مذكرا بالتوبة والتكافل والتراحم.. داعية إسلامي: علينا أن نتعظ مما حدث في ليبيا والمغرب.. فيديو

  • 63
الفتح - الدكتور أحمد حمدي، الداعية الإسلامي

قال الدكتور أحمد حمدي، الداعية الإسلامي: مما لا شك فيه أن المؤمن لابد وأن ينتفع ويتعظ بالدروس التي يراها؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- عندما كانت تهب الريح كان يضطرب ويخرج ويدخل المنزل ويظهر ذلك في وجهه فتسأل السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن ذلك فيقول: "يا عَائِشَةُ، ما يُؤْمِنِّي أنْ يَكونَ فيه عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بالرِّيحِ، وقدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ، فَقالوا: هذا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا" (رواه البخاري).

وأضاف "حمدي" -في مقطع مرئي له عبر "فيسبوك"-: ونحن نرى كل يوم من آيات الله -عز وجل- الكونية فيما حولنا هذه الدلالات، وما وقع في جوارنا في بلاد المغرب من الزلزال الأخير في مدينة "مراكش" خصوصًا، مما أدى إلى وفاة أكثر من 2000، وإصابات وصلت إلى الـ3000 إلى الآن، وكذلك ما أصاب بلاد ليبيا بجوارنا بما يسمى "بإعصار دانيال" من هبوب الريح الشديدة، موضحا أن الرمال غطت بعض القرى بأكملها، وكذلك أدت إلى هدم سدين وهدم القصور وغمر البيوت بالمياه.

وتابع: إلى الآن قرابة عشرة آلاف مفقود أو قتيل، لافتا إلى أنه في لحظة وبين عشية وضحاها كل شيء في الدنيا تغير، مؤكدا أنه لابد للمؤمن أن يعتبر بذلك، مؤكدا أن الواجب علينا الدعاء لإخواننا المنكوبين في هذا الوقت، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِن عبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعُو لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيْبِ إِلاَّ قَالَ المَلكُ ولَكَ بمِثْلٍ" (رواه مسلم)، لافتا إلى أنه من الممكن أن تمر بلادنا بمثل تلك الظروف.

وأكد "حمدي" أن الواجب علينا التآخي والمواساة والتكافل والتراحم والتعاطف فيما بيننا كمسلمين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى" (متفق عليه).

وأوضح أن ما فعلته الأمة الإسلامية والعربية، مثال للجسد الواحد فعلًا، كما حدث في زلزال سوريا وتركيا السابق، ويحدث الآن من الأشقاء العرب، من وقوف مصر بإمكانياتها وإرسال جسر جوي ممتد للمساعدات ومعسكرات الإيواء، وتقديم المعسكرات الطبية لإخواننا وأشقائنا في ليبيا، وبلاد المغرب، موضحا أن هذا واجب من واجبات الأخوة الإيمانية كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة) (رواه مسلم) ومثال للأمة الواحدة كما قال الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 92).

واستطرد الداعية الإسلامي: وهذا ما حدث أيضًا مع أشقائنا في السودان، عندما حدث الانقسام الداخلي، والاقتتال الداخلي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وأتى عشرات، بل مئات الآلاف من السودانيين إلى الأراضي المصرية، لافتا إلى أننا وجدنا معاني الولاء والحب في الله والمعاني العظيمة التي ظهرت من إخواننا في أسوان وفي جنوب الصعيد، عندما استضافوهم في بيوتهم وأحسنوا ضيافتهم،وهذا هو الواجب علينا تجاه جميع اخواننا.

وأوضح أنه مهما كان هناك محاولات لتقطيع الأواصر، كما يقول البعض (القومية أو الكردية أو الزنجية أو الفارسية أو العروبة) فلا تتقطع هذه الأواصر ولا تنقطع الروابط بين المسلمين، فهم كالجسد الواحد على الاعتقاد وعلى الدين وتجمعهم اللغة والهوية والمصير واحد، مؤكدا أن مسألة تقديم المساعدات لو أمكن ذلك، فيجب فتح باب التبرعات للجهات الرسمية، والمساعدة في ذلك وهذا فيه الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى.

ولفت "حمدي" إلى أن ما حدث لإخواننا في ليبيا والمغرب، حدث فجأة، وموت البغتة من علامات الساعة، فالإنسان يبغته الموت، فعلى الإنسان أن يخشى  أن تسوء خاتمته أو أن يموت على معصية،  مشيرا إلى أنه لا بد للإنسان أن يكون مستعدا للقاء الله. فالموت يأتي بغتة، وإنما الأعمال بالخواتيم.

