الدستور السويدي يكشف زيف ادعاءات رئيس الوزراء

خبراء: القانون السويدي يكفل حرية الرأي لا حرق المصحف الشريف.. والحكومة الحالية متطرفة

  • 49
الفتح - نص من الدستور السويدي


حرق القرآن الكريم جريمة تحض على الكراهية بموجب قرارات محاكم نوربيرغ وهولندا


لا يكف الغرب عن إظهار ازدواج معاييره بين الحين والآخر، ففي الوقت الذي يتشدقون فيه بحقوق الإنسان واحترام الغير، يؤذون مشاعر نحو ملياري مسلم يشكلون ربع سكان العالم بمشاهد مخزية لحرق المصحف الشريف وسط حماية من قوات الشرطة؛ ما تسبب في غضبة عربية وإسلامية كبرى كان على أثرها أنه منذ عدة أيام قدمت الحكومة الدنماركية مشروع قانون يحظر حرق القرآن الكريم، في حين قال أولف كريسترسون رئيس الوزراء السويدي إن سلطات بلاده لا تخطط لحظر حرق الكتب الدينية بعد الدنمارك؛ متحججًا بأن ذلك سيتطلب تعديلات دستورية.

حرية التعبير

في هذا الصدد، قالت الدكتورة براءة جاسم، أستاذة علم النفس والمتدربة في دار الهجرة السويدية والمترجمة السويدية السابقة، إن الدستور يكفل لهم حرية التعبير بشتى الوسائل المتعارف عليها، لكن حرية التعبير لا تكفل لهم بأي حال ارتكاب جريمة مثل حرق المصحف الشريف. مضيفة أن المواطن السويدي عندما يحصل على تصريح للتظاهر لا يذكر لقوات الشرطة أنه سيقدم على جريمة حرق المصحف الشريف.

وأضافت "جاسم" لـ "الفتح" أن الدستور السويدي نص على المواد التي تعرض حرية التعبير للخطر؛ وهي: (الخيانة العظمى، والتشجيع على الحرب، والتجسس، وإفشاء أسرار الدولة، وخيانة الدولة، والتحريض على العنف، والعبث بالممتلكات، وإفشاء معلومات خاطئة، والتحريض على الأقليات، والاعتداء على حرية الآخرين، والقيام بأعمال عنف، وشهادة الزور، وإهانة واحتقار أحد، وتهديد موظفي الدولة، والاستهانة بقرار صدر والتقليل منه). مشددة على ضرورة إعادة النظر في إمكانية حرية التعبير لكن في حدود ما يسمح به الدستور دون الحاجة للتطرق لتعديله، خصوصًا أنه ينص على احترم الغير ولدينا نحو ملياري مسلم ينبغي احترام مشاعرهم وحقوقهم.

ولفتت إلى أن الأحزاب مختلفة في الدنمارك والسويد؛ فهناك أحزاب عنصرية تدعم من يقوم بتلك الأفعال الشائنة وتقف خلفه لأنهم بطبيعة الحال يكرهون المهاجرين، أما الأحزاب المعتدلة فضد هذه التصرفات، لدرجة أنه حاليًا في السويد وبعض أحزاب الدنمارك يتباحثون فيما بينهم عما يمكنهم فعله حتى لا يتكرر ذلك؛ لأن اقتصاد بلادهم يتأثر سلبًا بسببها خصوصًا الدنمارك.

ونوهت بأن الدستور السويدي قد يصعب تعديله، إضافة إلى أن الحكومة الحالية عنصرية للغاية ويناسبها جدًّا بث الكراهية عند الشعب السويدي تجاه الإسلام والمسلمين، وهم غير مكترثين بكل النتائج السلبية المترتبة على تلك الأفعال. لافتة إلى أن حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي السويدي طالب عدة مرات بوقف هذه الظاهرة دون المساس بالدستور لما تسببه من كوارث على الاقتصاد.

