزحوا داخليًا في السودان، بينما عبر 1.7 مليون الحدود إلى دول الجوار، غادر منهم 609 ألف إلى جنوب السودان، و564 ألف إلى تشاد، و500 ألف لجأوا في مصر، و50 ألف في مصر، فيما غادر 28 ألف إلى أفريقيا الوسطى، وتمثل النساء 52% من أعداد اللاجئين، فيما يمثل الرجال 48%، وتقدر نسبة الأطفال بحوالي 55% من نسبة الرجال.

وصرَّح عضو مجلس السيادة السوداني الفريق إبراهيم جابر، بأن الدمار في الممتلكات الخاصة من نهب وسرقة سيعالج بالطرق القانونية في حق ميليشيا الدعم السريع، وأن دخول أي منظمات إغاثة لن ترافقه قوات عسكرية، مضيفًا أن توزيع المساعدات سيكون بالتنسيق مع المنظمات الوطنية، وأن الجيش لا يعترض على توزيع وإدخال المساعدات.

وشدد على أن إدخال الإغاثة عبر تشاد غير ممكن لدورها في تمرير المساعدات العسكرية من دولة بعينها إلى ميليشيا الدعم السريع، متوقعًا أن إعادة إعمار البنية التحتية في السودان يفوق 150 مليار دولار، وأكد الفريق أول ركن ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش السوداني وقائد العمليات العسكرية في منطقة أم درمان.

وفي سياق متصل، التقى سامح شكري وزير الخارجية مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو، لبحث سبل إنهاء أزمته، وأكد شكري على ضرورة وقف التصعيد والتوصل لاتفاق مستدام لوقف إطلاق النار والحفاظ على تماسك الدولة السودانية ومؤسساتها ونسيجها الاجتماعي، وحث المجتمع الدولي على توفير المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة لسد احتياجات الشعب السوداني.

كما شدد "شكري" على موقف مصر القائم على أهمية التعامل مع النزاع في السودان باعتباره شأنًا سودانيًا خالصًا وضرورة عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بشكل يعيق جهود احتوائها.

وأوضح وزير الخارجية أهمية أن تشمل أي عملية سياسية مستقبلية جميع الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة الداخلية، في إطار مبادئ احترام سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها من التفكك، وأشار إلى جهود مصر لتقديم الدعم اللازم للشعب السوداني منذ بدء الأزمة واستقبالها أكثر من نصف مليون سوداني بجانب أكثر من خمسة ملايين سوداني آخرين يعيشون في مصر دون تفرقة بينهم وبين المصريين، مؤكدًا حرص مصر على استمرار تقديم الدعم الإغاثي والتنموي والخدمي للسودان في محنته الحالية.

وفي هذا السياق، حذر الباحث السياسي الأمين بلال، من خطورة دخول الحرب إلى مرحلة الاصطفافات، وأن تتحول إلى حرب أهلية شاملة بين الكل ضد الكل، مشيرًا إلى تمدد الرقعة الجغرافية للحرب بشكل سريع.

ولفت إلى تنامي الخطاب العرقي بشكل مخيف وفقًا إلى سياسة فرق تسد وبث خطاب الكراهية وتعزيز النعرات القبلية والجهوية وانتشار كبير للسلاح في أوساط المواطنين، لذا فإنه يتخوف من دخول السودان مرحلة الفوضى الشاملة وأن ينتقل الصراع من الإطار العسكري إلى الإطار الاجتماعي.