تسريبات منسوبة لـ "المالكي" تصب الزيت على النار في أزمة العراق

  • 46
الفتح_ أرشيفية

تسريبات منسوبة لـ "المالكي" تصب الزيت على النار في أزمة العراق

تهديدات بإشعال الفوضى والاقتتال عبر ميليشيات خاصة.. والحرس الثوري يظهر في الصوت

فصل جديد من التصعيد بين قادة الفصائل الشيعية في العراق، بطله هذه المرة هي التسريبات الصوتية المنسوبة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، كالت للزعيم الصدري مقتدى الصدر سيلًا من الاتهامات بالفساد والجبن والعمالة، بينما أوقف زلزال التسريبات المساعي الرامية إلى تشكيل الحكومة الجديدة، بعد انسحاب التيار الصدري من مشاوراتها.

ونشر الناشط والصحافي العراقي، علي فاضل، المقيم في الولايات المتحدة، خمسة أجزاء من التسريب الصوتي، تناول فيه جملة قضايا، أبرزها علاقة المالكي بالتيار الصدري، وقد أظهر المالكي عداءً شديدا للصدر وتياره، ونعته الصدر بالـقاتل وتياره بالفاسد.

 كما اتهم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بأنه سعى إلى ضرب الشيعة، عبر احتضان النازحين من السنة، وكذلك قياداتهم، كما شن هجوماً لاذعاً على غالبية القيادات السنية، واصفاً إياهم بالحاقدين عليه وعلى الدولة العراقية ومؤسساتها.  

كما اتهم الصدر بشق الصف الشيعي لصالح السنّة والأكراد، متوعدا باستخدام قوات عسكرية خاصة تابعة له، لحماية المذهب الشيعي من الضياع.

كما شن المالكي خلال هذه التسريبات هجوماً على أنصار التيار الصدري ووصفهم بالجبناء، متهماً إياهم بقتل القيادي في "عصائب أهل الحق" وسام العلياوي في نوفمبر 2019. 

المالكي ينفي

من جهته، نفى المالكي صحة التسريبات الصوتية المنسوبة إليه، ووصف في تغريدة على "تويتر" الحشد الشعبي بالأمل الكبير للعراق. 

كما أصدر المالكي بياناً ثانياً، قال فيه أبلغ تحذيري لكل إخواني في العملية السياسية من عمليات التزوير والتزييف واستخدام أجهزة التقنية الحديثة في نسبة تصريحات لي ولغيري.

أما حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه نوري المالكي، فدعا إلى عدم الانجرار وراء الفتنة من قبل الأجهزة السرية في الداخل والخارج ممن يطمعون لتحويل العراق إلى بؤرة صراع.

وحذر البيان، من أنه يرى في هذه الأيام بوادر فتنة تصب الزيت على النار من قبل المرجفين والمتربصين بشعبنا –على حد وصفه-، ومن قبل الأجهزة السرية في الداخل والخارج ممن يطمعون لتحويل العراق إلى بؤرة صراع من خلال تسريب واستراق إلكتروني دخل عليه التزييف والتزوير.

الصدر يرد بقسوة

في رده على التسجيلات، دعا الصدر عبر تويتر المالكي، إلى اعتزال السياسة وتسليم نفسه للقضاء.

وطالب الصدر بـإطفاء الفتنة من خلال استنكار مشترك من قبل قيادات الكتل المتحالفة معه من جهة، ومن قبل كبار عشيرته من جهة أخرى.

فيما تجهز المئات من أنصار الصدر للرد على الاتهامات التي طالت التيار بأكمله، عبر وصفهم في التسريبات بالجبناء وبالفاسدين، وهذا ما أشعل الغضب وسط الآلاف من أبناء التيار الصدري، خاصة مع تجذر العداوة بين الطرفين، منذ الاصطدام المسلح بين حكومة المالكي وجيش المهدي التابع للصدر في عام 2008، وهي المواجهات التي انتهت بهزيمة مذّلة للتيار الصدري. 

أمة الأخيار والاقتتال الداخلي

وفي تفاصيل التسريبات، جاء التسريب الخامس، وهو عبارة عن مناقشات مع ممثلي مجموعة شيعية ليست معروفة على نطاق واسع، تطلق على نفسها اسم "أمة الأخيار"، ومرجعهم الديني يدعى آية الله الميرزا. ويعرض قيادي في المجموعة يناديه رفيقه في التسجيل أبو حسن، على المالكي، الولاء والبيعة لإراقة الدماء في العراق بموافقة مراجع وقيادات وبها شرعية.

