عاجل

هل يستفيد الإخوان من تجربة الخمسينات؟

  • 136
مكتب الإرشاد

الشهابي: لم تستفد من أخطاء الماضي وحكمت على نفسها بالانتحار
العزباوي: ممارسات الإخوان الحالية لن تؤدي إلى نتيجة.. ولابد من التخلي عن فكر العداء المباشر


بين تاريخ الماضي، وأحداث الحاضر، تعيش الجماعة مرحلة فاصلة في تاريخها، ذلك التاريخ الذي مر بمنعطفات عدة، أشهرها حقبة الخمسينيات والعهد الناصري، تلك الحقبة التي يري البعض أن الجماعة خسرتها، بعد عنادها السياسي ورفضها المشاركة في العمل السياسي إلا بشروط مسبقة، وأن الجماعة لم تعتبر من تلك المرحلة، وأصرت علي عنادها السياسي، برفض دعوات الحوار في 3/7، وإعلانها مقاطعة الاستفتاء علي الدستور الجديد، الأمر الذي جعل الجماعة تخسر أكثر مما تكسب، لأنها لم تتعلم من أخطاء الماضي، خاصة بعد الإصرار علي مواقفها دون الاعتراف بالواقع.

قال يسري العزباوي، الباحث السياسي والخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام: إن ما يقوم به الإخوان لن يأتي بنتيجة، بدليل أنهم طوال الفترة الماضية صعدوا بكل ما أوتوا من قوة، ولم يأتوا بنتيجة، بل بالعكس قد لفظهم الناس في الشارع، وألصقت بالجماعة تهمة الإرهاب، وطالبت بعزلها سياسيا، وبالتالي فإن الجماعة خسرت أكثر مما كسبت، والمؤشر على ذلك خسارتها في انتخابات نقابة الأطباء.

وأضاف العزباوي، أنه يمكن تشبيه ما قامت به الجماعة في حقبة الخمسينيات، وما تقوم به حاليا، بالغباء السياسي، ففي رفض الجماعة المشاركة في التشكيل الوزاري إبان العهد الناصري أدي إلى خسارتها والتنكيل بها، وتجنيبها سياسيا، حتى ابتعدت ولجأت إلى العمل الدعوي والعمل السري، كما كانت موجودة عليه في السابق، وهذه الصورة هي التي تكاد أن تحدث الآن.

وتابع الخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام، أن الأشد خطورة من فترة الخمسينيات والستينيات، أن الجماعة الآن تمارس فكرة العداء المباشر مع المواطنين، وأنها تستقوي بالخارج، وتعول علي قطر وتركيا علي وجه التحديد، وهذا ما سيضرها أكثر من ذي قبل، وستبقي وصمة في تاريخها، والخارج دائما ما يساند الداخل لأغراض في نفس يعقوب، لا نكتشفها إلا بعد فترة من الزمن، مضيفا أن تركيا وقطر وحتي الولايات المتحدة، سيتخلوا في النهاية عن الجماعة، وسيبقوا مع فكر النظام والدولة المصرية، إن لم يكن الآن فسيكون بعد سنوات، وفي النهاية سيرضخوا لمطالب النظام والشعب.

وعن الدروس التي يجب أن يعيها الإخوان، قال العزباوي: إن هناك نقاط لابد أن تستفيدها الجماعة من تجربة الخمسينيات، وهي إعادة النظر في الخطاب السياسي الذي يتبناه الإخوان المسلمين، وأن تتخلي عن فكرة العداء المباشر، التي تحاول أن تختلقه الجماعة مع بعض الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وبالتحديد مع حزب النور، كما يجب أن تعول الجماعة وتراهن على الشارع المصري، لا الاستقواء بالخارج، والدرس الأهم أن يفصلوا بين الدعوة والممارسات السياسية، فالخلط الشديد بينهما يضر بالدعوة أكثر منها بالسياسة.

وفي السياق ذاته، قال ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل: إن الإخوان يكررون نفس تجربتهم في الخمسينيات، والأخطاء هي نفسها، ففي الخمسينيات حاولوا القفز على السلطة، ولم يتمكنوا، أما في الألفية الثالثة فقد وصلوا إلى السلطة؛ لكنهم ارتكبوا أخطاء كبيره أدت إلى إزاحتهم من المشهد، فهو نفس التاريخ، وهي الأخطاء بعينها، والإخوان لم يتعلموا من تاريخهم وأخطائهم السابقة.
وأكد الشهابي، أن الإخوان في الخمسينيات قد واجهوا الجيش والشعب معا، والآن هم يواجهوا الجيش والشعب أيضا، واعتبروا أنفسهم جماعة فوق الدولة، ودفعوا ثمنها بأن لفظهم الشارع، وصاروا بلا ظهير شعبي، فهم حكموا على نفسهم بالانتحار، والخروج من الجماعة الوطنية المصرية، بل الإخوان انتهوا والكلام لن يجدي معهم، والشعب المصري لن يسامحهم عما ارتكبوا في حقه.

