كفاية دروشة

  • 151

• يستدل البعض على صحة موقفه أو موقف الفريق الذي يؤيده:
بإحساس .. بشعور .. بعاطفة .. بشيء في القلب ..  برؤيا رآها .. أو رآها غيره ونقلها عنه الثقة، وقد يكون هذا الثقة هو الفيس بوك، بل ويقول: (أنا على يقين).

وتجده يجادل وينافح ويقاتل عن موقفه أو موقف من يؤيده، بل ويقسم بأغلظ الأيمان ويشدد النكير على من يخالفه بل ربما وصل الأمر للسب والشتم!

• فحتى لو كان صاحب الرؤيا من العارفين (ويشهد له حاله وصلاحه بين الناس علما وعملا)؛ فليس له ، فضلا عن غير أن يجعل هذه الرؤى وهذه الأحاسيس ترقى لمقام الدليل الذي يُستقى منه حكم في خاصة نفسه، فضلا عن أمر يتعلق بأمة.

• ولو كان الأمر بالرؤى والمنامات؛ فسيد العارفين و أقرب الخلق لله جل وعلا، وأعرفهم به وأتقاهم وأنقاهم قلبا وأنفذهم بصيرة صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد لم يُلزم الصحابة رضى الله عنهم بالرؤيا التي رآها، ولم تكن مرجحة لقرار على الآخر؛ لأنها لم ترقَ لتكون وحيا من الله تعالى؛ فعدها صلى الله عليه وسلم مجرد رؤيا استأنس بها فقط!

فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (إني رأيت في المنام أن سيفي ذا الفقار انكسر وهى مصيبة، ورأيت بقرا تذبح وهي مصيبة، ورأيت علي درعي وهي مدينتكم لا يصلون إليها إن شاء الله).

• ولو كان الأمر بالإحساس والمشاعر، فقد أخطأ حس الملهم المحدَّث عمر رضي الله عنه يوم الحديبية.

• بل الحكم في أي قضية متعلق بفرد أو مجموع هو الدليل الشرعي أو اجتهاد واضح مبني على أدلة الشرع وقواعده، ولا يُرد عليه إلا بمثله.

حتى لو كان أمر حساب للمصالح والمفاسد وترجيح أو تغليب بعضها دون الآخر فكذلك يكون، بل مجرد اعتبار المصلحة أو المفسدة في حد ذاتها يلزمه دليل فضلا عن الترجيح بينها.

• ولو كان الأمر في شئ من الدنيا لاتُهم صاحب دعوى الإحساس والمنامات بالخرف والدروشة؛ لأن الناس لا تقبل إلا حسابات واقعية ملموسة قابلة للقياس لتبني عليها قرارا.

• فلمَ نرتضي أن يكون أمر ديننا سبهللا؟!

• إننا نتكلم في أمر الدين والشرع فليكن بدين وشرع.

• ولنتحرر من سلطان المنامات.

(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (الإسراء: 3).