وفيما لم يعرف في الأوساط الشيعية عن مرجع ديني كبير له مجاميع قتالية، لكن أحاديث المالكي معهم على مدى ساعات تكشف عن وجود لهم في بعض الأوساط الشيعية في محافظات بوسط العراق وجنوبه.

وفي نصيحة كاشفة لموقعه على خط الاستقطاب الإيراني الداخلي، دعا المالكي قيادات الفصائل المسلحة إلى اتباع خط «الحرس الثوري» الإيراني، والابتعاد عن الاطلاعات (وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية).

مهاجمة النجف

وفي التسريب الرابع، حذر الصوت المنسوب للمالكي من "حالة اقتتال" ستكون مدفوعة من الصدر، وقال إنه لن يترك التشيع والعراق بيد الصدر، وأنه يعتقد أن الصدر سيهاجم المالكي بسبب التاريخ من الخلاف والصراع بينهما.

ورداً على سؤال أحد الحاضرين عن «الحشد الشعبي»، أجاب (الحشد) أمة الجبناء، ولكن نفكر بالحشد كغطاء لحركة العشائر العراقية. العراق قادم على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد إلا إذا استطعنا إسقاط توجهات الصدر والحلبوسي ومسعود.

القضاء يتدخل

ووسط هذا الجدل الدائر أعلن القضاء العراقي، فتح تحقيق في التسريبات المنسوبة إلى رئيس ائتلاف دولة القانون (المالكي).

وأوضح المركز الإعلامي في مجلس القضاء الأعلى بالعراق، أن محكمة تحقيق الكرخ تلقت طلبًا مقدمًا إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات.

عداء تاريخي

من جهته قال اللواء محمد عاصم شنشل، الخبير الأمني العراقي، إن حالة العداء التاريخية بين المالكي والصدر، مستمرة منذ اللحظة الأولى لوصول الميليشيات إلى حكم العراق، مع دبابة المحتل الأمريكي، لافتًا إلى أن المعارك بمجملها هي معارك استحواذ على السلطة والثروة والنفوذ، مشددًا على أن التسريبات الأخيرة تصب الزيت على نار العداء بين الطرفين، خاصة مع وصول البلاد إلى طريق مسدود في مشاورات تشكيل الحكومة الحالية. 

الولاء لإيران

وتساءل شنشل عن دلالة نشر هذه التسريبات في هذا التوقيت، بالتزامن حالة الاختراق الأمني الكبير في إيران، ومحاولات إيران إعادة ترتيب أوراقها الأمنية بالمتعلقة باختراق أجهزة استخبارات خارجية للحرس الثوري، وهو ما يشير إليه المالكي في التسريبات بأن على الجميع اتباع الحرس الثوري، بعيدا عن وزارة الاستخبارات التابعة للحكومة، منوها بأن هذه التسريبات ربما تحمل غسيلا لسمعة الحرس الثوري المخترق. مؤكدا على أن جميع الفصائل الشيعية في العراق تدين بالولاء لإيران، سواء كانت تتبع للحرس الثوري أو وزارة الاستخبارات. 

رسائل المالكي

كما شدد شنشل على أن تسريبات المالكي واضحة، في مسألة إبعاده عن السلطة، فالأمر سيتجه إلى مزيد من التصعيد والاقتتال عبر الفصائل والميليشيات التي تدين بالولاء لقادتها لا للعراق، منوها أنّ رسالة المالكي وصلت إلى الأطراف الداخلية والخارجية المشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة، وهي "لن أترك موقعي إلّا بالدم" خاصة مع امتلاكه ميليشيات تدين له بالولاء، وتجاهر بعداء التيار الصدري، الذي يشكل حجر الزاوية في عملية تشكيل الحكومة، خاصة مع امتلاكه العدد الأكبر من المقاعد في البرلمان العراقي الحالي. 

بداية الأزمة

يشار إلى أن البلاد غرقت منذ انتهاء الانتخابات النيابية الماضية في العاشر من أكتوبر 2021، في أزمة سياسية عجزت معها الأطراف السياسية الأساسية عن الاتفاق على انتخاب رئيس وتشكيل الحكومة المقبلة، بعد أن ادعت كل كتلة أن لديها الغالبية في البرلمان الذي يضم 329 نائباً.

وبسبب هذا الخلاف السياسي وعدم قدرة أي طرف على حسم الأمور رغم تصدر الزعيم الشيعي القوي، أخفق البرلمان 3 مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، متخطياً المهل التي ينص عليها الدستور.

وما تبعها خلال الشهور الفائتة من تقديم مبادرات، بين التيار الصدري وحلفائه، والإطار التنسيقي الشيعي الذي يتزعمه نوري المالكي. والتي انتهت جميعها بالفشل.