لهنّ حَياةٌ مشرِّفةٌ ومواقفُ مميَّزة ضربَتْ أعظَمَ وأروعَ الأمثلة.. نساء لهن لائحة شرف من رسول الله ﷺ (4)

  • 122
الفتح - أرشيفية

لقد ظفِرَ الصَّحابَةُ -رضي الله عنهم- رجالًا ونسَاءً، كِبَارًا وصِغَارًا بعطْفِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النَّبويِّ وحنَانِه الأَبَويِّ وهَديِهِ الجمِيلِ وخُلُقهِ النَّبِيلِ. هذه حَياةٌ مشرِّفةٌ ومواقفُ مميَّزة، بل ضربَتْ أعظَمَ وأروعَ وأبدعَ ما تزيَّنَت به البشَريَّةُ من صفاتِ الحبِّ والموَدةِ والصِّدقِ والتَّضحيَةِ والاقتِداءِ والافتِداءِ والسَّمع والطَّاعة والتَّبجيل والاحترَام تجاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عدة من الصحابيات ممن لهن مواقف رائدة في حياته -صلى الله عليه وسلم-، وما كان منه حيال ذلك تشريفا وثناء ورضا ورفعة، مما يدل على المكانة في ديننا للمرأة التقية الصالحة

أَعْظَمُ لَائِحَةِ شَرَفٍ نِسَائِيَّةٍ (4)

النِّسَاءُ اللَّاتِي لَهُنَّ لَائِحَةُ شَرَفٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَثِيرٌ؛ وَمِنْهُنَّ:-


مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ خَالَطَ رِيقُهَا رِيقَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قُبَيْلَ وَفَاتِهِ:

(عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأُمُّ المُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها-):
عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صـلى الله عليه وسلم- كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، يَقُولُ: "أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا" يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ، فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صـلى الله عليه وسلم-، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ -صـلى الله عليه وسلم- فَاسْتَنَّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي. [البخاري: 4450].

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ خَدَمَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي هِجْرَتِهِ وَشَقَّتْ نِطَاقَهَا:
(أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنها-):
عَنْ أَسْمَاءَ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صـلى الله عليه وسلم- فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى المَدِينَةِ، قَالَتْ: فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ، وَلَا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلَّا نِطَاقِي، قَالَ: فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ، فَارْبِطِيهِ: بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ، وَبِالْآخَرِ السُّفْرَةَ، فَفَعَلْتُ. [البخاري: 2979] و"النِّطَاقُ": مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ، أَو هُوَ إِزَارٌ فِيهِ تِكَّةٌ، أَو هُوَ ثَوْبٌ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ تَشُدُّ وَسَطَهَا بِحَبْلٍ، ثُمَّ تُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ.

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لِيَتَزَوَّجَهَا:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي عنه، قَالَ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، فَقَالَ: "مَا لِي اليَوْمَ فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ". [البخاري: 5141، ومسلم: 1425].

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ شَرِبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ قِرْبَتِهَا:
(كَبْشَةُ بِنْتُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّةُ -رضي الله عنها-):
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ جَدَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا كَبْشَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ -رضي الله عنها-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صـلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَشَرِبَ مِنْهَا وَهُوَ قَائِمٌ، فَقَطَعَتْ فَمَ الْقِرْبَةِ؛ تَبْتَغِي بَرَكَةَ مَوْضِعِ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صـلى الله عليه وسلم-. [الترمذي: 1892، وابن ماجه: 3423].

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ شَهِدَتْ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حُنَيْنًا:
(أُمُّ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيَّةُ -رضي الله عنها-):
عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا، فَكَانَ مَعَهَا، فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ -صـلى الله عليه وسلم-: "مَا هَذَا الْخِنْجَرُ؟" قَالَتْ: اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صـلى الله عليه وسلم- يَضْحَكُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ؛ انْهَزَمُوا بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ رصـلى: "يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، إِنَّ اللهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ". [مسلم: 1809].

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ طَبَّبَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ أُحُدٍ:
(فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ -صـلى الله عليه وسلم-):
عَنْ سَهْلٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ -صـلى الله عليه وسلم- عَلَى رَأْسِهِ، وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي المِجَنِّ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى المَاءِ كَثْرَةً، عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ، فَرَقَأَ الدَّمُ. [البخاري: 2903، ومسلم: 1790]. و"الْبَيْضَةُ": الْخُوذَةُ. و"الرَّبَاعِيَةُ": السِّنُّ الَّتِي بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالنَّابِ، والثَّنِيَّةُ إحْدَى السِّنَّيْنِ اللَّتَيْنِ فِي مُقَدِّمَةِ الفَمِ، و"المِجَنّ": التُّرْسُ.

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ عَلَّمَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَيْنَ تَعْتَدُّ، وَأَشَارَ عَلَيْهَا بِمَنْ تَتَزَوَّجُ:
(فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ رضي الله عنهما):
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ +صـلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ"، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: "تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي"، قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ رصـلى: "أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ" فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: "انْكِحِي أُسَامَةَ"، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ. [مسلم: 1480].

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ غَضِبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِغَضَبِهَا:
(فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ -صـلى الله عليه وسلم-):
عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ -رضي الله عنهما-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صـلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي". [البخاري: 3714 واللفظ له، ومسلم: 2449/ 94].

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ قَالَ النَّبِيُّ -صـلى الله عليه وسلم- عَنْهَا: "إنِّي رُزِقْتُ حُبَّهَا":
(خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُمُّ المُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها-):
عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ -صـلى الله عليه وسلم-، إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فَيَقُولُ: "أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ" قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ -صـلى الله عليه وسلم- "إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا". [مسلم: 2435/75].

مَنْ تَشَرَّفَتْ بِأَنْ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لَهَا: "إنَّكِ لَابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وإنَّكِ لَتَحْتَ نَبيٍّ":
(صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ أُمُّ المُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها-):
عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: بَلَغَ صَفِيَّةَ أَنَّ حَفْصَةَ، قَالَتْ: بِنْتُ يَهُودِيٍّ، فَبَكَتْ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ -صـلى الله عليه وسلم- وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكِ؟". فَقَالَتْ: قَالَتْ لِي حَفْصَةُ: إِنِّي بِنْتُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صـلى الله عليه وسلم-: "وَإِنَّكِ لَابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟" ثُمَّ قَالَ: "اتَّقِ اللَّهَ يَا حَفْصَةُ". [الترمذي: 3894، والنسائي في الكبرى: 8870].

اقرأ أيضًا..