منها تحري ليلة القدر.. "داعية" يوضح مقاصد الاعتكاف

  • 17
الفتح - أرشيفية

أشار الداعية الإسلامي سعيد محمود إلى الحديث الذي رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ " [رواه مسلم]، موضحاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك تحريًا لليلة القدر، حيث رغـَّب أصحابه في قيامها والاعتكاف لها، فقال: (وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) [متفق عليه].

وقال "محمود" في مقال له عبر موقع "صوت السلف": الاعتكاف هو: حبس النفس في بيت الله تفرغًا للعبادة؛ فالاعتكاف هو زيارة الله في بيته، والانقطاع إليه فيه، وحق على المزور أن يكرم زائره؛ لذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف كلَّ رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه، اعتكف عشرين يومًا، وأكد الاعتكاف في العشر الأواخر تحريًا لليلة القدر.

وأضاف: فالمعتكف حَبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه؛ قد عكف قلبه وقالبه على ربه، وما يقربه منه، فما بقي له همٌّ سوى الله وما يرضيه؛ ولذا كان الإمام أحمد -رحمه الله- لا يستحب للمعتكف مخالطة الناس حتى ولو لتعليم علم وقراءة قرآن، ناصحاً: إذا كنتَ تشتكي قسوة في قلبك، أو ضعفًا في إيمانك، فهيا إلى كهف الاعتكاف ينشر لك ربك مِن رحمته، ويهيئ لكَ مِن أمرك رشدًا، فمنه تخرج خلقًا آخر.

وذكر الداعية الإسلامي بعض مقاصد الاعتكاف، وهي:

1ـ تحري ليلة القدر: وهو المقصد الرئيس، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لما علِم أنها في العشر الأواخر، ترك اعتكاف العشرين الأخرى.

2ـ إصلاح القلب: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ) [متفق عليه]، مشيراً إلى أن أكثر ما يفسد القلب كثرة الشواغل؛ لذا فإن المعتكف ينقطع لشغل واحد وهو التعبد لله.

3- حفظ الصيام مما يفسده: فلا مجال في الاعتكاف لإطلاق بصر، أو مشاحنة خصم، أو شجار زوج، أو جرح لسان، أو صاحب سوء، أو سماع منكر.

4- تعلم الزهد: فالمعتكف ينام على الأرض ويأكل على الأرض، ويأكل ما قُدِّم له.

5- اختيار الإخلاص في العبادة: قال ذو النون المصري: "لم أرَ شيئًا أبعث لطلاب الإخلاص مثل الوَحدة، ومَن أحب الخلوة؛ فقد تعلق بعمود الإخلاص".

6- حب المكث في المسجد: إن الذي يتعود المكث في المسجد إنما يبذر في قلبه بذرة: (وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ) [متفق عليه].

7- مدرسة الصبر: فالاعتكاف ترويض للنفس لتعلم الصبر... الصبر عما ألفه مِن أنواع الطعام والشراب، والصبر عما تعود مِن فراش لين، والصبر على مزاحمة الآخرين، والصبر عن شهوة الزوجة، وأكثر ملذات الدنيا.