نفع الله بهم جميعًا

  • 180

لا تنظر بعين واحدة، ولا تحجّر واسعًا، وكن بصيرًا بما عليه الناس حتى تستطيع أن تعطي لكل ذى قدرٍ قدره، فتنوّع القدرات والمواهب شيء قدري في حياة الناس، ومن ذلك المشايخ وطلبة العلم.
 
فهناك شيخ مكتبي يصلح لأن يكون آية في التأليف، فينفع الله به الأُمّة أيما نفع.
 
وهناك شيخ له موهبة التعامل مع الخلق فيكون آية في التفاف الناس حوله وتأثيره فيهم وتعلّقهم به، فهو الشيخ والمربي الذي يقف بجوارهم في كل ما يخصّهم من ملمات، فينفع الله به أيما نفع.
 
وهناك شيخ متين في العلم ولكنه ضعيف جدًا في مهارات التواصل مع الآخرين، فيستطيع أن يُعطي محاضرة قلّ من يُعطيها، ولكنه يركب سيارته بعد الدرس وبسرعة فهذه إمكانياته، فينفع الله به أيّما نفع.
 
وهناك شيخ لديه من خفّة الدمّ الكثير وله موهبة في الإلقاء، ولكنه ليس مدققا في تحرير المسائل العلمية؛ ولذلك فهو منشغلٌ بالدعوة العامة إلى الله وتذكير الناس بالآخرة، فينفع الله به أيّما نفع.
 
وهناك مشايخ ينشغلون بالتدقيق في أفكار المنحرفين؛ كالإلحاد أو الليبرالية أو العلمانية أو غيرها، يقفون على هذا الثغر، يحرسونه من الذئاب، بل لا يتقنون غيره، فينفع الله بهم أيّما نفع.
 
وهناك أنواع أكثر من ذلك، ولكن المقصود أن كل هؤلاء وظيفتهم الدلالة على الله، وفي كل فصيل من هؤلاء المشايخ نفع كبير، ولا ينبغي أن يكون الداعون إلى الله على نمط واحد أو في اتجاه واحد، بل تنوّعهم هو من تنوّع الخلق وفيه فائدة عظيمة.
 
لذلك ليس من العدل أن يُقال أين تأليف الشيخ فلان من الكتب؟
أو أين محاضرات فلان في الأصول؟ أو أين تلاميذ فلان؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تدل على نقص في فهم القدرات والتنوّعات، فمن أدرك ذلك سيفهم سر الاستقرار في أي بلد يمتليء بطلبة علم يمتازون بالتنوّع والتكامل والتحابّ.