*وجعلناكم أمةً وسطًا*

وفاء الشحات

  • 523

لقد جاء ديننا الحنيف بشريعة وسطًا بعد تطرف اليهود وغلو النصارى، قال تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا" فالإسلام دينٌ وسطىٌّ بين مادية طغت على اليهود، ورهبانية طغت على النصارى.

فعندما جاء بعض من الصحابة وسألوا عن حال النبى صلى الله عليه وسلم وكأنهم تَقالُّوها؛ فقال الأول: إني أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: أصلي ولا أفتر، وقال الثالث: وأنا لا أتزوج النساء؛ دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "إني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وإني لأتزوج النساء، (فمن رغب عن سنتي فليس مني)".

وفي كتاب الله نجد الخوف والرجاء في قوله تعالى: "إن الله شديد العقاب"، "وإنه لغفور رحيم" فيتقلب المؤمن بين الخوف والرجاء.

وتجد أهل السنة وسطًا بين أهل الزيغ والضلال ما بين مُتشدد تَطَرَّف ومُتَسيِّب استهان.

وفي الأخلاق جعل الشرع حدًا إذا تجاوزته؛ صار عدوانًا، وإذا قصرت فيه صار مهانة.

فمدح الكرم وذم البخل والإسراف، مدح الشجاعة وذم الغضب والجبن، مدح الغيرة فإن زادت؛ صار ظنَّ سوءٍ، وإن قلَّتْ صارت دياثة، مدح التواضع وذم الكبر والخنوع.

حثنا على العمل للدنيا والآخرة معًا "فاعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا".

فشريعتنا نبراس حياتنا يجب أن تشمل جميع نواحيها؛ فلا للغلو في مدح من نحب لدرجة التقديس، كيف وأشرف الخلق صلى الله عليه وسلم قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله" فكيف بغيره؟!

 ولا نبالغ في كره أحدهم لدرجة الشيطنة، وبلغة العصر (البلوك)، "اِكْره عدوَّك هونًا ما عسى أن يكون صديقك يوم ما...".

وكلنا ذوو خطأ؛ فمن لم يخطئ قط ومن له الحسنى فقط.

لا لإدِّعاء المظلومية؛ فالحكمة تقول: لا تكن لينًا فتطوى ولا يابسًا فتكسر ولا حُلوًا فتؤكل ولا مرًا فَتُلفَظ.

وليكن شعارنا (إنما الدين المعاملة)، (وإنما الدين حسن الخلق).

ونعلي من قيم الوفاء والإخلاص والكرم والسماحة ولين الجانب وغيرها من أخلاق حثَّنا عليها الشرع.. فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت.