الإيمان والعمل الصالح من شروط التمكين.. نائب رئيس الدعوة السلفية: لا تكون النجاة يوم القيامة إلا بالقلب السليم

  • 12
الفتح - الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية

قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن الله سبحانه وتعالى قد خوفنا وعيده، وأخبرنا بقرب الساعة، كما قال تعالى: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} [الأنبياء: 1]، وكما أخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقربها فقال: "بُعِثْتُ أنا والسَّاعَةَ كَهاتَيْنِ" وقَرَنَ بيْنَ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى [صحيح البحاري] وقرن بين السبابة والوسطى، وقال: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة جَمِيعاً إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقُنِي" [خرجه الإمام أحمد (38 / 36) بإسناد حسن من حديث بريدة].

وتساءل "برهامي" -في مقال له بعنوان "القلب السليم" نشرته جريدة الفتح- "هل أعددنا لهذه الساعة عدتها؟ وهل فررنا من وعيد الله عز وجل وخفنا عقابه؟"، مشيرًا إلى أن الله عز وجل، أخبرنا أن النجاة بين يديه عز وجل، يوم القيامة لا تكون إلا بسلام القلب، كما قال الخليل إبراهيم -عليه السلام- في دعائه: {وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ (87) يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ (89)} [الشعراء].

وأضاف: فالحساب يوم القيامة على ما في القلب قال تعالى: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)} [العاديات]، موضحًا أنه لا ينجو حينئذ إلا من كان صالحا في الدنيا، وصلاح العبد في الدنيا واستقامته على طاعة الله لا يكون إلا بصلاح قلبه، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ" [صحيح الترغيب - 2554] وقال: "ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ" [متفق عليه].

وأشار "برهامي" إلى أن إسلام القلوب لله عز وجل سبب لنجاة أصحابها يوم القيامة وصلاحيهم واستقامتهم في خاصة أنفسهم، فهو كذلك السبب في تمكين الله عز وجل للطائفة المؤمنة، فإن الله عز وجل يغير موازين الكون وسنته التي يسير عليها من أجل هذه الطائفة المؤمنة، فهي وإن كانت قليلة مستضعفة أو ليس لديها من أسباب القوة ما يحقق لها هذا التمكين؛ إلا أن الله عز وجل يتفضل عليها به، لما يعلمه من سلامة قلوب أفرادها، كما تفضل الله عز وجل، على النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بالفتح المبين لما سلمت قلوبهم له "سبحانه"، قال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيمًا (19)} [الفتح].

ولفت إلى أن الله عز وجل، قد بين أن الهزيمة في أحد كانت بسبب تسلل مرض حب الدنيا إلى قلوب بعض المؤمنين، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ )مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152].

وتابع نائب رئيس الدعوة السلفية: وقد اشترط الله عز وجل للتمكين في الأرض عبادة من العبادات القلبية، قال تعالى: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: 14]، وهكذا جعل الله عز وجل شرط التمكين للمؤمنين عبر العصور في الإيمان والعمل الصالح الذي لا يكون إلا بسلامة القلب، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55].