الإسلام هو الحل الاستراتيجي الوحيد

  • 178

إي والله، إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون، فالإسلام يعني السلام بكل معانية وأطيافه ومكوناته. السلام النفسي، والسلام الاجتماعي، والسلام الفكري، والسلام الاقتصادي، والسلام الأسري، والسلام العالمي، والسلام الداخلي للنفس الإنسانية، والاستقرار والأمن والأمان؛ للفرد، والأسرة، والمجتمع، بل والعالم.

إن ما يقع الآن من صراعات، وتدمير لكيان الأسر والمجتمعات، إنما هو بسبب إزاحة الإسلام من الصدارة والقيادة والريادة؛ مما أدى إلى خسارة العالم.

لقد تم تدمير الأسرة وكيانها، بحجة الحرية الشخصية، وحرية المرأة وحقوق الإنسان، فانتشر السِفاح بدلا من النكاح، وانتشر الزنا بدلا من العفة والحياء، وأصبح الأبناء لا يعرفون لهم نسبا ولا أصلا، وحملت البنات في المجتمعات المختلفة شرقا وغربا، في سن الرابعة عشرة من أعمارهن، وهن طالبات يافعات في المدارس، فاختطفت البراءة، وانتشرت حالات الإجهاض، ولجأ الشباب والفتيات إلى الحفلات الصاخبة، ومجَّ الصياح، والضجيج، على أنغام الموسيقى، والرقص، والزنا، والعري، والخمر، والإدمان، وظنوا أنهم بذلك سيجدون راحتهم وطمأنينتهم؛ فازدادوا شقاءً، وبؤسًا وعذابًا، ولم يجدوا من يدلهم، أو يرشدهم إلى موارد الظمآن.

بل ازدادوا عطشًا فوق عطشهم، وما ذلك إلا بسبب هذا الفراغ الروحي، والنفسي، والعقلي، والفكري، والذي لا يُملأ إلا بالعودة إلى أحضان الفطرة من جديد؛ لتستقيم لهم الحياة، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)} [الروم: 30 - 32]، فهل مِن عودة لهؤلاء إلى الدين القيم، والإنابة إلى ربهم، وملأ هذا الفراغ بتقواه، وبالصلاة، والتضرع، والخشية بين يديه، وترك هذا التفرق، والتشتت، والانحراف، هذه الفطرة هي، التي تنادي هؤلاء بالعودة والإنابة بعد أن اغتالتهم الشياطين وانحرفت بهم . {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) } [النساء: 26-28]، سبحان الله ، يريد الله بنا اليسر، ولا يريد بنا العسر، يريد الله بنا التخفيف والرحمة، ويريد هؤلاء الذين يتبعون الشهوات الميل بنا ميلا عظيما إلى الهلاك، والدمار، والتعاسة، والشقاء .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 90، 91]، رأيت أخي الحبيب، وأختي الفاضلة لماذا يعاني العالم؟

لو بحثنا في وسائل الإعلام؛ لوجدنا أن الرَواج لهذا الخمر، والميسر، وهذه الأهواء والظنون هي الرائجة، فلا حديث إلا عن النساء، والفن، والموسيقى، والصخب، والحفلات، والجوائز، والموضة، واللعب، واللهو، والأفلام، والرقص، والخمر، والقمار. فماذا ننتظر وقد وقع الناس أسرى بين يدي الشيطان، وأوقع بينهم العداوة والبغضاء، وصدهم عن ذكر الله، وعن الصلاة، فازداد شقاؤهم، وازدادت حيرتهم.

{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)} [يس: 60، 61]،  لقد اغتالت الشياطين هؤلاء الشباب المساكين، وما علموا أن هذا الفراغ، وهذه الأمراض النفسية والعقلية، لن تجد لها علاجا إلا بالإسلام، فلا فرحة ولا سعادة إلا به، ولن يَسد هذه الفاقة، وهذه الحاجة التي توجد في قلب كل إنسان، لن يسدها إلا الإسلام، ولن يملأ الفراغ إلا القرآن، ولن تجد النفس راحة، وطمأنينة إلا بالله وذكره، واللجوء إليه، والانطراح بين يديه، والبكاء، والتضرع، والتوبة، والخشية، والإنابة.

{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]، وفضل الله هو الإسلام، ورحمته هي القرآن. {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82]

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]

{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24]

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] ".

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)} [الشورى: 52 -53].

لو تدبرنا معا هذه الآيات من القرآن العظيم، الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا خلفه، لعلمنا أين مواطن الدواء والشفاء من جميع العلل والأمراض، أين طمأنينة القلب، أين نقاء النفس، أين ارتقاء الروح، أين حياة الروح، وأين روح الحياة، أين النور، أين الحياة الطيبة.
إنها في الإسلام، إنها في القرآن.

الإسلام الذي اشتقت منه كلمته من هذه الأحرف الثلاثة " س ل م "، حيث تجد فيها السِلم، والسلام، والإسلام، والتسليم، والاستسلام، وتجد فيها هذه الأفعال (سلم)، فـــ " المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ " [متفق عليه]، والفعل (أسلم) نجده في الآية { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131)} [البقرة: 130، 131]، وقال تعالى أيضا : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125].

وكلمة (السلام) نجدها في: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} [إبراهيم: 23]، وتحية الملائكة لهم: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73].

هذا السلام الذي يملأ أركان الكون، وينتشر عبر الزمان، حتى يستوعب الدنيا والآخرة، يُعَبِر عن رحابة الإسلام وسعته وفضله، وما فيه من رحمة، وسماحة، وطمأنينة، وحرية.

والاستسلام في الإسلام لا يعني الذل أو الهوان أو القيد أو الحرمان، إنه يعني الانقياد والخضوع لله عز وجل، والالتزام بأمره وشرعه، والرضا بقضائه وقدره وحكمه، وإفراده سبحانه وتعالى بتوحيده وعبادته، وهذه هي الحرية الحقيقية، التي يفقدها البشر؛ فالحرية المطلقة، هي في العبودية المطلقة لله عز وجل، إنها العبودية المطلقة له سبحانه وتعالى، التي تعني بالتحرر من جميع القيود ...  قيود الهوى، والظنون، والأوهام، والشهوات، والشبهات، والنفس، والشيطان، والطغيان، والأثرة، والبخل، والعجب، والمال، والنساء.

ومن حيث التحرر، هنا يشعر الإنسان بالسعادة لا التعاسة، وبالقوة لا الضعف، وبالعزة لا الذل.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ » [أخرجه البخاري: 2887]، من أجل ذلك أقول وقلبي ممتلئ باليقين والبشر بأن الإسلام قادم قادم لأنه نور الله الذي لا يمكن لأحد أن يطفئه،{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) } [الصف: 8 - 10].

الإسلام قادم، ودين الله ظاهر، والمسلمون قادمون؛ ليحملوا الأمل من جديد، لهذه الشعوب التي تتعطش لرَي الإسلام، وينابيعه الصافية من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة؛ ليحل السلام والرحمة، والراحة، والطمأنينة، والعدل، والأمن، والأمان ربوع المعمورة.
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

[email protected]
Facebook.com/said.hammad.official