"كلكم راعٍ"

جهاد الصاوي

  • 34

يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، الأبناء نعمة وقرة عين وزينة، الأبناء إن صلحوا إنك أيها الأب لا تموت، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.

ابنك امتداد لك، ودور التربية دور مشترك وتكاملي بين الأب والأم؛ ونستطيع أن نشبه الأم في دورها العام ودورها الخاص في توثيق الرباط الأسري بالعمود الذي يُبنى عليه البيت، كيف به إن كان قويًا وكيف به إن كان ضعيفًا؟

صلاح الأم هو الأساس بعد توفيق الله، عبادتها وأخلاقها مع الله أولًا ثم مع من حولها، الأم الصالحة المؤدية لحق الله وحقوق العباد، قدوة لأبنائها وتعمل بما تقول هي أم ناجحة في تحقيق الترابط الأسري، معينة لأبنائها على البر وليس عائقًا لهم؛ فهي داعمة لهم في كل ما يرضي الله ورسوله، وتصدهم وتمنعهم عما يكرهه الله ورسوله.

وأيضًا كما أن للأم مسئوليتها أمام الله في تربية الأبناء على الأب أيضًا دور الرعاية والتربية؛ الرعاية هي الاهتمام والإنفاق في المعيشة والسكن والملبس والتعليم.

أما التربية وهي التوجيه وغرس قيم وأخلاق سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر، وللأسف يحدث في بعض البيوت أن الأب فقط يهتم خارج البيت ومهمته الإنفاق والتخطيط للمستقبل ويترك للأم أن تكون مهمتها داخل البيت، ويظن أن دوره دور رعاية فقط وهذا في الحقيقة غير صحيح.

الله سبحانه وتعالى يأمرنا رجالًا ونساء أن نهتم بتربية أبنائنا، وأن يكون لنا دور فعال داخل المنزل، هناك فرق بين أب حضوره وغيابه واحد، وبين أب إذا حضر له بصمة ودور فعال، يجب على الأب أن يعطي من وقته لأبنائه.

هناك دراسه أجراها "بول كالدريلا" في جامعة كامبيردج، كان يدرس فيها أثر اللعب والتنمية على التعليم وكيف للعب أن يؤثر في تنمية المهارات وعلى تعليم الطفل؛ قال فيها إن الطفل الذي يشارك والده في التعليم باللعب من عمر عام، يكون هذا الطفل أكثر اتزانًا نفسيًا من الأطفال الآخرين الذين لم يشاركهم آباؤهم التعليم واللعب.

ونحن لدينا المنهج النبوي ولنا في رسول الله أسوة حسنة فكان يدخل الحسن والحسين على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيضمهم إلى صدره ويقول: "أعيذكما بما عَوَذَ به إبراهيم بنيه إسماعيل وإسحاق، أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة" هذا اللين والرفق يربي أنفس سوية، يجب أن تكون صديقًا لابنك.

لاعب ولدك سبعاً، وصاحبه سبعاً، واضربه سبعاً، ثم اترك له الحبل على الغارب.

 أولادنا فلذة أكبادنا ومستقبل أمتنا والله لا نسعد إلا بأولاد صالحين صحت عقيدتهم وصح سلوكهم وكانوا عناصر في المجتمع بناءة وإيجابية ومعتدلة ومتوازنة، وهذه مهمة الأب والأم ومهمة المدارس والجامعات والإعلام ولا بد من إصلاح البيت والمدرسة، فلم يبق للمسلمين ورقة رابحة بين أيديهم إلا أبناءهم مستقبل هذه الأمة.

فلنتذكر أننا مسئولون أمام الله عن تنشئة هذا الجيل فلننظر على ماذا سينشأون.