مجاعة ثالثة في الصومال.. الصغار يعيشون مأساة والموت يهدد مليون ونصف طفل

يونسيف: الأطفال يموتون.. الصومال أولى من التنافس في أوكرانيا

  • 104
الفتح - الصومال

الصومال بلد المجاعات المتكررة والوضع الغذائي والصحي المتدني، تعرض لثلاث مجاعات كبيرة تسببت في موت مئات الألاف ومعاناة الملايين، الأولى كانت عام 1992 ومات جرائها أكثر من 220 ألف، ومجاعة عام 2010 التي إستمرت عامين ومات على إثرها أكثر من 260 ألف شخص، والمجاعة الحالية عام 2022 والتي تشببها المنظمات الرسمية العالمية بمجاعة عام 2010 من حيث شدتها وخطرها على مدن وقرى الصومال.

والسبب الرئيسي في مجاعات الصومال المتكررة وخاصة المجاعة الحالية؛ توقف الأمطار في منطقة شرق وجنوب قارة إفريقيا وهذا بسبب التغيرات المناخية التي تجعل الأمطار تهطل بشدة في مناطق من العالم وتتوقف تمامًا في مناطق أخرى من العالم، وهو ما نشاهده اليوم حيث تهطل الأمطار بشدة في مناطق مثل السودان وباكستان وتتوقف تمامًا في دول مثل الصومال، ويتسبب ذلك في جفاف شديدة في الأنهار وندرة المياه وبالتالي انخفاض المحاصيل الزراعية أو ندرتها ما يتسبب في أزمة غذائية طاحنة، كما يتسبب توقف الأمطار والجفاف في موت الحيوانات وبالتالي ندرة الغذاء من الحيوانات وتوالي عدة أزمات مثل التصحر ونقص المياه النظيفة وبالتالي الجوع والفقر والأمراض والصراعات الداخلية.

وهذا ما حدث في الصومال حيث تسبب الجفاف الشديد لأربع سنوات متتالية في انخفاض شديد في المحاصيل الزراعية ومنسوب المياه ونفوق الماشية وتدني القدرة الشرائية لكثير من الصوماليين حتى بات الصومال يواجه كارثة غذائية وصحية تهدد ملايين المواطنين على رأسهم الأطفال دون سن السادسة ورغم بعض المساعدات إلا أنها لا تسد الحد الأدنى من حاجة الصوماليين من الغذاء.

وأعلن الرئيس الصومالي بداية يوليو 2022 دخول الصومال رسميًا في مجاعة، ووفقاً لتقارير يونيسف أن كافَّة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و 6 سنوات يعانون سوء تغذية  وأكدت أن مليون ونصف المليون طفل في الصومال يواجهون سوء تغذية حاد يمثل خطر شديد على حياتهم، وتقول اندبندنت إن خطر المجاعة في الصومال شديدة للغاية، مؤكدة أن الصوماليين يصلون مراكز توزيع المساعدات وهم في الرمق الأخير، وأن استمرار الجفاف للموسم الخامس يعني ارتفاع أعداد المهددين فعليًا بخطر المجاعة إلى أكثر من سبعة ملايين، وأشارت إلى ضرورة مساعدة الصومال دون التقيد بالتنافس الدولي في حرب أوكرانيا، قائلة: "الأطفال يموتون".

وفي ذلك السياق، قال غريب أبو الحسن عضو الهيئة العليا والمجلس الرئاسي لحزب النور، والباحث في علوم الإدارة، إنه منذ عام ١٩٩1 وبعد انهيار السلطة في الصومال لم تعرف الصومال الاستقرار، موضحًا أن انهيار الدول اسهل بكثير من بنائها، لافتًا إلى أن الصومال ‏تعاني من انهيار السلطة وسيطرت القاتل على ما تبقى من الدولة وانتشار جماعات التطرف و جماعات الجريمة.

