"داعية": أخطر ما يهدد المجتمعات والدول والشعوب هو سرعة نقل الأخبار وتفشيها قبل التثبُّت

  • 38
الفتح - أرشيفية

قال شريح المعبدي، الكاتب والداعية الإسلامي، إن أخطر ما يهدد المجتمعات والدول والشعوب، هو سرعة نقل الأخبار وتفشيها قبل التثبُّت وقبل وزنها بميزان الشرع والعقل؛ فليس كل ما يقال حقيقة، وليس كل حقيقة تنشر.

واستشهد المعبدي في مقال له نشرته "الفتح" بما رواه الحافظ ابن كثير في سبب نزول قوله تعالى: "يا أيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ": أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل الوليد بن عقبة بن أبي معيط رضي الله عنه إلى بني المصطلق ليأتي له بالزكاة التي جمعها منهم ملكهم الحارث بن ضرار رضي الله عنه، فلما وصل إلى بعض الطريق كأنه خاف فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أين الزكاة؟ فقال الوليد: لقد منعني الحارث، وكاد أن يقتلني؛ فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة وفي الطريق لقيهم الحارث ومعه زكاة بني المصطلق، فرجعوا ورجع معهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لماذا منعت الزكاة وكدت أن تقتل رسولي؟ فقال: والذي بعثك بالحق لم يأتني رسول منك؛ فلما أبطأ عليَّ جئتك بالزكاة، فنزلت الآيات.

وعقب الكاتب والداعية الإسلامي، قائلا: فانظر كيف كاد أن يُقتل قوم بسبب خبر غير صحيح!

كما استشهد المعبدي بقول السعدي رحمه الله في تفسير آية الحجرات: "وهذا أيضًا من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا؛ فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل، حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال، بغير حق بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة، بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه؛ عمل به وصُدِّق، وإن دلت على كذبه؛ كذب، ولم يعمل به، ففيه دليل على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه؛ ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير من الخوارج، المعروفين بالصدق، ولو كانوا فساقًا".