• الرئيسية
  • منوعات
  • آفاق دعوية
  • داعية إسلامي: القرآن أنتج نماذج بشرية حيّة وصلت إلى القمة في التربية والسلوك باعتمادهم على منهج ربهم في كل جوانب حياتهم

داعية إسلامي: القرآن أنتج نماذج بشرية حيّة وصلت إلى القمة في التربية والسلوك باعتمادهم على منهج ربهم في كل جوانب حياتهم

  • 48

قال الداعية الإسلامي سعيد السواح إلى أهمية مصاحبة القرآن وملازمته، قائلًا: إن الحياة تسري في القلب عند سماع القرآن، قال تعالى: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ"الزمر/23، فالقلب هو المكان الذي إذا نزل فيه القرآن ورسخ نفع.

أشار "السواح" إلى أن مصاحبة القرآن تُلزم صاحبه أن يعمل بما فيه - واستمع إلى ما قاله زياد بن لبيد رضي الله عنه، عن زياد بن لبيد رضي الله عنه قال: ذَكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ شيئًا ، فقالَ : ذاكَ عندَ أوانِ ذَهابِ العِلمِ، قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ يَذهبُ العلمُ ، ونحنُ نَقرأُ القرآنَ ، ونقرئُهُ أبناءَنا ، ويقرئُهُ أبناؤُنا أبناءَهُم إلى يومِ القيامةِ؟ قالَ : ثَكِلتكَ أمُّكَ زيادُ إن كُنتُ لأراكَ مِن أفقَهِ رجلٍ بالمدينةِ ، أوليسَ هذِهِ اليَهودُ، والنَّصارَى، يقرءونَ التَّوراةَ ، والإنجيلَ لا يعمَلونَ بشيءٍ مِمَّا فيهِما"بن ماجه/ك.الفتن/باب ذهاب القرآن والعلم، فضياع القرآن بعدم العمل به والانتفاع به حتى لو كان حافظًا ومتقناً لحروفه، فما نزل القرآن إلا من أجل العمل والتطبيق.

وأضاف "السواح" في مقال من سلسلة مقالات له بعنوان "المدارسة.. الدراسات القرآنية لآي السور المكية والمدنية.. الطريق إلى الربانية-: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما خرج عليهم "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ"مسلم.

تابع: إن القرآن يلقى صاحبه حين ينشق عنه قبره، يقول بريدة رضي الله عنه: كنتُ جالِسًا عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسمِعْتُهُ يقولُ: تعلَّمُوا البقرةَ فإنَّ أخْذَها بَرَكَةً وتَرْكَهَا حَسْرَةً ولَا يستطيعُها البطَلَةُ قال ثمَّ سَكَتَ ساعَةً ثمَّ قال تعلَّمُوا البقرةَ وآلَ عمرانَ فإنَّهما الزهراوانِ يُظِلَّانِ صاحِبَهما يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامتانِ أو غيابَتانِ أو فِرْقانِ من طيرٍ صوافٍّ وإنَّ القرآنَ يَلْقَى صاحِبَهُ يَومَ القيامةِ حينَ ينشقُّ عنه قبرُهُ كالرَّجلِ الشاحبِ فيقولُ هلْ تَعْرِفُنِي فيقولُ ما أعْرِفُكَ فيقولُ أنا صاحِبُكَ القرآنُ الذي أظمأتُكَ في الهواجرِ وأسْهَرْتُ ليلَكَ وإنَّ كلَّ تاجرٍ من وراءِ تجارتِهِ وإنكَ اليومَ من وراءِ كلِّ تجارَةٍ فيُعْطَى الملْكَ بيمينِهِ والخلدَ بشمالِهِ ويوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوَقَارِ ويُكْسَى والداه حلَّتَيْنِ لا تقومُ لهما الدُّنيا فيقولانِ بِمَ كُسِينَا هذا فيُقالُ بأخذِ ولدِكُما القرآنَ ثمَّ يقالُ اقرأْ واصْعَدْ في دَرَجِ الجنةِ وغُرَفِها فهو في صُعودٍ ما دامَ يقرأُ حدرًا كان أوْ تَرْتِيلًا" الإمام أحمد.

أشار الداعية الإسلامي إلى أن القرآن قد أنتج نماذج بشرية حية وصلت إلى القمة في التربية والسلوك وهؤلاء ما وصلوا إلى هذه المكانة الرفيعة والمنزلة العالية إلا باعتمادهم لمنهج ربهم يُحكّمونه في كل جوانب حياتهم، وهؤلاء أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ولإقامة الدين فعاشوا للقرآن وعاشوا بالقرآن فقرءوا الآيات ووعوا مدلولاتها وفهموا مراد ربهم المعبود الإله الحق من خلال قراءتهم فالتزموا ذلك في أعمالهم وأقوالهم وسلوكياتهم فكانوا لا ينتقلون من آية إلى أخرى إلا بعد العلم لما دلت عليه الآية التي بين أيديهم ثم العمل بمدلولها فتعلموا في آن واحد القرآن والعلم والعمل، وكان شاغلهم كيف الوصول لتحقيق رضا ربهم تعالى فأوصلهم الله تعالى لمرادهم لما أخلصوا وجهتهم لربهم المعبود.

وتابع: قال تعالى: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً"الفتح/18-19.

وقال تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"التوبة/100.

واصل حديثه قائلًا: لقد وصفهم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيمًا"الفتح/29.

أضاف السواح أن القرآن هو الطريق إلى الربانية، لقوله تعالى: "وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ"آل عمران/79، وقال صلى الله عليه وسلم:"وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ" مسلم.

وأرشد السواح إلى أن هذه هي التجارة التي لا تبور، "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ" فاطر/29-30.ط، وعليه المطلوب في كلمة وجيزة جامعة، قال تعالى: "فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ"الزخرف/43-44.