التنوع

  • 240

التنوع آية من آيات الله سبحانه، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)، وقال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ) .
 
وهو أيضًا سُنة كونية، قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)، وقال تعالى: (وَلَو شاءَ لَهَداكُم أَجمَعينَ)، وقال تعالى: (وَلا يَزالونَ مُختَلِفينَ .إِلّا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُم) .
 
وفي الحديث الصحيح: (إنَّ اللهَ تعالى خلق آدمَ مِن قبضةٍ قبضَها من جميعِ الأرضِ، فجاء بنو آدمَ على قدْرِ الأرضِ، جاء منهم الأحمرُ، والأبيَضُ، والأسودُ، وبينَ ذلِكَ، والسَّهلُ، والحزْنُ، والخبيثُ، والطيِّبُ، وبينَ ذلكَ) .
 
ولا تعارض بين هذه الحقيقة، وبين الدعوة والحوار مع الآخر، قال تعالى: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ) .
 
كما أنه لا تعارض كذلك بين البراء القلبي، وبين البر والقسط في المعاملة، قال تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). فإذا كان هذا خاصًا بالاختلاف الديني، فمن باب أولى العمل به في الخلاف السياسي .
 
إن وصف التطرف من الأوصاف النسبية الإضافية، يختلف الموصوف به باختلاف وجهة نظر الواصف، وحسب الميزان والمعيار الذي يُقاس به الوسطية والاعتدال .
 
وباستقراء أحوال الأمم التي تقدمت في الشرق أو الغرب نجد أنها أحسنت إدارة الخلاف السياسي، واستوعبت جميع أبنائها بأطيافهم المتباينة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، دون إقصاء لأي طرف .
 
بينما لا تزال الأمم الأخرى تعاني من زيادة حدة الاستقطاب والتشرذم واستنزاف الثروات، وقد سقطت في براثن التخلف والاستبداد، وما يتبعه من جهل وفقر ومرض .
 
كيف يستمر الإقصاء السياسي دون نظر إلى المآلات، أوالمصالح والمفاسد؟!!.
 
كيف لا يعتبر الإقصائيون بأسلافهم وقد كانت تصرفاتهم سببًا في فشلهم؟!!.