وأوضح أبو الحسن في تصريحات لـ"الفتح"، أنه لا يوجد معاناة لم تتعرض لها هذه الدولة العربية المسلمة، مشيرًا إلى أن أول ما تعاني منه الصومال أبنائها لأنها تحت وطأة صراع قبلي، لافتًا إلى أن الصومال بها ٢٠ مليون فدان صالحة للزراعة لا يزرع منها سوى ١٪ فقط ولا يستطيع المزارعين حتى مع توفر المياه زرع هذه الأراضي الشاسعة بسبب غياب الأمن وانتشار العصابات والحواجز التي تجمع الاتاوات وهجرة المزارعين للمدن بحثًا عن الأمن والمساعدات التي تقدم أحيانًا من المجتمع الدولي.

وأكد الباحث أنه إذا ضربت الصومال موجات من الجفاف فإن الأزمة تتضاعف، موضحًا أنه كيف لدولة لا تستطيع توفير الحماية للمزارع ليستغل أمطار تنهمر عليه دون عناء وانهارت جارية أن تستعد عندما تقلع السماء عن خيرها، مضيفًا أن الصومال بالإساس متهالكة وأن الوضع سيسوء للغاية مع اشتداد المجاعة.

وأردف أبو الحسن أن توزيع المساعدات في حد ذاته يمثل خطورة بالغة بسبب غياب الأمن وانتشار الحواجز التي تنهب ٥٠٪ من تلك المساعدات المحدودة ‏ناهيك عن حركات التطرف التي تنهال ضربًا على أي سلطة تحاول أن تتماسك وسط تلك الدولة البائسة.

وشدد عضو الهيئة العليا لحزب النور، على أنه حوالي أربعة ملايين نسمة الآن تحت وطأة المجاعة والعدد مرشح للزيادة وقد يصل لعشرة ملايين بطن خاوية وأفواه مفتوحة ونظرة شاردة لمستقبل مجهول مما يحتم على الدول العربية والإسلامية تقديم يد العون العاجلة لإنقاذ إخوة الدين واللغة من هذه المعاناة و السعي الحثيث لبناء دولة ظلمها أبناؤها ومحاولة جمع الفرقاء على مائدة ومساعدة الصالحين من أبناء الصومال للانطلاق من قواعد مشتركة لبناء بلادهم.

وتعجب الباحث من أن الصومال بلد لها دين واحد يحثها على الوحدة والأخوة ونبذ الخلاف وارضاء ربها ولغة واحدة وتاريخ واحد ومعاناة واحدة يطول الصراع العبثي بها لهذا الحد، مؤكدًا أنه على الدول العربية والإسلامية تحمل مسئوليتها تجاه هذا الجزء الأصيل من جسد أمتنا من منطلق الأخوة الإسلامية والمصلحة لأن المرض إذا أصاب بعض الجسد يوشك أن يفتك بالجسد كله

وندد المهندس أحمد الشحات الباحث في الشئون السياسية، بالوضع الغذائي في الصومال والمجاعة التي تهدد الصوماليين خاصَّة الأطفال منهم، مضيفًا أنها أزمة إنسانية كبيرة ومعاناة تحتاج دعم دولي وعون حقيقي يناسب الأزمة من دول العالم، لافتًا إلى أن مأساة المجاعة في الصومال لا تحتمل أن يكون سلوك دول العالم برجماتيًا غير أخلاقي يزن الأمور بكفتين.

وأكد الباحث في الشأن السياسي في تصريحات لـ"الفتح"، أن العالم عليه التزام إنساني وأخلاقي تجاه ما يحدث من كوارث ونكبات لأي منطقة من مناطق العالم، لافتًا إلى أن هذا الالتزام للأسف الشديد نجد أن العالم يكيل فيه بمكيالين، مضيفًا أنه التزام نظري موجود على الورق وفي المواثيق ولكن عند التصديق والتطبيق لا توجه هذه المساعدات وهذه المعونات وهذا الدعم إلا لمن يريدون من الدول الغنية والدول الكبرى أو الدول التي يرضون عنها.