وألمح الشهابي، أن رفض الجماعة المشاركة في حوار 3/7 /2013، كان تكرار لنفس الخطأ الذي ارتكبوه أثناء العهد الناصري، برفضهم المشاركة في التشكيل الوزاري الذي عرضه عليهم عبد الناصر، وكما كان قرار الرفض في الخمسينيات نقطة فصلة في تاريخ الجماعة، فإن قرار 3/7 كان خطأ أيضا، ونقطة فاصلة في تاريخها، موضحا أن الجماعة إبان فترة الخمسينيات بدأت كجمعية دعوية، ولم يصلوا إلى التمكين بعد، أما في 2012م وصلوا إلى التمكين؛ فتخلوا عن العديد من الثوابت الوطنية.


وقال حسام عقل، عضو هيئة التدريس بجامعة عين شمس: إن موقف الإخوان بمقاطعة الاستفتاء، يمثل شكلا رمزيا من أشكال الرفض والاحتجاج، وما يراه البعض نوعا من الكياد، أو العناد السياسي لدي الجماعة. إبان الخمسينيات، كان يراه مؤرخو حركة الإخوان المسلمين تحفظا من قبل الجماعة على انحراف مسار ثورة يوليو عن المسار الديمقراطي، ويرون تلك التحفظات مبررة.

وأضاف عقل، أنه بالرجوع إلي تجربة حسن البنا في عام 1928، وكتبه ورسائله، فإن الخيار السياسي للجماعة لم يكن مستبعدا، وكانت هناك رغبة للانخراط في العملية السياسية الجارية، وقد وقعت الجماعة في بعض الأخطاء السياسية، امتدت منذ بداية تاريخها، وحتي وقتنا الحالي، ومن بين أخطاء الإخوان في الخمسينيات، رفضهم المشاركة في التشكيل الوزاري، الذي عرضه عليهم عبد الناصر، ما أدي إلى إبعاد الجماعة عن الحياة السياسية، فبعد ثورة 52 كان الإخوان يتعاونون مع عبد الناصر، وكان هو يتعاون معها، لكن الإخوان لم يكن لديهم قدر من الحصافة السياسية، أو قدر من النفس الطويل في المفاوضات، قبل اتخاذ أو مباشرة القرارات الكبيرة، ليتجنبوا الصدام عبد الناصر، وقديما اعتمدت الجماعة نهج التصفية الجسدية كاغتيال النقراشي، أما في عهد مرسي فحاولت الجماعة توطين كوادرها في معظم المؤسسات والوزارات، الأمر الذي أثار حفيظة كثيرين، حتى من داخل التيار الإسلامي نفسه.

وعن تكرار الإخوان لنفس أخطاء الماضي، قال عقل: إن ثورة 25 يناير كانت موضعا لتواصل كل القوي السياسية في مصر، وكانت بؤرة تجمع لكل القوي الوطنية، وأُخذ على الإخوان أنهم انضموا متأخرين إلى قاطرة الثورة، ثم تعجلوا بالتفاوض مع المجلس العسكري، وكان ينبغي عليهم أن يظلوا بجانب القوي الثورية، حتى يتم إخراج المنظومة العسكرية بالكلية من المشهد السياسي، لكن الإخوان تعجلوا بالمفاوضة المنفردة مع المجلس العسكري، بعيدا عن القوي الثورية، وكان هذا من أكبر أخطاء الإخوان.

وعما يجب تعلمه من تجربة الماضي، دعا عقل، الإخوان والمؤسسة العسكرية معا، بالاستفادة من أخطاء الماضي، والدرس الأكبر الذي ينبغي أن تستقيه كل القوي السياسية عامة والإخوان خاصة، أنه لا يمكن لقاطرة العمل السياسي المضي بدون توافق وطني، إلا أن ما يحدث الآن هو تكرار لأخطاء الماضي، والإخوان يكررون أخطائهم باندفاع أهوج.