سوناك في أوكرانيا لتجديد عهود الدعم الغربي

خبراء: بريطانيا رأس الحربة الأمريكية لاستمرار القطب الأوحد

  • 12
الفتح - سوناك وزيلينسكي


لا تزال بريطانيا تؤدي دور العراب الأمريكي في العديد من سياساتها الخارجية سواء في مناطق النفوذ أو الصراع على حد سواء؛ فمنذ أيام قلائل زار ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني أوكرانيا، والتقى رئيسها ووقعا اتفاقية تعاون أمني، مع وعود بزيادة المساعدات العسكرية من طائرات مسيرة وخلافه، بجانب وعود سوناك بزيادة دعم بلاده في السنة المالية المقبلة إلى 2.5 مليار جنيه إسترليني (3.19 مليارات دولار)؛ أي بزيادة قيمتها 200 مليون جنيه إسترليني عن العامين الماضيين.



وعلى الجانب الآخر، حذرت روسيا على لسان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف، من عواقب نشر جنود بريطانيين في أوكرانيا، مؤكدًا أنه "سيكون بمثابة إعلان حرب"، لتثار تساؤلات عن مدى تأثير الزيارة لا سيما في ضوء الأوضاع الإقليمية والعالمية الملتهبة؟


في هذا الصدد، قال يحيى الصافي، الباحث السياسي، بلا شك أن بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية وغياب شمس إمبراطوريتها لتشرق في الولايات المتحدة الأمريكية ولتصبح لندن تابعةً لواشنطن، وهي أول دولة في أوروبا تسارع في التوافق مع السياسة الأمريكية، بل تعدى الأمر أن تستخدمها أمريكا في بسط رؤيتها الخاصة للنظام العالمي ذي القطب الواحد؛ فما زالت واشنطن توعز للندن حتى أخرجتها من الاتحاد الأوروبي، ومن قبل حضتها ألا تكون موجودة في اتفاق "العملة الموحدة".


وأضاف الصافي لـ "الفتح": ها هي الآن تستخدم بريطانيا لتكون رأس الحربة في حلف "الناتو"؛ فهي تخرجها من الاتحاد الأوروبي لإضعاف قوة عظمى منافسة لها، ولكنها ترضى أن تكون أوروبا جيشَ دفاعٍ تحارب به عالمًا متعددَ الأقطاب يتشكل في الأفق، وأولهم الجار الأوروبي وهو روسيا الاتحادية.


وأردف أنه إذ مُهد الطريق لتفكيك العلاقة بين أمريكا وبريطانيا؛ حينذاك نعلم لماذا تتصدر بريطانيا دعم أوكرانيا بهذا الثقل، وقد تم ذلك بعد فتور دعم الدول الأوروبية "حلفاء الناتو" لأوكرانيا بسبب كلفته. متابعًا: إذن هو الدور الوظيفي العالمي الذي تحرك به الولايات المتحدة دول الاتحاد الأوروبي الذي هو بمثابة الصديق المنافس للقطب الأوحد أمريكا؛ لتضرب به المنافس الجديد -روسيا- والمزاحم لها على قمة النسق العالمي، وحتى تحافظ أمريكا على توازن الضعفاء الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية معًا لتنفرد بقمة النسق العالمي وحدها بلا منازع من صديق منافس محتمل أو عدو مناوئ محتمل، ورأس حربة الاستخدام الوظيفي العالمي هذا من قبل الولايات المتحدة هي بريطانيا.


في حين يرى الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه بكل تأكيد زيارة سوناك لكييف تمس زيارته لتل أبيب؛ فقد رأينا أنه هبط خلال تلك الزيارة من المكان المخصص للمعدات العسكرية، ويوجد أمر غير تقليدي لزيارة مسؤولين على مستوى عالٍ كرئيس وزراء أو رئيس جمهورية أو غيره إلى دولة أخرى؛ وهذا له دلالة كبرى فبريطانيا العراب الخاص للولايات المتحدة الأمريكية في الكثير جدا من مناطق الصراع والنفوذ؛ فطبيعي أن تكون تلك الزيارة لأوكرانيا محملة بـ200 مليون جنيه إسترليني ويجري الحديث عن المدد العسكري وسير المعركة.


وأضاف غباشي لـ "الفتح" أن لندن دائمًا في صف واشنطن، وأمريكا لعبت الدور الرئيس في سحب بريطانيا من اتفاقية "بريكست" الاتحاد الأوروبي (السوق الأوروبية الموحدة)، وكانت المحرض الرئيس على هذا القرار، وكونت هي وإنجلترا وأستراليا تحالف "إيكواس" في مواجهة الروس والصين وكوريا الشمالية؛ فتلك الزيارة تأكيد لمبدأ التحريض على هذا الصراع.


وتابع أن الاتفاق الأمني بين لندن وكييف ووجود قوات بريطانية داخل أوكرانيا لن يتقبله الروس بسهولة، ومعلوم لأمريكا وبريطانيا أن أوكرانيا هبة السماء للروس ومن الصعب تخليهم عنها، وأن موسكو تسير وفق نمط ممنهج مدروس داخل الساحة الأوكرانية، مثل ضم شبه جزيرة القرم، وإعلان لوهانسيك ودونيتسك جمهوريتين مستقلتين، والسيطرة على خيرسون وزابوريجيا والأماكن ذات الطبيعة الاستراتيجية داخل أوكرانيا؛ ما يؤكد استحالة تخلي روسيا عن أوكرانيا مهما بلغت حدة هذا الصراع؛ فـ(أوكرانيا، بيلاروسيا، جورجيا) مناطق استراتيجية للروس.


وأشار إلى أن ورقة الدعم الأوكراني ستؤثر في السباق الرئاسي الأمريكي لكن الأكثر تأثيرًا هو الصراع داخل غزة؛ لأن حجم تأثيره بالغ الأهمية داخل أروقة السياسة الأمريكية وفي الشعب الأمريكي نفسه؛ فقد شاهدنا المظاهرات التي ذهبت إلى منزلي بايدن وبلينكن، والدعاية التي ينفذها بايدن في بعض الأماكن والاعتراضات الكبيرة التي يبديها العديد من الحاضرين والحديث عن ضرورة وقف إطلاق النار؛ فصراع غزة الورقة الأهم داخل سباق الرئاسة الأمريكي نظرًا لارتباطها باللوبي اليهودي داخل أمريكا وتعاطف الشعب الأمريكي مع المواطن الفلسطيني خصوصًا مع حالة الدمار المروعة التي يعيشونها الآن.