لماذا نحب مصر ونحرص عليها؟

  • 168

قد يستغرب البعض حينما نتكلم - وبعد التأصيل الشرعي لمواقفنا - عن ضرورة الحرص على مصر ووحدتها، وحتمية العمل والتكاتف حتى تجتاز العقبات وتتغلب على المؤامرات التي تُحاك لها داخليًّا وخارجيًّا فضلًا عن انحيازنا الدائم إلى ما فيه سلامتها ومصالحها العليا، وتغليب ذلك على كل الأجندات الخاصة.
 
والسؤال الذى ينبغي الإجابة عليه حتي يزول استغراب المستغربين ويُدفع به لوم اللائمين هو:
 
لماذا نحب مصر ونحرص عليها؟ وبالطبع لن أذكرهنا ما هو متفق عليه بين بني البشر من كون حب الوطن أمرًا فطريًّا جُبِل عليه البشر جميعًا، ولكن أزيد على ذلك فأقول:
 
·        لأن مصر وأهلها في رباطٍ إلى يوم القيامة كما أخبر النبي(صلى الله عليه وسلم) عن مصر والشام ولاشك أن هذا هو الواقع والحال كما بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية.  ومن طالَع التاريخ رأى صدق ذلك.
 
·        ألم تكن مصر حائط الصد عن الأمة كلها ضد الحملات الصليبية قرابة قرنين من الزمان حتى ردَّت عن الأمة عاديتهم،ولن ينسى التاريخ لها أنها أسرت لويس التاسع ملك فرنسا في دار ابن لقمان في المنصورة.
 
·        من الذى حرَّر المسجد الأقصى من يد الصليبين بعد احتلالٍ له دام أكثر من تسعين عامًا؟،أليسوا جند مصر بقيادة صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين؟
 
·        من الذى دحر جحافل التتار بعد أن اجتاحوا العالم الإسلامي وأوسعوه قتلًا وتشريدًا،وأسقطواحاضرة الخلافة ودمَّروا حضارة المسلمين فيها؟
 
·        من الذى أنقذ البشرية كلها لا المسلمين وحدهم من هؤلاء الهمجالهامج،والذين لو تمكنوا لقضوا على حضارة بني الإنسان على وجه الأرض؟ إنها مصر وجندها بقيادةسيف الدين قطز في معركة عين جالوت.
 
·        من الذى قطع ذراع جيش الكيان الصهيونيفي العاشر من رمضان 1973 م، وقضى على أسطورة الجيش الذي لا يُقهر في ملحمة دُرِّست في المعاهد العسكرية في العالم ؟ إنهامصر وجندها البواسل
 
·        نحب مصر ونحرص عليها لأنها قلب العالم الإسلامي لِما لها من مكانة وثِـقل وبما حباها الله عزَّ وجلَّ من مقومات هيأتها للريادة والقيادة،فهي إذا تكلمت يتكلم الناس، وإذا سكتت سكت الناس، وإذا قامت قام الشرق كله، وإذا سقطت سقط الشرق كله،فهي كما قال حـافـظ - بحقٍ - على لسانها:
أنا إن قدّر الإله مماتي ....................  لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي
 
·        نحب مصر ونحرص عليها لأنها حاملة لواء العالم السُنِّي، ورأس حربته في وجه الروافض اللِـئام، ولو أُصيبت بمكروه لاجتاحت إيران العالم الإسلامي. وحسبك أن تعلم أن الفاطميين حاولوا عبر ثلاثة قرون أن يُشيِّعُوا أهلها فعجزوا واستعصت عليهم، لأن شعبها يحب بفطرته صحابة النبي (صلى الله عليه وسلم) لاسيما الخلفاء الأربعةوسائر العشرة،ويحب آل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) وأزواجه أمهاتِ المؤمنين لاسيما الصِدِّيقة بنت الصِدِّيق رضي الله عن الجميع.
 
ولذا ما إن وجدوا صلاح الدين رحمه الله حتى تكاتفوا معه فقضوا على هذه الدولة الباطنية وآثارها، فلم يُنقَل لنا من عفنهم شيء.
 
نحب مصر لأنها كانت - وما زالت - حاضرة العلم والعلماء. مصر الليث بن سعد، وابن وهب والطحاوي، وابن حجر وغيرهم كثير ممن علَّموا الدنيا فسطَّر التاريخ أسماءهم على صفحاته بأحرفٍ من نور.
 
نحب مصر وشعبها لأنه طيب ودود خلوق ذو مروءة يحب دينه ويميل إلى الوسطية والاعتدال بعيدًا عن الغُلوِّ والتفريط، فكم بذل الأعداء ولا يزالون من محاولاتٍ لصرفه عن دينه وهويته، فباءت محاولاتهم كلها بالفشل.
 
نحرص على مصر لأن انهيارها الآن يعني استمرار سيناريو التقسيم ويُمكِّن اليهود من إتمام حلمهم بإقامة دولتهم من الفرات إلى النيل، وتُمكِّن الروافض من إقامة إمبراطوريتهم والسيطرة على الحرمين الشريفين. وبقاؤها متماسكة قوية يعني إفشال هذا المخطط.
 
أبَعْدُ هذا وغيره كثير، نُلامُ في حبنا لمصر وحرصنا على سلامتها من كل مكروه ؟!
 
سنبذل كل ما في وسعنا حتى تنهض مصر وتتبوأ مكانتها وتقود عالمها الإسلامي وأمَّتها إلى ذرى المجد وتحرير المُقدَّسات.
 
بإذن الله لن يُثنينا عن هذا حقد الحاقدين ولا لوم اللائمين ولا تثبيط المُثبطِّين. ونحن واثقون بأن الله عزَّ وجلَّ سيرُدُّ سهام الأعداء إلى نحورهم، فهي كما قال القائل:

ما رماني رامٍ وراح سليمًا   من قديم عناية الله جندي