محذرًا من موت الفجأة... داعية يوضح مخاطر الغفلة والسهو والنسيان

  • 20
الفتح - موت الفجأة

قال الدكتور علاء بكر، الكاتب والداعية الإسلامي، إن المراد بموت الفجأة: الموت الذي يداهم الإنسان فجأة فيرديه في لحظات، فلا يستطيع له دفعًا، ولا قبل خروج الروح تصرفًا، مضيفًا أنه ورد في الحديث: أن مَن علامات الساعة أن يكثر في الناس القتل في أيام هرج ومرج، وأن يكثر وقوع الزلازل والحوادث العنيفة آخر الزمان، فيكون حال الناس كحال يوم القيامة الذي قال الله -تعالى- في شأنه: (‌مَا ‌يَنْظُرُونَ ‌إِلَّا ‌صَيْحَةً ‌وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ . فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) (يس: 49-50)، وهذا يعني كثرة موت الفجأة، وهو ما نشاهده في زماننا يومًا بعد يوم.

وأضاف الداعية أن موت الفجأة قد يكون جماعيًّا يباغت جماعات من الناس معًا كما يقع في النوازل الشديدة، كما في الزلازل، وفي الانهيارات الأرضية، والخسف، وحوادث السيارات، وسقوط الطائرات، ونحو ذلك، وقد يكون موت الفجأة فرديًّا يباغت الشخص بمفرده نتيجة إصابة هذا الشخص فجأة بجلطة أو سكتة قلبية، أو توقف مفاجئ لنبض القلب.

وتابع: "ولما كانت الأعمال بالخواتيم، وأن المرء يبعث يوم القيامة على الحالة التي مات عليها في الدنيا من طاعة أو معصية، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (‌يُبْعَثُ ‌كُلُّ ‌عَبْدٍ ‌عَلَى ‌مَا ‌مَاتَ ‌عَلَيْهِ) (رواه مسلم)؛ يتبيَّن لنا خطورة أن يقع الإنسان في غفلة تطول أو تقصر، ويقترف فيها شيئًا من الآثام والذنوب؛ خاصة الكبائر، ويطول به وقت الذنب، ولا يستدركه باستغفار وتوبة، أو يعمل بعده عملًا صالحًا يذهب بسيئة هذا الذنب، فيصيبه موت الفجأة وهو على ذلك فيبعث على ما مات عليه؛ لذا كان من الخطورة بمكان في هذا الزمان أن تتمكَّن الغفلة من الإنسان، وكان من الحزم أن يتقيظ الإنسان لأعماله وأحواله، ويتنبه لنفسه فلا يجرفه تيار، ولا يستدرجه إمهال؛ لئلا تكون العاقبة وخيمة".

وأوضح أن المراد بالغفلة: الغفلة والسهو والنسيان كلها أمور متقاربة في المعنى لغة؛ فالغفلة: سهو من قلة تيقظ وتحفظ، وهي استتار الشيء في بعض الأحوال. وأغفل الشيء: تركه إهمالًا من غير نسيان، مضيفًا أن الغفلة أكثر ما تقال فيما تركته وحقه أن لا يترك، كما في قول يعقوب -عليه السلام- لإخوة يوسف -عليه السلام-: (‌إِنِّي ‌لَيَحْزُنُنِي ‌أَنْ ‌تَذْهَبُوا ‌بِهِ ‌وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يوسف: 13)، وكما في قوله -تعالى- للمؤمنين محذرًا لهم من الغفلة عن السلاح وقت الحرب: (‌وَدَّ ‌الَّذِينَ ‌كَفَرُوا ‌لَوْ ‌تَغْفُلُونَ ‌عَنْ ‌أَسْلِحَتِكُمْ ‌وَأَمْتِعَتِكُمْ ‌فَيَمِيلُونَ ‌عَلَيْكُمْ ‌مَيْلَةً ‌وَاحِدَةً) (النساء: 102)، وقال -تعالى-: (‌وَاقْتَرَبَ ‌الْوَعْدُ ‌الْحَقُّ ‌فَإِذَا ‌هِيَ ‌شَاخِصَةٌ ‌أَبْصَارُ ‌الَّذِينَ ‌كَفَرُوا ‌يَاوَيْلَنَا ‌قَدْ ‌كُنَّا ‌فِي ‌غَفْلَةٍ ‌مِنْ ‌هَذَا ‌بَلْ ‌كُنَّا ‌ظَالِمِينَ) (الأنبياء: 97).

واستطرد: "ومنه المغفل: مَن لا فطنة له، والغُفل (بضم الغين) مِن الرجال: مَن لم تحنكه التجارب، والسهو: ترك الشيء مع العلم به، سها عنه: تركه مع العلم به؛ فهو ساه وسهوان، فالسهو: الغفلة والذهول عن الشيء. ساهاه: غافله، وسهاه: جعله يسهو، غافله. والسهو أكثر ما يقال فيما فعلته ولم يكن حقه أن يفعل، أما النسيان: فهو فقدان مؤقت لما حفظه الذهن من صور أو كلام أو أفكار، وهو انحذاف ذكر الشيء عن القلب".

وكما جاء التحذير من الغفلة وبيان خطورتها على الإنسان في القرآن الكريم والسنة النبوية، فالتحذير والتحرز منها كان هدي السلف الصالح وصالحي الأمة، فعن أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- قال: "التهلكة هي: أن يذنب العبد ذنبًا ثم لا يعمل بعده خيرًا حتى يهلك".