الطريق ليس من هنا

  • 177

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، وبعد،

من طبيعة البشر أنهم مختلفون يختلفون ، ولكن كيف إذا اختلفنا ونحن جميعا يجب أن يكون هدفنا نصرة الدين ورفع راية التوحيد ؟ فقد يظن بعض من ينسب نفسه إلى التدين أنه إذا اختلف مع غيره كان من حقه أن يتهمه زورا وبهتانا بما ليس فيه حتى يُشوِّه صورته ويكسر شوكته ويُسقط هيبته؛ وقد يظن ذلك طريقا للنصر.

 وأقول : ليس الطريق من هنا ، وقد يظن أحدهم أنه لو تصيد الأخطاء وتتبع العورات، وشنّع بخصمه؛ فقد انتصر عليه وأظهر فكرته.

وأقول أيضا: ليس الطريق من هنا ،وقد يظن بعضهم أنه لو شوّه مراد خصمه وأقواله وعمل على فضحه واتهمه زورا بالفسق والفجور والنفاق والردة عن الطريق، وغيرها من التهم وسوء الخُلق معتقدا أنه بذلك سوف تُرفع له راية، أو تتحقق له غاية، أو أن ذلك طريقا للنصر ، أقول :ليس الطريق من هنا، بل أدعوهم جميعا ليبصروا الطريق ويتدبروا  قوله تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم )، فلن ولم يُنصر الله بالبذيء من القول، ولا الفاحش من الألفاظ، ولا بالكذب والزور والبهتان؛ إنما ينصر الله بالصدق والإيمان والعمل الصالح ومحاسن الأخلاق، وإقامة الشرع والدين على النفس والمجتمع والأوطان؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إنما بُعثتُ لأتمم صالحي الأخلاق )،و(إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق )، وقال الأحنف بن قيس: (ألا أخبركم بأدوء الداء؟قالوا بلى ، قال: الخُلق الدنيء واللسان البذيء).

فيا أصحاب الهشتاجات والتعليقات على صفحات الفيس ومواقع التواصل،اعلموا أن ما تكتبونه اليوم هنا سترونه يوم القيامة فى صحائف أعمالكم.

وأخشى أن يُسوِّل لكم الشيطان أنكم ستجدون البذيء الذى قلتم مع صالح أعمالكم (ما أحسب أحدا تفرغ لعيوب الناس إلا من غفلةغفلها عن نفسه).

فكيف إذا كان يتصيد ويفتش عن الكلمات والمواقف ليزيفها أو يخرجها فى غير مقامها ووقتها؛ فيفهمها الناس على غير مرادها، ويُفتن بها الناس وقد يضلون بسبب تزييفه وهو لايعبأ والمهم عنده تحطيم خصمه ولو بالزور.

أوما يدرى المسكين قول بكر بن عبد الله المُزَنيّ: (إذا رأيتم الرجل مُولعا بعيوب الناس ناسيا لعيوبه فاعلموا أنه قد مُكِرَ به )؟

ولذا أقول لمن انحرف عن الطريق عُد ولا تُكابر قبل أن يُدركك الغرق، ( ما أضيق عيش من ساء منه الخُلق، وما أشد بلاء من ابتُلي بسوء الأخلاق).

وقال صلى الله عليه وسلم: ( ... وإن سوء الخلق ليُفسد العمل كما يُفسد الخل العسل )، و: (أتدرون من المفلس؟!... إن المفلس من أمتى يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتى وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثم طُرح فى النار.

أخى المخالف،

ليس الطريق من هنا ، وأدعوك أن تتحسس معالم الطريق الصحيح لتسلكه وتغير الاتجاه قبل أن تندم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ( من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها قبل أن يُأخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فطُرحت عليه ).

أخى: الطريق من هنا ،

( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم تُرحمون ).

الطريق من هنا :

قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).

قال صلى الله عليه وسلم: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا........).

اسلك طريق الهدى ولايضرك قلة السالكين، وإياك وطُرق الضلالة، ولايغرك كثرة الهالكين.

أخي الكريم، أبصر الطريق قبل أن يزول بك السراب.

وصل اللهم على محمد وآله وصحبه أجمعين.