• الرئيسية
  • مأساة يعيشها كل بيت مصري.. الكتاب الخارجي السم الذي يجب تجرعه!

مأساة يعيشها كل بيت مصري.. الكتاب الخارجي السم الذي يجب تجرعه!

  • 152
صورة أرشيفية


الوضع المقلوب لا تصححه مجرد قرارت فقط
أولياء الأمور: التنازل عن الكتاب الخارجي ضياع لمستقبل أبنائنا
خبراء: العملية التعليمية شجرة تآكلت جذورها.. وطريقة الامتحان السبب في انهيار كتاب الوزارة.. والكتاب الخارجي كارثة حلت على رؤوس أبنائنا بفعل فاعل


الصراع المحتدم غير المتكافئ الدائر الآن بين الكتاب المدرسى الذى تطرحه وزارة التربية والتعليم لطلاب مختلف مراحل ما قبل التعليم الجامعى وبين الكتاب الخارجى، من الواضح أن المنافسة فى صالح الطرف الثانى.. الكتاب الخارجى الذى أصبح هم الأسر المصرية رقم واحد، والبحث عن وسيلة لتدبير اعتمادات إضافية لشراء الكتاب الخارجى الذى يزداد سعره يوما بعد يوم ليثار سؤال عريض هل تحول الكتاب الخارجى إلى معلم أساسى للعملية التعليمية لا يمكن الاستغناء عنه رغم إجماع الكل على أنه أحد أسباب انهيار التعليم فى مصر بمعنى أنه شر لا بد منه؟ ومن وما السبب وراء تمكين الكتاب الخارجى من اغتيال كتاب الوزارة جهارا نهارا بلا خجل؟ وهل من طريق لتصحيح الوضع المقلوب بإعادة كتاب الوزارة ليصبح الرافد الرئيسى لتعلم الطلاب؟
مرارة بديل الخارجي
فى البداية حاولنا الوقوف على مسببات تمسك أولياء الأمور بالكتاب الخارجى الذين لا يلينون ويعتبرون المسألة مسألة حياة أو موت، يقول عبد الحكيم عبده جاد "موظف"، لا يمكن أن أتخلف عن توفير الكتب الخارجية لابنتى مهما كلفنى ذلك من جهد ومال رغم محدودية دخلى ؛ فكتاب الوزارة لا يمكن أن يسد الفراغ الذى سيحدثه اختفاء الكتاب الخارجى، وفى نهاية الأمر ستكون النتيجة فشل ابنتى فى التعليم؛ وهو أمر لا يمكن لولى أمر عاقل أن يقبل .
محمد محمود محمد على "موظف"، يؤكد أن الكتاب الخارجى لا يمكن الاستغناء عنه مطلقا، وهذا ليس كلامى بل كلام المدرسين أنفسهم؛ فمعنى ذلك بذل الطالب لجهد يفوق قدرته، والفشل هو النتيجة الحتمية لاختفاء الكتاب الخارجى؛ لأن كتاب الوزارة يحتاج إلى جهد جهيد لفك لوغاريتماته وطلاسمه أولا قبل محاولة استيعابه وهضمه.
الوضع المقلوب
أراء الخبراء وعلماء التربية لم تختلف كثيرا عن رأى أولياء الأمور فى هذه القضية من حيث إن الكتاب الخارجى نتاج أخطاء تربوية تراكمية فى العملية التعليمية، ومن غير المتوقع تغيير هذا الواقع الخاطئ والمتراكم فى يوم وليلة وبقرارت إدارية فوقية لا يتبعها ممارسات تصحيحية على أرض الواقع تعيد الثقة المفقودة لجمهور المتعلمين.
يقول الدكتور مهدى سالم رئيس قسم المناهج والتدريس بتربية كفر الشيخ، التجاوزات الكثيرة فى إعداد وإخراج كتاب الوزارة بشكل منظم ودؤوب مقصودة لصالح شبكة منتفعين؛ فالأمر ما هو إلا تجارة أرباحها بالملايين.
