الدعوة إلى الله تكليف وتشريف ونجاة

  • 197

نحن في شهر رمضان،في شهر الدعوة والهداية والإصلاح والتغيير، نحتاج أن نتذكر هذه الأمانة العظيمة التي حملتها الأمة الإسلامية،والتي هي سبب خيريتها قال تعالى:{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]،

فخيرية الأمة مشترطة بالبلاغ عن الله، والدعوة إلى الخير، كما أنها أشرف وظيفة،وهي وظيفة الأنبياء:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت: 33].

كما أنها تكليف للمؤمنين عبر العصور: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران: 104]، وقد أمرالنبي-صلى الله عليه وسلم- بالبلاغ عنه، فقال: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً"[أخرجه البخاري: 3461]، وقال " لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ "[أخرجه البخاري: 67].

وهي نجاة للفرد والمجتمع والأمة، نجاة للفرد بامتثاله أمر الله ونجاته من الخسران:{ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [العصر: 3]،" مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ" [أخرجه مسلم: 49].

ونجاة للمجتمع؛ لنشر الخير والهدى والفضيلة، ومنع الظلموالفساد والفواحش، ونجاة الأمة ?ن كثرة الخبث سبب نزول الهلاك، كما جاء في الحديث، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ" [أخرجه البخاري: 3346]، وفي حديث آخر "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لَا يُغَيِّرُونَهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ"[أخرجه أبو داود: 4338، والترمذي: 2168، وابن ماجه: 4005 واللفظ له، وقال الألباني: صحيح].

وجاء في الحديث تشبيه المجتمع بركاب سفينة في الأعلى والأسفل، فَهَمَ الذين بالأسفل أن يخرقوا السفينة؛ ليستقوا الماء، فإن تركوهم وما أرادواهلكواجميعا،وإن أخذوا على أيديهم نجواونجوا جميعًا، فَعَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا "[أخرجه البخاري: 2493].

والناظر في حال مجتمعنا الآن، يجد كثيرًا من الفساد والظلم، والانحراف الاجتماعيوالأخلاقي والسلوكي، وما حوادث التحرش عنا ببعيد؛ فالمجتمع أحوج ما يكون إلى دعاة مخلصين مؤهلين، قدوة؛ لينتشلوا المجتمع من هذه الهوة الساحقة،وهذا لن يكون إلا على منهج وسطى معتدل على منهاج النبوة، الكتاب رائده والسنة سبيله.

ول?سف نعاني في ب?دنا من قلة الدعاة،وضعف المؤسساتالدينيةالرسمية،وهذا يحتاجإلى ع?جفيأسرعوقت؛ ?خراج كوادر قادرة على تحمل المسئولية،ومؤمنة بها،ومخلصة لها، فهذا هو أُولى ما توضع له الخططوالقوانين، بد? من وضعالقيود على الدعوةوالدعاة؛ مما يعرقل سيرها، ويفتح الباب?عدائها.

? يخفى على المخلصين الغزو الفكري، والمدا?لحادي، والنشاط التنصيري في ب?دنا، كما ? يخفى أيضا الطمع الشيعي، والفكر الخارجي الذي يغزو عقول كثير من الشباب، وكل ذلك إنما يُواجه بالدعوة والحكمة والموعظة الحسنة، على أيدي الدعاة المخلصين، نسألالله أن يجعلنا ممن يُنْصرُ بهمالدين، وأن يلهمنا الرشد، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.