حكومة متطرفة

في حين يرى الدكتور أحمد مصطفى، الباحث السياسي والاقتصادي ورئيس مركز آسيا للدراسات السياسية والاقتصادية، أن إصدار قانون سويدي يحظر مثل هذه الممارسات يتطلب تعديلات دستورية، لكن ليست هذه المشكلة ففي يد الحكومة منعها دون الحاجة لأي تعديلات دستورية، لكن المشكلة تكمن في أن الحكومة الحالية تنتمي لأحد الأحزاب اليمينية المتطرفة القريبة من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني المحتل.

وأضاف مصطفى لـ "الفتح" أن الجديد يتمثل في أن السويد كانت من الدول المنصفة للعرب والمسلمين في القضايا العربية كالقضية الفلسطينية التي اغتيل بسببها الدبلوماسي السويدي "فولك برنادوت" –أول وسيط دولي للأمم المتحدة بين فلسطين وإسرائيل حينذاك- عندما أقرت الأمم المتحدة أن فلسطين دولة عربية وليست لها علاقة بإسرائيل، وكذلك الدبلوماسي السويدي "داغ همر شولد" ثاني أمين عام للأمم المتحدة الذي اغتيل في فترة الستينيات من القرن الماضي لإنصافه للقضايا العربية، وأيضًا وزيرة الخارجية السويدية "أنَّا ليند"، التي اغتيلت عام 2003م بسبب إنصافها للقضايا العربية. 

 مؤكدًا أن حرق المصحف الشريف يراد به إحداث فتنة داخل العالمين العربي والإسلامي؛ وهم استغلوا شابًّا مسيحيًا من أصول عربية لأجل ذلك.

وشدد على ضرورة احترام مشاعر المسلمين وشعائرهم ومقدساتهم الدينية، نحو ملياري مسلم على مستوى العالم، ومليون مسلم داخل السويد، لافتًا إلى وجود غضبة شعبية عربية وإسلامية كبرى، لكننا بحاجة لقرارات عربية وإسلامية أقوى مما اتُّخذت ضد حكومتي السويد والنرويج، منها على الأقل استدعاء السفراء، وتفعيل المقاطعة الاقتصادية الفورية للعرب والمسلمين الذين يمثلون 58 دولة؛ وحجم الواردات لا يقل عن 30%، مع إعادة النظر في الصادرات والواردات ووضع قيود عليها، إضافة إلى استغلال سلاح الطاقة الخليجي ضدهم، وحاجتهم للسوق العربي المسلم الكبير جدًّا لتسويق وبيع منتجاتهم.

واستطرد أنه يجب على الدول العربية والإسلامية ملاحقة الدنمارك والسويد قضائيًا في المحكمة الجنائية الدولية – حتى لو على سبيل الشو الإعلامي- بموجب قرارات سابقة كما حدث في محاكم "نوربيرغ" ومحاكم هولندا؛ لأن ما فعلوه يعد جريمة كراهية دولية وليست محلية. ويقع على عاتق الشباب دور أكبر من ذلك وهو ملاحقتهم إعلاميًا وإظهار أن ما فعلوه شيء ليس مخالفًا فقط للحقوق الإنسانية واحترام الغير التي يتشدقون بها بل مخالف لقوانينهم أيضًا.

وأشار إلى أنهم كانوا يتوقعون أن يعاملهم الشباب المسلم بالمثل ويحرقون الإنجيل والتوراة، لكن ديننا يحترم الكتب السماوية لذلك لم ينزلق شبابنا الواعي لمثل تلك الأمور، مثلما قال الشاب السوري أمام السفارة الإسرائيلية بالسويد "إن القرآن الذي تحرقونه هو الذي يحثنا على احترام كتبكم السماوية ويمنعنا من فعل ذلك". لكنهم مع كل أسف هم متطرفون ومزدوجو المعايير.

يبدو الأمر في حقيقته ومن خلال الدستور السويدي الذي يرفض (التحريض على العنف والإهانة والاحتقار للغير)، أن الحكومة السويدية تكذب وفي يدها منع تلك الأحداث دون التطرق لأي تعديلات دستورية.