موضحًا العلاقة بينهما.. "داعية" يعدد فضائل الصيام الروحية والجسدية لصحة الإنسان

  • 28
الفتح - الصيام وصحة الإنسان

قال الدكتور علاء بكر الداعية الإسلامي: الصيام عبادة قديمة فَرَضَها الله تعالى على الأمم السابقة، أدَّاها مَن سبقنا مِن الرسل والنبيين، ومَن سار على نهجهم مِن اتباعهم المؤمنين الصالحين، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة: 183]، ومع أن الصيام عبادة محضة لله تعالى أمر بها ورتَّب عليها الثواب الجزيل، وجعل للصائمين بابًا في الجنة لا يدخل منه إلا أهل الصيام، يُنادَى عليهم منه، فإذا دخلوا أغلق دونهم فلا يدخل منه غيرهم، إلا أنه مما لا شك فيه أيضًا: أن للصيام فوائد بدنية ونفسية كثيرة وعظيمة ينالها أهل الصيام إذا أحسنوا صومهم، والتزموا بما ينبغي عليهم فيه، بل يعتبر الأطباءُ الصيامَ مدرسة لتقوية وتنشيط البدن، ومستشفى لعلاج العديد من الأمراض.

وأضاف "بكر" -في مقال له بعنوان "سلامة الأبدان في كمال الصيام (1)" نشرته جريدة الفتح-: ومع التسليم بأن حديث: "صوموا تصحوا" لا يصح؛ فإن معناه صحيح، داخل في عموم قوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم}، وليس غريبًا أو جديدًا على الأسماع أن هناك في عالمنا الكثير من الكائنات الحية من غير البشر، تمارس صورًا من الصيام في حياتها وبصفة دورية، ولا تستغنَى عنه، بل جبلت وفطرت على ذلك؛ فهو غريزة فيها تجد فيه صلاحها ومنفعتها.  


حاجة الكائنات إلى الصيام

وأشار إلى أن فصل الشتاء تنخفض الحرارة ويقل الغذاء، فتمارس أنواعٌ من الكائنات الحية صومًا اختياريًّا، فتسكن بعض الحيوانات في جحورها بضعة أسابيع أو بضعة شهور تمتنع أو تقلل فيها من الحركة وتناول الطعام، ومن أشهرها: "الدب القطبي" الذي ينام ساكنًا قرابة خمسة أشهر مِن كل عام، ومنها: أسماك تدفن نفسها في قاع الماء الذي تعيش فيه لمدة زمنية، ومنها: برمائيات تدفن نفسها في الطين أو الرمل في فترة الشتاء، ومن أشهرها: الضفادع في بياتها الشتوي، وتصوم أنواع عديدة من الأسماك والطيور المهاجرة خلال فترة هجرتها إلى أماكن التزاوج و الدفء، وهناك حشرات تمر بمرحلة من التحوصل أو التشرنق بدون طعام أو حراك.

وتابع "بكر": والعجيب أن هذه الكائنات على اختلافها تعود -أو تخرج- بعد مدة صيامها تلك، وقد أصبحت أكثر حيوية ونشاطًا؛ فالدببة تخرج من بياتها الشتوي أقل وزنًا وأكثر نشاطًا، وأسرع حركة، والضفادع تخرج من بياتها لتملأ الدنيا انتشارًا ونقيقًا، والطيور المهاجرة ترجع أكثر نشاطًا وصداحًا، والحشرات تخرج من بياتها على صورة فراشات رشيقة تطير في الهواء.


تأثير الصيام على صحة الإنسان 

وأوضح: ومن المعلوم أن الجسم يقوم بإحراق المواد الغذائية المهضومة؛ للحصول على الطاقة اللازمة للحركة والعمل، وينتج عن هذا الاحتراق ذرات حرة من الأكسجين لها تأثير سيئ على جدران الخلايا وعلى الدهون في الجسم؛ إذ تسبب الكثير من الأمراض، وتبدي مظاهر الشيخوخة خاصة التجاعيد.

وأضاف "بكر": ويزيد الأمر سوءًا أننا صرنا نأكل يوميًّا كميات كبيرة من أطعمة أغلبها دسمة مليئة بالدهون والمقليات، والحوادق والتوابل، ونتعرض إلى كميات ليست بالقليلة من الملوثات في الخضروات والفواكه بتأثير المبيدات والأسمدة، إلى جانب تلوث الهواء عبر أدخنة المصانع والشركات، وعوادم المركبات المتنوعة، والسيارات ووسائل النقل المختلفة، بل وتلوث مياه الشرب نتيجة إلى تزايد تلوث مصادرها.

وأردف: يقوم الجهاز الهضمي للإنسان يوميًّا، ولساعات طويلة بعمليات الهضم والامتصاص والإفراز، بدءًا من طحن الطعام في الفم، ونقله وتحريكه حتى إخراج فضلاته، وعمليات الهضم والتمثيل الغذائي لكل هذه المواد تستهلك جزءًا كبيرًا من طاقة الكبد الذي يلعب دورًا كبيرًا في مقاومة الأمراض من خلال تطهير الجسم من السموم الضارة من خلال معادلة سميتها وتسهيل عمليات إخراجها من الجسم حفاظًا عليه من أضرارها المدمرة.

واصل "بكر" حديثه: وتتسبب الأطعمة كثيرة الأملاح والكوليسترول في زيادة ضغط الدم في الشرايين، كما أن للإكثار من تناول المنبهات: كالشاي والقهوة تأثيره أيضًا على الشرايين، ويحدث اضطرابات في ضربات القلب، ولا ننسى أن الإكثار من الطعام عامة يسبب البدانة والسمنة بكل ما تجلبه من أمراض ومضاعفات سيئة على البدن، كما أن الإكثار من السكريات والنشويات يضر البدن عادة، ويضر مرضى السكر خاصة، ويزيد كذلك من العبء والحمل الملقى على البدن عامة وعلى البنكرياس خاصة.   


كيفية تحصيل فوائد الصيام 

وأكد الداعية الإسلامي أن ما ذكره الكثيرون حول فوائد ومنافع الصيام للأبدان؛ السليمة منها والسقيمة، كل بحسبه- فإننا ننبه على: أن كمالَ هذه الاستفادة مرهون بكمال هذا الصيام، وكمال ما جاء في الإسلام من أحكام وآداب تناول الطعام عامة، وأحكام وآداب الصيام خاصة؛ لذا فعلى كل صائم أن يعلم أن صلاحه الدنيوي والديني هو في التزامه في صيامه بما جاء في الكتاب والسنة في هذا الشأن، مع الاقتداء في ذلك بما ورد من هديه صلى الله عليه وسلم في كل ما يتعلق بهذا الموضوع جملة وتفصيلًا؛ فخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم -رحمه الله- "وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة، وحمايتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة له من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات".