عن مشاركة حزب النور في انتخابات مجلس الشيوخ ( 2 )

  • 1231

استعرضنا فى المقال السابق بعض أسباب مشاركة حزب النور فى انتخابات مجلس الشيوخ 2020م ، ونستكمل فى هذا المقال بإذن الله بقية أسباب المشاركة ، مع مناقشة سريعة لمسألة ( القوائم المغلقة ) .


يعتبر كذلك من الأسباب الهامة التى دفعت حزب النور للمشاركة فى انتخابات مجلس الشيوخ : 


( 4 ) الاستعداد المبكر لانتخابات البرلمان المقبل. 


فمن المفترض أن تجرى انتخابات مجلس النواب الجديد قبل نهاية العام الحالى بإذن الله ، ولذلك تعتبر انتخابات مجلس الشيوخ الشهر القادم فرصة مناسبة لكل حزب سياسى من أجل تحقيق مجموعة من أهداف العملية الانتخابية ، منها :


تنشيط الحالة الداخلية للحزب ، وإدارة الحملة الانتخابية بصورة منظمة واحترافية ، والحشد القوى للأصوات المتوقعة ، وحسن التواصل مع الدوائر المحيطة ، وتفقد الموارد المالية لاسيما إذا كانت ضعيفة ومحدودة ، وابتكار طرق جديدة فى الدعاية تتناسب مع أزمة كورونا ، وتجميع الكتلة المؤيدة أفراداً وجماعات ، والمتابعة الدورية لأخبار الحملة ، وتقوية التواصل الجماهيرى لجميع الدوائر والشياخات . 


وهو عين المطلوب من جميع أبناء حزب النور رجالاً ونساء فى جميع المحافظات التى تقرر خوض الانتخابات بها ، لاسيما وأن الفاصل الزمنى بين انتخابات المجلسين لن يتعدى ثلاثة أو أربعة أشهر . 


ولاشك أن الممارسات السلبية المتوقعة فى مثل هذه المواسم الانتخابية تمثل تحدياً إضافياً لأبناء حزب النور ، وهى ممارسات عانى منها الحزب بشدة فى انتخابات 2015م ، وكانت حدتها تزيد تدريجياً كلما اقتربنا من الاستحقاق الانتخابى . 


كان منها على سبيل المثال رواج المال السياسى بشكل فج ، والتضييق الانتقائى على بعض ممثلى الأحزاب دون البعض ، والسقف المفتوح للدعاية الانتخابية مع ضعف الرقابة عليها ، والحشد الطائفى الواضح الذى لا تخطئه العين ، وهى ممارسات تؤثر فى نزاهة العملية الانتخابية ، وتثير العديد من التساؤلات حول مدى حياديتها . 


ولكنها لا تؤثر مطلقاً فى أبناء حزب النور ، بفضل الله تعالى ، بل على العكس تزيد من همتهم وعزيمتهم فى المضى قدماً للأمام ، والمشاركة بكل قوة فى عملية البناء والإصلاح مهما كانت المصاعب ، وبذل مزيد من الجهد والتركيز فى ترتيب الأوراق ، وتضافر الجهود ، وحسن تنظيمها ، والاستعداد الكامل لتلقى التكليفات من مسؤولى الحملة ، والقيام بها على أحسن وجه ، وبذل الوسع فى تحقيق أهدافها .



( 5 ) مسؤولية تمثيلنا للتيار الإسلامي . 


أحداث 2013م أشبه بتسونامى أسس واقعاً سياسياً جديداً ، لا تنفع معه عزلة ، أو أحلام العودة لسياسة قديمة عصف بها تسونامى آخر فى 2011م ، وهو واقع يمثل فيه حزب النور التيار الإسلامى وحيداً ، شاء أم أبى ، بل ويعبر عن قطاع عريض من الشعب المصرى حتى وإن لم يُترجم ذلك إلى أرقام ، أو أصوات فى الصندوق الانتخابى . 


ولا شك أن طبيعة الظروف الحالية سواء الداخلية أو الإقليمية أو الدولية ستفرض أولويات جديدة على مجلسى النواب والشيوخ القادمين ، وأجندة مختلفة تماماً عن أجندة المرحلة السابقة ، وهو ما يحتاج إلى وجهات نظر تيارات مختلفة ، على رأسها التيار الإسلامى . 


وإن كانت الظروف الحالية لتحالفات القوائم غير مناسبة لحزب النور ، فللحزب أنواع أخرى من التحالفات السياسية تبدأ مباشرة عقب انتخابه فى هذه المؤسسات ، وتتشكل حسب كل موقف ، وهو ما يُسمى فى علم السياسة بالتحالف التصويتى الذى يقوم فيه رجالات الحزب بمحاولات التوفيق المستمر ، والتنسيق الدؤوب لتوحيد التصويت حول قضية ما ، يكون فيها حزب النور معبراً عن التيار الإسلامى ، وداعماً لمؤسسة الأزهر . 



