• الرئيسية
  • الشارع السياسي
  • باحث: الموقف السلفي الأصيل يعتمد في سياسته مِن الحكام على الموازنة بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووحدة الأمة واجتناب الفتن

باحث: الموقف السلفي الأصيل يعتمد في سياسته مِن الحكام على الموازنة بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووحدة الأمة واجتناب الفتن

  • 98
التوازن

قال شريف طه، الباحث الشرعي، إن الموقف السلفي الأصيل يعتمد في سياسته مِن الحكام على الموازنة بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحفاظ على وحدة الأمة، واجتماع كلمتها، واجتناب الفتن.

وأكد طه في منشور له عبر "فيس بوك" أن الخلل يحدث مِن تغليب أحد أطراف هذه الموازنة على الطرف الآخر، والنظر إلى جانب واحد فقط.

وضرب الداعية الإسلامي مثالا تطبيقيا من تعامل الحسن البصري -رحمه الله- مع الحجاج، موضحا أن الحسن البصري -رحمه الله- كان نموذجًا لهذه الموازنة المنضبطة؛ فهو قد عايش كثيرًا مِن الفتن التي حدثت في عصر بني أمية بسبب ولاية الحجاج، وما صاحبها من مظالم معروفة.

ولفت طه إلى أن أشهر هذه الفتن: كانت ثورة ابن الأشعث، فكان موقف الحسن ثابتًا من رفض هذه الثورات، وكان ينهى عن ذلك؛ إدراكًا لمآلاتها، وإدراكًا لموازين القوى التي كانت في صالح بني أمية، وليس خصومهم إلا أهل دين لا يصلحون للحكم، وليس معهم شوكة، أو أنهم أهل دنيا لا يختلفون عن بني أمية!

وتابع طه قائلا: هو مع كل هذا مبغض للحجاج وسيرته، حتى إنه لما مات خَرَّ ساجدًا وقال: "اللهم أنت أمته فاقطع عنا سنته، فإنه أتانا أخيفش، أعيمش، يمد بيد قصيرة البنان، والله ما عرق فيها غبار في سبيل الله، يرجل جمته، ويخطر في مشيته، ويصعد المنبر، فيهدِر حتى تفوته الصلاة؛ لا مِن الله يتقي، ولا مِن الناس يستحيي، فوقه الله وتحته مائة ألف أو يزيدون لا يقول له قائل: الصلاة أيها الأمير، هيهات! حال دون ذلك السيف والسوط".

وتابع: وأما منهجه الإصلاحي: فيعتمد على إصلاح المجتمع، والتوبة؛ ليرفع الله هذا البلاء، فعندما أفتى الحسن رجلًا بعدم جواز الخروج على الحجاج، قال له الرجل: "لقد كنت أعرفك سيئ القول في الحجاج غير راضٍ عن سيرته، فقال الحسن: وأيم الله إني اليوم لأسوأ فيه رأيًا، وأكثر عتبًا، وأشد ذمًّا، ولكن لتعلم -عافاك الله- أن جور الملوك نقمة من نقم الله -تعالى-، ونقم الله لا تلاقى بالسيوف، وإنما تتقى، وتستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة، والإقلاع عن الذنوب".

وأكد طه أن هذا لم يكن استسلامًا ولا هزيمة نفسية أو تواكلًا، بل هو إدراك حقيقي لموازين القوى، وتوجيه العامة لما ينفعهم، بدلًا من الانشغال بما لا يملكون التأثير فيه على وجه نافع.

وأفاد طه قائلا: انظر إلى حسن قراءته للواقع، وتقدير المواقف، فعن حماد بن زيد بن أبي التياح قال: "شهدت الحسن وسعيد بن أبي الحسن  حين أقبل ابن الأشعث، فكان الحسن ينهى عن الخروج على الحجاج، ويأمر بالكف، وكان سعيد بن أبي الحسن يحضض، فقال سعيد فيما يقول: ما ظنك بأهل الشام إذا لقيناهم غدًا؟ فقلنا: والله ما خلعنا أمير المؤمنين ولا نريد خلعه، ولكنا نقمنا عليه استعمال الحجّاج فاعزله عنا، فلما فرغ سعيد من كلامه تكلم الحسن، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إنه والله ما سلط الله عليكم الحجّاج إلا عقوبة فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف، ولكن عليكم السكينة والتضرع، وأما ما ذكرت من ظني بأهل الشام فإن ظني بهم أن لو جاءوا فألقمهم الحجاج دنياه لم يحملهم على أمر إلا ركبوه، هذا ظني به".

وبين طه أن العالم الفقيه هو مَن يتبصر عواقب الأمور، ومواضع الأقدام، ولا تستخفه حماسات أو عواطف الطائشين، ولو حسنت نواياهم؛ فالأمر كما قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وكم مِن مريدٍ للخير لن يصيبه!".