ويرى الدكتور مهدى أن الحل وتصحيح المسار فى البداية بضرورة الوقوف على حجم التدمير الذى أصاب الكتاب الجامعى، ووجود عزيمة وإرادة صلبة لتصحيح الوضع المقلوب، ويمكن أن يكون ذلك بالوقوف على نقاط الجذب التى يحتويها الكتاب الخارجى، ومحاولة توفير هذه الميزات النسبية فى كتب الوزارة من خلال نخبة متميزة من العلماء المتخصصين؛ بحيث لا تخرج أهداف الكتاب المطلوب صياغته ليصبح المنافس الأقوى للكتاب الخارجى عن طريق تحديد إطار معرفى واضح للكتاب وتدريبات على مهارات معينة تتناسب مع طبيعة الطلاب وتشكيل وجدانيات محددة .
موت الشجرة
أكد د. محمود كامل الناقة أستاذ المناهج والتدريس بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريس، أن الكتاب الخارجى بدعة بالغة السوء تصل لحد الكارثة التى أصابت العملية التعليمية رغم أنها لا تعدو مجرد " لقمة عيش" ، لكنها دسمة والسبب فى ذلك هو الامتحانات وطريقة وضعها ليصبح هدف الطلاب هو فقط النجاح فى الامتحان وليس التعلم المفترض أنه الهدف الرئيس للعملية التعليمية؛ وبالتالى تم إفراغ العملية التعليمية من محتواها، فالامتحان لا يقيس التعلم وإنما يقيس ما تم استيعابه من الكتاب الخارجى المصمم خصيصا لاجتياز الامتحانات؛ بحيث يحتفظ الطالب بالمعلومات فترة زمنية قصيرة ليتم طردها فى الامتحان، ويحصل الطالب على الدرجات النهائية؛ فهذه الامتحانات ما هى إلا مسابقة والطلاب هم المتسابقون يلجأون لكل الحيل والوسائل والإجراءات للفوز فى هذه المسابقة، وعندما يحقق ذلك الكتاب الخارجى فيصبح هو المقصد؛ وحتى نعلى من شأن كتاب الوزارة يجب تعديل فكرة الامتحانات بحيث تصبح أداة لقياس ما تعلمه الطالب وعرفه وفهمه واستوعبه واحتفظ به احتفاظا دائما، مع قدرته على أن يستعيده ويوظفه، بل ويضيف إليه وأن يتحول الكتاب إلى وسيلة للتعلم وليس لاجتياز الامتحان كما هو الحال الآن لإفراز منتج تعليمى وليس منتج امتحانى يبرع فى إخراجه الكتاب الخارجى الذى أصبح فى المجتمع الآن مثل السجائر، الكل يعلم أنها آفة تضر ولا تفيد على الإطلاق، وحرمان المدخنين من السجائر قبل تعديل السلوكيات يمكن أن يدفعهم لعمل ثورة رغم أنها مضرة؛ لذلك القضية لا يمكن حلها بمجرد قرارات بالمنع، وإنما اجراءات لجعل كتاب الوزارة كتابا تعليميا جاذبا وليس طاردا، ووعاء تعليميا مثل هذا يحتاج لتفرغ وخبرات ووقت كافٍ للتأليف والإعداد، وتنظيم هذا الكتاب وتجريبه.
ثقة مفقودة
أشار د. إبراهيم المنوفى وكيل كلية التربية بجامعة كفر الشيخ، إلى أن السبب فى تراجع كتاب الوزارة واحتلال الكتاب الخارجى لمكانته، يرجع إلى أن هذه الحالة من فقدان الثقة فى العملية التعليمية من جمهور المتعلمين خاصة المدرسة كمؤسسة تعليمية، وأسلوب الامتحان الذى يعتمد على معيار الدرجات كمعيار وحيد، والذى أدى إلى هذا الواقع المرير من تفحل الدروس الخصوصية ومعها ظاهرة الكتب الخارجية التى صيغت بطريقة تحقق هدف الطالب الوحيد "وهو الحصول على الدرجات" .. والحل من وجهة نظر د. إبراهيم هو إعادة الثقة فى المؤسسة التعليمية، وبالتالي سيعود ارتباط الطالب بالمرسة ككيان وحيد للحصول على تعليمه، والبحث عن معايير إضافية بجانب معيار الدرجات فى الامتحانات، ويمكن فى هذا الإطار تخصيص جزء من هذه الدرجات للأنشطة التى يقوم بها الطالب كأعمال السنة، ووضع آلية معينة بحيث لا تستخدم هذه النسبة من الدرجات لإجبار الطلاب للحصول على الدروس الخصوصية، وفى نفس الاتجاه تحسين الأحوال المادية للمعلمين الذين بيدهم دفة المسيرة التعليمية، فرغم أن الكادر خطوة جيدة وبالغة الأهمية، إلا أنه لا بد أن يستتبعها خطوات.
الامتحانات السبب
قال د. محمد أمين المفتى، أستاذ المناهج والتدريس بتربية عين شمس وعميدها السابق، ينبغي علينا عندما نتناول هذه القضية أن نتفق على أن الهدف من العملية التعليمية هو تعليم النشء مجموعة من المعارف، وإكسابه مجموعة من المهارات والاتجاهات الموجهة وأساليب التفكير؛ وهذه أمور بديهية فى علم التربية، غير أن الواقع بكل أسف يقول إن الهدف من العملية التعليمية أصبح هو اجتياز الامتحان والحصول على أعلى الدرجات التى تؤهل الطلاب للالتحاق بالكليات التى يرغبونها. والكتاب الخارجى يحقق هذا الهدف بشكل أسهل وأيسر من كتاب الوزارة لأنه يعتمد ببساطة على كمية من التدريبات والأسئلة والتمارين التى تمكن الطالب من الحصول على ما يبتغيه من درجات؛ لذلك عندما نبحث عن الحل لا بد من إعادة النظر فى هذا الوزن الكبير للامتحان كوسيلة وطريقة وحيدة للالتحاق بالكليات، وأن يكون معيار التعلم هو المعيار الأول لالتحاق الطلاب بالجامعة، ولتغيير هذا المفهوم لدى الطلاب وأولياء أمورهم يحتاج الأمر جهدا ووقتا؛ حيث إن الأمر متعلق بتغيير مفاهيم وعقيدة رغم أنها خاطئة إلا أنها ترسخت على مدار سنين طوال فى أذهان الطالب وولى أمره والمعلم أيضا.
الكتب المساعدة
أوضحت د. كوثر كوجك عميد كلية التربية بجامعة حلوان سابقا، والتى تولت مسئولية إدارة مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية بوزارة التربية والتعليم فى فترة ليست بالبعيدة، أن التعليم أصبح مجرد عملية تجارية بحتة يتحكم فيها جشع بعض دور النشر، مع غياب ضمائر كثيرة وتغيير مفاهيم عديدة؛ كل ذلك أفرز الكتاب الخارجى الذى احتل هذه المكانة غير المنطقية فى العملية التعليمية، مشيرة إلى أن الأمر بدا منذ فترة على استيحاء بعمل كراسات وأنشطة للتلاميذ، ثم تحول شيئا فشيئا إلى الكتاب الخارجى بشكله الحالى، وساعد على ترسيخ هذه المكانة للكتاب الخارجى بشكل مباشر المعلمين وأولياء الأمور وطريقة وضع ، وانتشار ثقافة الـ " التيك أوى "، فولى الأمر لا يريد أن يبذل جهدا فى تعليم ابنه ومتابعته، والكتاب الخارجى ما هو إلا وجبة يبدو فى الظاهر جميل إلا أنه يمكن أن يحتوى على العديد من السموم؛ فهذا الكتاب المصيبة اختزل العملية التعليمية فى مجرد تدريبات لزوم اجتياز الامتحان الذى لا يقيس التفكير وإنما وضع ليتناسب تماما مع ما هو موجود من محتوى بالكتب الخارجية وعندما يتم وضع سؤال ما فى أحد الامتحانات يخاطب عقل الطالب تقوم الدنيا ولا تقعد.