مناقشة سريعة لمسألة القوائم المغلقة المطلقة .


أولاً نود أن نسجل اعتراض حزب النور وعدد من الأحزاب تحت قبة البرلمان الحالى على إقرار نظام القائمة المغلقة كجزء من النظام الانتخابى ، وهو نظام يعتمد فوز القائمة التى تحصل على ( 50 ٪ + 1 ) من إجمالى عدد الأصوات ، وبالتالى يتم إهدار ( 49 ٪ ) من أصوات الناخبين ، وإهمالها قانوناً ، وعدم الاعتداد ربما بمئات الآلاف من أصوات المواطنين ذوى التوجهات المختلفة ، وهذا لا يصب قطعاً فى مصلحة المواطن المصرى ، ولا يضمن تمثيلاً عادلاً لمختلف التيارات السياسية ، ولعل انتخابات القوائم فى 2015م خير شاهد على ذلك . 


فقد خاض حزب النور تلك الانتخابات على قائمتين فقط من القوائم الأربع ، قائمة ( غرب الدلتا ) وقائمة ( الصعيد ) ، ولم يكن هذا من حزب النور إلا دفعاً لتهمة الاستحواذ التى روجتها وسائل الإعلام بكل شراسة فى ذلك الوقت ، وقد واجه الحزب منفرداً ثلاثة ائتلافات كاملة ( فى حب مصر - الجبهة المصرية - فرسان مصر ) ضمت فيما بينها أكثر من 45 حزباً ، وبالرغم من ذلك فقد حلّ حزب النور ثانياً ، وصوّت له ما يقرب من ( مليون ناخب ) فى القائمتين ، كان ذلك كفيلاً فى نظام القوائم النسبية بضمان فوز عدد كبير من مرشحيه .


ناهيك عن تبنى الإعلام الرسمى للدولة لقائمة بعينها بطريقة مباشرة ، ومتابعة أخبارها فى النشرات الرسمية ، وتقديمها للمواطن فى صورة إيجابية ، وإعطاء انطباع أنها قائمة تمثل الدولة بصورة أو بأخرى ، فضلاً عن تزكية القنوات الخاصة لها ، وتسليط الضوء على كل ما يمكن أن يؤثر سلباً فى أى قائمة أخرى يمكنها المنافسة ، ومحاولة إلصاق التهم بها ، وقد كان لحزب النور كالعادة النصيب الأكبر من ذلك التوجه  . 


نقطة مهمة أخرى يجب وضعها فى الحسبان وهى أن تقسيم دوائر القوائم فى 2015م هو نفسه تقسيم دوائر القوائم فى انتخابات مجلس الشيوخ 2020م ، وقد أثبتت التجربة أن اتساع النطاق الجغرافى لدوائر القوائم بهذا الشكل - لدرجة أن تضم قائمة الصعيد مثلاً ( 11 محافظة ) كاملة - يؤدى بصورة طبيعية إلى استنزاف كثير من الجهد والوقت ، ويصعب بشكل كبير من التواصل مع قطاع عريض من المواطنين ، ويفتح الباب على مصراعيه لفوز القائمة ذات النفوذ والمال . 


وهى مشاهد يرشح كثير من المتابعين تكرارها فى الانتخابات الحالية للقوائم ، خاصة مع المحاولات التى تجرى الآن على قدم وساق لتشكيل ائتلاف واسع يضم أغلب الأحزاب السياسية ذات توجه بعينه ، تتحول معه انتخابات القائمة تلقائياً إلى انتخابات توافقية وليست تنافسية ، نتيجتها محسومة سلفاً قبل الاقتراع لذلك الائتلاف ، حتى وإن ظهرت قائمة أخرى تضم مرشحين من نفس التيار ، فضلاً عن ظهور قائمة ذات أيدولوجية مختلفة ، أو أخرى معارضة ، ونحن هنا لا نشكك بالطبع فى نزاهة العملية الإجرائية للانتخابات ، فهى مازالت حتى اللحظة بعيدة عن عمليات التزوير ، ولكن نلفت الانتباه إلى سوء النظام الانتخابى الذى يمثل عائقاً أمام العديد من الأحزاب السياسية . 



كلمة أخيرة .. 

دائماً ما تحتاج الظروف الاستثنائية إلى عمل وجهد استثنائى ، وما يمر به وطننا من ظروف متشابكة ، أو يمر به العمل السياسى من ضغوط مختلفة ، يجب أن يمثل حافزاً للتواجد بكل قوة فى كل طريق مفتوح للإصلاح ، وتلبية الدعوة فى جميع مساراته ، نرفع شعار ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ) ، نحفظ وطننا ، ونعبر عن منهجنا ومرجعيتنا مهما كانت المعوقات ، لا نبتغى بذلك إلا وجه الله تعالى .