ونوه الباحث إلى أن ما يحدث في قارة إفريقيا من مجاعات زلازل وفيضانات وموجات وأوبئة، وكل هذه الأمور لا نجدها يتفاعل معها ولا ينتبه لها المجتمع الدولي ولا يشعر بها وكأن هؤلاء ليسوا بشرًا، مؤكدًا أن هذا للأسف الشديد ما عهدناه عن هذا المجتمع الذي لا يقيم العدل وإنما يقيم الاعتبارات للمصالح والأهواء.

وأوضح الشحات أن الغرب لم ولن يتخلص من عنصريته ولا من طائفيته، مضيفًا أن هذه المجاعات وموجات الجفاف وغيرها مهما بلغت من قوة وعنفوان وأثر مدمر على الانسان وعلى البيئة فإنهم يتجاهلونها وربما لا يذكرون عنها شيئًا.

وتابع الباحث: "أنه ليس من الإنسانية أن ندع دول العالم الثالث تئن جراء الكوارث وتعاني دون أن يقدم لهم أحد أيدي المساعدة، مشيرًا إلى ضرورة أن يعود الناس إلى ربهم ويتراجعوا عن تفريطهم في حق الله، موضحًا أن البلاء يحتاج إلى صبر ويحتاج إلى تضرع كما قال تعالى "فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا"، وأنه لابد أن يكون هناك نوع من أنواع الدعاء والرجوع الى الله تبارك وتعالى". 

وشدد الشحات على ضرورة أن تتوافر روح الأخوة بين المسلمين في مجاعة الصومال بما يتوافق مع قوله عز وجل "إنما المؤمنون أخوة فلابد أن يكون هناك مساعدات ولابد أن يكون هناك مد يد أيدي العون للصوماليين في محنتهم.

وقال الدكتور وائل سمير الكاتب والداعية الإسلامي، إن الوضع في الصومال هو فعلًا مجاعة قاسية تهدد حياة الملايين وهذا نتيجة التغير المناخي الذي تمر به عدة دول ويجب على المسلمين في شتى البقاع أن يساعدوا إخوانهم المستضعفين في الصومال وينقذوا أطفال المسلمين من الموت، مطالبًا المنظمات المنظمات الإسلامية أن تنتبه لهذه القضية وأن تحث الحكومات والمنظمات الاهلية على دعم هؤلاء المستضعفين.

وأكد الكاتب في تصريحات لـ"الفتح"، إنه يجب على الدول الإسلامية والعربية أن تساهم بما تستطيع من إعانة إخواننا الصوماليين للتغلب على المجاعة ودعوة المسلمين لمساعدتهم وأن ندعو لهم ونبين للعالم أزمتهم، مشيرًا إلى الرابطة الإيمانية والرابطة الأخوية بين المسلمين التي تُلزم بضرورة التحرك لدعم هذا الشعب المسلم و الوقوف بجواره وإنقاذ أطفاله من الموت جوعى.

وأشار وائل سمير إلى أن هطول الأمطار أو توقفها بيد الله، وأن التغيرات المناخية هي من آيات الله في كونه، مشيرًا إلى أهمية أن يعود المسلمين الى الله عز وجل ويستحضروا قدرته في تغيير الأرض وتغيير الأحوال، مضيفًا أن هذه الآيات نذر لنا جميعا أن نرجع لديننا ونتوب الى الله عز وجل.

وأكد الداعية الإسلامي أنه على المجتمع الدولي أن يقوم بدوره في دعم هؤلاء الذين يموتون جوعًا من المسلمين ومن المستضعفين في الصومال، خاصًة أن الصومال بلد يمر بأزمات كبيرة، ويجب علينا أن ندعو له ونهتم بنشر قضاياهم، وأن نبين ما يمرون به من أزمات وندعو لهم بظهر الغيب ونسأل الله أن يفرج كربهم وأن يرفع الغمة عن الصومال وكل بلاد المسلمين.