محذرًا من بدع شهر رجب.. "داعية": لو كانت خيرًا لسبقنا إليها النبي ﷺ وأصحابه

"عبد المعبود": لا فضل لأي وقت على وقت آخر إلا ما فضله الشرع والعبادات توقيفية فلا يجوز فعل شيء منها إلا إذا ورد دليل عليه من الكتاب وصحيح السنة

  • 132
الفتح - الاشهر الحرم

قال المهندس صلاح عبد المعبود، الداعية الإسلامي: إن الله -سبحانه وتعالى- اختار الزمان، وأحب الزمان إلى الله الأشهر الحرم، وفضّلها -سبحانه وتعالى- على سائر الشهور، قال -تعالى-: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]، مشيرًا إلى أن الأشهر الحرم وردت في الآية مبهمة ولم تحدد أسماؤها، ثم جاءت السُنة بتحديدها، فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب في حجة الوداع، وقال في خطبته: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القَعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" [متفق عليه].

وأضاف "عبد المعبود" -في تصريحات خاصة لـ"الفتح"-: قال ابن كثير -رحمه الله-: وهذه الأشهر حرمها العرب في الجاهلية، وسبب تحريمهم ذي القعدة وذي الحجة ومحرم هو أداء شعيرة الحج، فكانوا يحرمون قبله شهرًا ليتمكنوا من السير إلى الحج، ويسمونه ذا القعدة؛ لقعودهم عن القتال فيه، ثم يحرمون ذا الحجة، وفيه أداء مناسكهم وأسواقهم، ثم يحرمون بعده شهرًا ليعودوا إلى ديارهم، وحرموا شهر رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار، فيأمن قاصد البيت الغارة فيه.

وتابع: وقد حذر الله -سبحانه وتعالى- من ظلم النفس في هذه الأشهر الأربعة بقوله: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}، قال قتادة: العمل الصالح أعظم أجرًا في الأشهر الحرم، والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا.

وحذر "عبد المعبود" من أن بعض الناس قد ابتدع بدعًا كثيرة في شهر رجب، بناءً على بعض الأحاديث الضعيفة التي لم تثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في رجب حديث، بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كلها كذب، وقال ابن حجر -رحمه الله-: لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة.

واستطرد: ولاشك أن لشهر رجب مكانة عند الله تبارك وتعالى، فهو أحد الأشهر الحرم التي كرَّمها الله -جل ذكره- في كتابه ونهى الناس عن الظلم فيها، لافتًا إلى أن ذلك لا يعني أنه يجوز تخصيصه بعبادة معينة دون غيره من الشهور؛ لأنه لم يثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم– شيء من ذلك، مضيفًا: وقد قرر العلماء أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصّصها بها الشرع لايجوز؛ لأنه لا فضل لأي وقت على وقت آخر إلا ما فضله الشرع، والعبادات توقيفية، فلا يجوز فعل شيء منها إلا إذا ورد دليل عليه من الكتاب وصحيح السنة.

وتابع الداعية الإسلامي: ومن البدع التي يفعلها بعض الناس، صلاة الرغائب، وتخصيص زيارة المقابر في رجب، ومن البدع أيضًا، الاحتفال بليلة السابع والعشرين منه، والتي يزعم بعضهم أنها ليلة الإسراء والمعراج، وكل ذلك بدعة لا يجوز، وليس له أصل في الشرع، مشيرًا إلى أن ليلة الإسراء والمعراج لم يثبت تعيين ليليتها، وحتى لو ثبت تعيين تلك الليلة لم يجزْ لنا أن نحتفل بها، ولا أنْ نُخصِّصها بشيء لم يشرعه الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولم يحتفل بها خلفاؤه الراشدون وبقية أصحابه -رضي الله عنهم-، ولو كان ذلك سنة لسبقونا إليه.