نظام الأسد يستجيب لمطالب المعتقلين في حماة

  • 89

في الوقت الذي يقبع فيه عشرات الألوف من المعتقلين محرومين من أبسط الحقوق والمعاملة الآدمية في سجون نظام الأسد في سوريا، نجح معتقلو سجن حماة في إجبار النظام على الرضوخ لاتفاق ينص على تخفيض عقوبة جميع المعتقلين لصالح المحكمة الميدانية في صيدنايا في ريف دمشق للنصف، وإطلاق سراح جميع المعتقلين الموجودين لصالح محكمة الإرهاب على دفعات خلال مدة أقصاها 4 أشهر، كما نص على عدم إعادة أي معتقل إلى سجن صيدنايا أو الفروع الأمنية وإبقاء جميع الجوالات مع المعتقلين، وإعادة الكهرباء والمياه والطعام إلى السجن.

وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن إطلاق سراح 25 من معتقلي سجن حماة المركزي كدفعة أولى بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة من وزيري الداخلية والعدل السوريين وقادة بعض الفروع الأمنية السورية، فقد اشترط النظام أن يكون هو الضامن لتنفيذ الاتفاق، واستبعد أي دور للمنظمات الدولية مقابل إنهاء حالة العصيان من جانب المعتقلين بمجرد بدء النظام تنفيذ بنود الاتفاق، ويتخوف المراقبون من عدم وجود ضمانات حقيقية تجبر النظام على الالتزام بما تم الاتفاق عليه، خصوصا مع إصراره على عدم تدخل الصليب الأحمر السوري للإشراف على المفاوضات.

وبدأ نحو 800 معتقل عصيانًا داخل سجن حماة المركزي خلال الأسبوع الماضي، لمنع قوات الأسد من نقل 5 معتقلين إلى سجن صيدنايا لتنفيذ أحكام بالإعدام أصدرتها محكمة عسكرية، ويعرف سجن صيدنايا لدى السوريين بأن "الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود".

وقامت القوات بمحاولات لاقتحام السجن والسيطرة على المعتقلين، ووقعت أحدث محاولة يوم الجمعة الماضي حين أطلقت عناصر أمنية قنابل الغاز والرصاص المطاطي، لكنها لم تتمكن من اقتحام الزنازين، حيث سيطر السجناء على السجن الواقع على بعد 210 كيلومترات من دمشق، واحتجزوا حراساً رهائن داخل سجن حماة المركزي، في حدث يعيد إلى الأذهان المأساة التي عاشتها المدينة عام 1982 في ظل حكم الأسد الأب، عندما ارتكب نظام الأسد حينها مجزرة أودت بحياة عشرات الآلاف من أهالي مدينة حماة، قدر عدد الضحايا وقتها بـ40 ألف قتيل، غير النازحين والجرحى والمعتقلين .

وبسبب محاولات الاقتحام التي قام بها النظام خلال الأسبوع الماضي، وجه المعتقلون نداءات للمنظمات الدولية وللمبعوث الأممي إلى سوريا "ستيفان دي ميستورا" للتدخل لإنقاذهم من إبادة وشيكة، وتم التوصل لاتفاق جزئي تمّ بموجبه الموافقة على الإفراج عن نحو 30 معتقلا.

وكانت البداية قبل قرابة شهر من اندلاع الأحداث الأخيرة عندما وصلت إلى السجناء أنباء عن عزم السلطات تنفيذ أحكام بالإعدام صادرة عن محكمة الإرهاب بحقّ عدد منهم، فقرروا السيطرة على السجن بمجرّد محاولة إدارة السجن نقل المحكومين بالإعدام، فتلقى بعضهم عدداً من أجهزة الاتصال عبر الأقمار الصناعية الثريّا من خارج السجن.

وفي ساعة الصفر بالتزامن مع محاولة نقل عدد من السجناء لإعدامهم -وفقاً لأحد المصادر- كان تنفيذ خطة الاستيلاء على السجن سريعة ومُحكمة؛ فقد احتجزوا عددًا من ضبّاط وعناصر حراسة السجن، واستولوا على أسلحتهم لتبدأ جولات المفاوضات مع النظام التي انتهت بالتوصل إلى الاتفاق الأخير الذي يأمل المراقبون أن يصمد خلال الأربعة أشهر المقبلة حتى يتم الإفراج عن آخر معتقل.