مأساة المسلمين الروهينجا تتضاعف بين عدوان الجيش البورمي وظروف إنسانية قاسية في بنجلاديش

  • 32
الفتح - المسلمين الروهينجا

أكدت مفوضية شؤون اللاجئين أن المسلمين الروهينجا يتعرضون لمخاطر كبيرة عبر رحلات الفرار من ميانمار التي يقوم بها ألاف اليائيسين سنويًا ويلقون حتفهم أو يُفقدون أثناء قيامهم برحلات محفوفة بالمخاطر بالقوارب في بحر أندامان وخليج البنغال، ووفق المفوضية الأممية كان العام الماضي قد شهد أكبر عدد من القتلى والمفقودين في البحر من الروهينجا منذ عام 2014، حيث بلغ نحو 569 شخصًا، فيما قام ما يقرب من 4500 شخص برحلات مميتة.

وأوضح المتحدث باسم المفوضية، ماثيو سالتمارش، إن الناجين رووا روايات مروعة عن سوء المعاملة والاستغلال أثناء الرحلة، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، وأضاف: "تشير التقديرات إلى أن واحداً من الروهينجا قد لقي حتفه أو اختفى من بين كل ثمانية أشخاص حاولوا القيام بالرحلة في عام 2023، وهو ما يجعل بحر أندامان وخليج البنغال أحد أكثر المناطق المائية فتكاً في العالم"، وأن ما يقرب من ثلثي أولئك الذين قاموا بهذه الرحلات كانوا من الأطفال والنساء وأنهم غادروا من بنجلاديش، و من ميانمار، مضيفا أن ما يقرب من مائتين من الروهينجا قد يكونون قد لقوا حتفهم في حادث واحد في نوفمبر بعدما وردت أنباء تفيد بغرق قاربهم في بحر أندامان، مشددًا على ضرورة التحرك لإنقاذهم حتى لا يموت المزيد والمزيد من الأشخاص البائسين تحت أنظار العديد من الدول الساحلية في غياب عمليات إنقاذ في الوقت المناسب وإنزال إلى أقرب مكان آمن.

ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع وقوع مآس في المستقبل، وشدد على أن إنقاذ الأرواح والمنكوبين في البحر ضرورة إنسانية وواجب راسخ بموجب القانون البحري الدولي، مع أهمية معالجة الأسباب الجذرية لهذه التحركات البحرية، بما في ذلك من خلال تعزيز الحلول وسبل الاعتماد على الذات للاجئين الروهينجا، وذلك لتوفير الأمل لهم وتجنيبهم الاضطرار للقيام برحلات تشوبها المخاطر على متن القوارب.

ويقول مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك إنه بعد مرور ثلاث سنوات على قيام الجيش بالانقلاب في ميانمار، فإن أزمة حقوق الإنسان المتدهورة باستمرار هناك أصبحت الآن في "حالة سقوط حر"، مع عدم إيلاء اهتمام عالمي كاف لبؤس وألم شعبها، وشدد تورك على أنه منذ نهاية أكتوبر الماضي، تدهور وضع شعب ميانمار بشكل أكبر "نتيجة للتكتيكات الراسخة التي اتبعها الجيش لاستهدافهم"، وأدت إلى نزوح جماعي وإصابات في صفوف المدنيين، مشيرًا إلى قتل أكثر من 1600 روهينجي مسلم على يد الجيش، واعتقال ما يقرب من 26,000 شخص لأسباب سياسية، وأنه لا يزال 19,973 منهم رهن الاحتجاز، وتعرض بعضهم للتعذيب والانتهاكات، دون أمل في محاكمة عادلة. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، توفي حوالي 1576 شخصا أثناء احتجازهم من قِبل الجيش.

وشدد تورك على أنه يتعين على المسلحين في ميانمار وعلى رأسهم الجيش البورمي، أن تحرص باستمرار على حماية المدنيين واتخاذ التدابير الممكنة لحماية السكان وليس قصفهم، وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنه يجب على المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لمحاسبة الجيش، مشددا على أنه "لن يتم حل هذه الأزمة إلا من خلال الإصرار على مساءلة قيادة الجيش، وإطلاق سراح السجناء السياسيين واستعادة الحكم المدني".

وحث تورك جميع الدول الأعضاء على اتخاذ التدابير المناسبة لمعالجة هذه الأزمة، بما في ذلك النظر في فرض المزيد من العقوبات على العسكريين لتقييد قدرتهم على ارتكاب انتهاكات خطيرة وتجاهل القانون الدولي، مما يحد من الوصول إلى الأسلحة ووقود الطائرات والعملة الأجنبية.

وتخضع ميانمار للحكم العسكري منذ انقلاب عام 2021، ولم يبد المجلس العسكري رغبة في استعادة الروهينجا الذين يُنظر إليهم منذ فترة طويلة على أنهم دخلاء أجانب ويُحرمون من الجنسية ويتعرضون لانتهاكات وتعذيب واعتقالات وأعمال قتل وحشية، ونظراً للظروف القاسية في مخيمات بنجلاديش وفقدان الأمل في العودة إلى ميانمار أو إعادة التوطين يجد العديد من الروهينجا أنفسهم مضطرين إلى ركوب الزوارق والسعي لحياة جديدة في بلدان أخرى.


ونظراً للظروف القاسية في المخيمات وفقدان الأمل في العودة إلى ميانمار أو إعادة التوطين يجد العديد من الروهينجا أنفسهم مضطرين إلى ركوب الزوارق والسعي لحياة جديدة في بلدان أخرى، ويذكر أن المسلمين الروهينجا الذين يعيشون في إقليم راخين -أراكان سابقًا- في ميانمار يتعرضون لأشد وأقسى أنواع العدوان والتعذيب والاضطهاد والتنكيل والقتل، ولذلك يهرب من يجد الفرصة عبر قوارب في البحر إلى بنجلاديش، وخلال الرحلات يفقد الهاربون من الموت والتعذيب على يد حكومة وجيش ميانمار زوييهم إما موتًا بسبب البرد أو الجوع والمرض والاستغلال وسوء المعاملة أو بسبب الغرق.

ويذكر أن كل هذه الانتهاكات تمثل القليل مقارنة بالعدوان على المسلمين في إقليم راخين في ميانمار والتعذيب الوحشي الذي يتعرضون له منذ سنوات وأرغم ملايين منهم على الفرار في رحلات غير أمنة إلى الدول المجاورة هربًا من ويلات الجيش، ما أدى إلى وفاة وغرق الألاف منهم، ويعيش أكثر من مليون من الروهينجا القادمين من ميانمار في مخيمات مصنوعة من الخيزران والبلاستيك في منطقة كوكس بازار على حدود بنجلاديش.