عاجل

منها تقديم محبته واتباع سنته.. "داعية" يؤكد وجوب محبة النبي ﷺ ويوضح صور الوفاء له

  • 35
الفتح - الوفاء للنبي صلى الله عليه وسلم

قال الداعية الإسلامي حسن حسونة: مِن المعروف لدينا جميعًا أن الخير الذي نحن فيه سببه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فله في رقبة كل مسلم ومسلمة دين لابد الوفاء به؛ إذ بسببه أخرجنا الله من غيابات الشرك والظلم إلى نور التوحيد والعدل ببعثته -عليه الصلاة والسلام-، أخرجنا الله من طرق الغواية والإضلال التي وضعها إبليس لإضلال الناس التي توصلهم إلى النار إلى صراط الله المستقيم الموصِّل إلى جنة الله، وقد بيَّن لنا هذا السبيل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]، وقال الله عن ذلك السبيل: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6-7].

وأضاف "حسونة" -في مقال له بعنوان "أنواع الوفاء" نشرته جريدة الفتح-: فعهده علينا عظيم، ودينه عندنا كبير، ويكون الوفاء به بمحبته وإجلاله وتعظيمه، والحذر كل الحذر من مناكبة سبيله وطريقه؛ لأن طريقه هو الموصِّل إلى النجاة، سبيله هو السبيل الذي يصل مِن خلاله العبد إلى الله.

وأشار إلى أنه قد حَذَّر رب العزة -سبحانه- من تقديم محبة أمر من أمور الدنيا على محبة الله ورسوله، فقال: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]، ولا شك أنه وعيد شديد على مَن قَدَّم محبة هذه الأمور بأن شغلته عن الغاية التي من أجلها خُلق.


تأكيد وجوب محبة النبي

وتابع "حسونة": والنبي -صلى الله عليه وسلم- يؤكد قاعدة المحبة في حديثه: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" [متفق عليه]، حتى مِن نفسه التي بين جنبيه، فقد قال عمر -رضي الله عنه- في ذات يوم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ"، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الآنَ يَا عُمَرُ" [رواه البخاري].


صور الوفاء للنبي ﷺ

وأوضح أن مِن الوفاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اتباع سنته واقتفاء أثره، والعض عليها بالنواجذ، فقد كان مِن الصحابة مَن يتحرى الأماكن التي كان يصلي فيها، وبعضهم يضع قدمه في المكان الذي يضع فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وابن عمر يتحري أركان الكعبة التي كان يمسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا فعل أحدهم أمرًا فسأله مَن بحضرته: لماذا فعلت؟ يقول: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله. فحتى في المباحات في الطعام والشراب، لما رأى أنس حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للدباء قال: فما زالت هذه طعمتي، -والدباء هو القرع-. ونتعجب في أيامنا من البعض ممَّن يلمزون سنته، ويهمزون المقتدين به -عليه الصلاة والسلام-، وما ذاك إلا لفرط جهلهم بدين الله!

وتابع "حسونة": ومن الوفاء له: الدفاع عنه وعن دينه، وعن سنته وأحاديثه، وما جاء به في مقابلة الشرذمة المتعالمين، أتباع المستشرقين والعلمانيين والليبراليين، الذين يكيدون للإسلام، ولرسول الإسلام، فقد كان السلف -رحمهم الله تعالى- عندهم غيرة في ذلك، فها هو الرجل الأعمى كانت عنده أم ولد وله منها ولدان كاللؤلؤتين، وكانت تسب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتطعن فيه فينهاها الرجل فلا تنتهِ، حينها التمس الرجل فرصة للتخلص منها وقتلها، وأهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمها لسبها له.

وأردف: ومن الوفاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: توقيره وتعظيمه، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر، قال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54]، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، فلا يعبد الله إلا عن طريقه، فإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة حتى نرد حوضه، ونشرب منه شربة لا نظمأ بعدها أبدًا، فإنه ثبت أن هناك مَن يبعد عن حوضه وتطردهم الملائكة؛ لأنهم غيَّروا وأحدثوا بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

واصل "حسونة" حديثه قائلًا: ومن الوفاء له: أن لا يفتر اللسان، ولا يمل مِن الصلاة والسلام عليه؛ فإن الله أمر بأمرٍ به بدأ، وثنَّى بملاىكته، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، فإنه مَن صلَّى عليه صلاة، صلَّى الله عليه بها عشرًا، ويستحب أن يكثر من ذلك في ليلة الجمعة ويومها كما جاء في الخبر.

واستطرد الداعية الإسلامي: هكذا يكون الوفاء بالعهد؛ ففتش عن حالك أين أنت مِن ذلك؟! فإن وجدتَ الخير؛ فاحمد الله، وازدد، وإن رأيت تقصيرًا؛ فاجبر هذا التقصير وقوِّمه وسدده تكن لك العقبى في الدارين، والفوز في الحالين، فإن الرجل لما كنز محبة الله ورسوله عُدَّة له يلقى بها الله، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" [متفق عليه]، وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].