ارتفاع الأسعار عرض مستمر.. اعتراف حكومي بالأزمة وجاري البحث عن حل

  • 88
الفتح - ارتفاع الأسعار

أقرت وزارة التموين بالارتفاع المتتابع في أسعار السلع والمنتجات، حيث جاء على لسان الوزير علي المصيلحي أن هناك ارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار، لكنه عزى ذلك إلى ما أسماه بـ"الحرب العالمية الثالثة" - يقصد الحرب الروسية الأوكرانية – وإلى ما تبع ذلك من ارتفاع في وسائل النقل والشحن العالمية.

وأمام مجلس النواب، قال المصيلحي إن السوق المصرية ليست بالنضج الكافي لاستيعاب بعض الضوابط الاقتصادية، موضحًا أن الحكومة لن تلجأ للتسعيرة الجبرية خلال الفترة الراهنة إذ أن ذلك يؤدي إلى اختفاء السلع من السوق.

وأوضح أن الحكومة لجأت لتلك السياسة في أزمات بعينها كأزمة السكر التي كانت قبل سنوات، وأزمة الخبز السياحي التي كانت قبل أشهر قليلة، لكنه يرى أن الحكومة لن تلجأ للتسعيرة الجبرية حاليًا.

بدوره، يرى الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع الأسعار في السوق المصري بهذا الشكل ليس السبب فيه الحرب الروسية الأوكرانية، موضحًا أن ذلك كان نتيجة لموجة التضخم التي تعانيها مصر قبل بداية العام وقبل بداية الحرب، حيث زادت الأسعار 10% قبل 22 فبراير الماضي.

وأشار النحاس في تصريحات لـ "الفتح" إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية لم تؤد إلى ارتفاع السلع بصورة مباشرة، بل أدت إلى ارتفاع أسعار الوقود نفسه، ومن ثم أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار وسائل النقل والشحن العالمية، وكذلك ارتفعت تكلفة تأمين تلك الشحنات، موضحًا أن هذه هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ارتفاع السلع.

ونفى الخبير الاقتصادي فكرة أن يكون حجم الغذاء الذي تمتلكه أوكرانيا هو السبب في ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى أن أوكرانيا لا تمتلك سوى 22 مليون طن من الغذاء فقط، وهي نسبة لا تساوي شيئًا بجانب ما تمتلكه دول العالم الأخرى، فالهند وحدها تمتلك 108 مليون طن غذائي، ومصر تستهلك 20 مليون طن غذائي سنويا.

وعن التحكم في معدل أسعار السلع الداخلية في مصر، يرى النحاس أن التسعيرة الجبرية ليست حلًا للتحكم في الأسعار، وأن تلك السياسة لا تصلح مع السوق المصري، مؤكدًا أن الحل الأمثل للتعامل مع تلك الأزمة هي تفعيل سياسة هامش الربح، بحيث يتم تحديد هامش ربح معين تتم إضافته إلى تكلفة السلعة أو المنتج، ومن ثم تحديد السعر النهائي للبيع.

ورفض الخبير الاقتصادي فكرة أن تتدخل الحكومة في سياسة العرض والطلب من خلال التسعيرة الجبرية، موضحًا أن السلع سواء تلك المصنعة أو المنتجة داخليا أو تلك المستوردة من الخارج هي معروفة التكاليف، ومن ثم يجب على الجهات الرقابية أن تفعل أدواتها من خلال تحديد سعر التكلفة مع تحديد هامش ربح يضاف إليها، ومن ثم نصل إلى سعر عادل يضمن هامش ربح للتاجر أو المصنع، ويضمن للمواطن سعرًا مناسبًا.

وهو ما أيده، خالد شعبان، عضو مجلس النواب السابق، الذي يرى أن الحل يكمن في تفعيل الأدوات الرقابية وتحديد هامش ربح للسلع والمنتجات، موضحًا أن أعتى الدول الرأسمالية التي تطبق النظام الرأسمالي البحت، لديها ما يسمى هامش ربح، موضحًا أن هامش الربح عبارة عن تكلفة السلعة أو المنتج بالإضافة إلى هامش ربح، شريطة ألا يزيد هامش الربح عن 30% خاصة في السلع الغذائية .

وأوضح شعبان في تصريحات لـ "الفتح" أن الأزمة لدينا أن الحكومة ليست لديها أدوات فعالة في السوق لمعرفة أو تقييم تكلفة السلعة ومعرفة هامش الربح المضاف، موضحًا أن هذا الخلل هو مشكلة وزارة التموين والجهات المسؤولة، ويجب أن تتحملها تلك الجهات وتسعى إلى تفعيل أدواتها.

ويرى البرلماني السابق أن ارتفاع الأسعار لم يرتبط بنقص مواد الغذاء إنما ارتبط بالتضخم وبارتفاع سعر الدولار، خاصة أن الميزان التجاري لدينا غير متساوٍ فالواردات أعلى بكثير من الصادرات، ومن ثم  شهدنا ارتفاعًا في أسعار السلع عمومًا والسلع المستوردة على وجه التحديد، لاسيما أن جزءا من هذه السلع متوفر بالفعل ولكن الناس لا تجد دولارًا كافيا لاستيرادها، موضحًا أن توفير الدولار مسؤولية الحكومة.

وأكد شعبان أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على جميع اقتصاديات العالم ولكن بنسب متفاوتة، موضحًا أن تحديد مدى التأثر يتوقف على مدى قوة الاقتصاد ونسبة التنمية الداخلية، مشيرًا إلى أن الاقتصاد المصري تأثر بشكل واضح وأن الغلاء وصل عندنا بنسب مرتفعة لأن اقتصادنا يعاني، بالإضافة إلى أنه لم يكن لدينا رؤية تتوقع حدوث أزمات كأزمة كورونا أو أزمة الحرب الحالية، فضلا عن أننا لم نمتلك حلولا للتعامل مع هذه الأزمات.

وشدد البرلماني السابق على ضرورة عمل الحكومة على إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية خارج الصندوق، وأن تكون هذه الحلول قادرة للتعامل مع الأزمة والتخفيف من ضررها أو تأثيرها، مجددا تأكيده على ضرورة الوصول لحلول جديدة بالصورة التي لا تجعل المواطن البسيط هو من يتحمل هذا العبء بمفرده.