قانون الجمعيات الأهلية الجديد

  • 165

تبدو أهمية قانون الجمعيات الأهلية الجديد في كونه القانون المُنظِم للمجتمع المدني بقاعدته العريضة وتنوعاته الواسعة ، وأن الأمم والشعوب لا تنهض بغير العمل الأهلي .

وللجمعيات الأهلية تاريخ طويل في دعم الحركة الوطنية قبل إنشاء وزارة الشئون الاجتماعية عام 1939 م .

فقد استطاعت إبان الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 م  أن تنهض بدور فعال في مختلف المجالات ، حيث أوقف الكثير من المصريين العقارات لصالح تلك الجمعيات ، وتبرعوا لها بمبالغ ضخمة من أجل تحقيق أهدافها ، فأنشئت المدارس والمستشفيات والعديد من المؤسسات الاجتماعية ، كما كانت بمثابة الحاضنة السياسية قبل نشأة الأحزاب السياسية في هذه الفترة .

وقد كان لصدور دستور عام 1923 أثراً بالغاً في تنشيط العمل الأهلي التطوعي إلى الحد الذي وُصِفت فيه الفترة من 1923 وحتى 1952 بأنها مرحلة ازدهار العمل الأهلي في مصر.

وكلما كان النظام ديمقراطياً شورياً كلما كان القانون انعكاسا لاحتياجات ورغبات المجتمع ، والعكس بالعكس .

ويُعتبر مبدأ استقلال المجتمع المدني من أهم مبادئ التشريعات الحديثة ، إلا أن فلسفة القانون القائم حالياً رقم 84 لسنة 2002 وكذلك مشروع  القانون المقترح بديلاً عنه  تقوم على مبدأ تبعية المجتمع المدني للسلطة التنفيذية من خلال جهاته الإدارية والأمنية .

وتظهر صور التبعية جلية فيما يلي :

-  مخالفة الدستور الحالي عندما يكتسي الترخيص بثوب الإخطار ، حيث تكتسب الجمعية الشخصية الاعتبارية خلال 60 يوماً من تاريخ الإخطار مع حق الجهة الإدارية في الاعتراض على إنشاء الجمعية خلال تلك الفترة .

-  مخالفة المعايير الدولية التي تدعم حرية العمل الأهلي والذي يمنح الأفراد فرصة المشاركة في إدارة المجتمع .

- الإفراط في التجريم والعقاب على نشاط بطبيعته تطوعي ، مما يؤدى لإحجام المواطنين عن المشاركة في المجتمع المدني وأنشطته .

- فرض قيود على الأنشطة بالإضافة لقيود التشكيل ، فلم يتم تحديد طبيعة النشاط السياسي المحظور على الجمعيات ، وهل يشمل إبداء الرأي في قضايا الشأن العام ، أم يقتصر على دعم الأحزاب أو المرشحين بالانتخابات ؟ وهل يدخل في عمل النقابات الدفاع عن تحسين بيئة العمل كحق من حقوق العمال الأساسية ؟ 

-  المصطلحات الغامضة والعبارات الفضفاضة التي تُتيح للسلطة التنفيذية تطبيق القانون في التوقيت الذي ترغبه على الجمعية التي تستهدفها .

- تمتع جهة الإدارة بحقوق شبه مُطلقة بداية من تأسيس الجمعية ومروراً بالانضمام لشبكات وتحالفات دولية وانتهاءاً بالموافقة على التمويل .

وأخيراً لابد أن ندرك بأن الجمعيات الأهلية ليست مثل جمعيات رجال الأعمال التي تمتلك مصادر للدخل ، لذا فهي في حاجة إلى مصادر تمويل مع ضمان الشفافية في نشر المصادر وأوجه الإنفاق من خلال الرقابة اللاحقة .

لذلك ندعو لعدم إصدار هذا القانون قبل انعقاد مجلس النواب القادم .