وذكر أن من الدروس المهمة، أن من أسباب الزلازل والفتن أنها تكثر مع نهاية الزمان، فمن أسباب غضب الله الذنوب والمعاصي، مشيرا إلى أنه للأسف ينتشر في بلادنا الآن الربا والظلم والفساد والرشوة، وينتشر في بلادنا -للأسف- حفلات التخرج "والفان داي" والرقص والحفلات والمهرجانات في الساحل، وفي أسوار الجامعة، والعري والتبرج وشرب المخدرات، والإدمان، وهذه الأمور من مدمرات الشعوب، وكذلك البلطجة وحمل السلاح والسب والقذف وقطع صلة الأرحام والسحر وهذا كله من أسباب غضب الله -سبحانه وتعالى- لافتا إلى أن هذا يؤذن باستعجال عذاب الله -جل جلاله- كما جاء في حديث زينب بنت جحش أم المؤمنين سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث" (رواه مسلم).

وأوضح "حمدي" أنه إذا كثر الخبث كان هذا إيذان بهلاك الصالحين، وهذا يحتاج منا إلى توبة نصوح ورجوع إلى الله، فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة، وقال الله -تعالى-: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} (الإسراء: 59)، مشيرا إلى أن الله يرسل الآيات حتى يخوفنا، وحتى نتردع ونعتبر، حتى لا يكون هذا هو المصير الذي ينتظرنا إن لم نفق من غفلتنا، فطول الأمل والتسويف -والعياذ بالله- من أخطر أدواء القلب.

وأضاف: وكذلك من الدروس المستفادة هو قضية الإيمان بالقضاء والقدر، مبينا أن موت الأطفال وهم لم يذنبوا، وموت الصالحين، في هذه الكوارث لحكمة عظيمة، كما قال الله -تبارك وتعالى-: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216). وهذا الطفل الذي مات دون سن البلوغ ولم يبلغ سن المحاسبة فمصيره الجنة، كما أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أطفال المسلمين في الجنة، والله أعلم بحكمته فمن الممكن لو كبر هذا الطفل لطغى، فهذا من رحمة الله -سبحانه وتعالى- أن يموت دون سن البلوغ؛ فيكون من أطفال الجنة.

وتابع "حمدي": أو أن الله -عز وجل- يتخذ ممن مات شهداء، فالذي مات على طاعة هذا كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صاحب الهدم شهيد" (رواه البخاري)، داعيا للمصابين بالشفاء وللموتى بأن يتقبلهم الله كشهداء عنده، مشيرا إلى أن الذي سقط عليه بيته والذي غمره الماء والتراب هذا نحسبه من الشهداء؛ كما قال النبي: (الشهادةُ سبعٌ سوى القتلُ في سبيلِ اللهِ ؛ المقتولُ في سبيلِ اللهِ شهيدٌ ، والمطعونُ شهيدٌ ، والغريقُ شهيدٌ ، وصاحبُ ذاتِ الجنبِ شهيد ، والمبطونُ شهيدٌ ، وصاحبُ الحريقِ شهيدٌ ، والذي يموتُ تحتَ الهدْمِ شهيدٌ ، والمرأةُ تموتُ بجُمْعٍ شهيدة" (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، لافتا إلى أن من مات من إخواننا في ليبيا والمغرب نحسبهم من الشهداء.

وأكد أنه على الإنسان  أن يؤمن بالقدر خيره وشره، وأن الله -سبحانه وتعالى- لا يفعل الأشياء إلا بحكمة. كما أكد أننا لا ننسب ذلك إلى قوى الطبيعة ولكن ننسب ذلك إلى قدرة الله فالله -عز وجل- على كل شيء قدير، والملحدون والشيوعيون يقولون: قوى الطبيعة فعلت هذا فهم ينكرون وجود الله -عز وجل-، وكذلك لا يجوز سب الدهر فقد قال الله تعالى في حديثه القدسي: (قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بيَدِي الأمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهارَ) (رواه البخاري).

وأشار الداعية الإسلامي إلى أن الإنسان لا يقول عند المصائب  إلا ما يرضي الله عز وجل  "إنا لله وإنا إليه راجعون". و يقول كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف علينا خيرًا"، وكذلك لا نقول إلا كلمات العزاء، مثل: عظم الله أجركم وحسن عزاءكم ونسأل الله -عز وجل- الشفاء للمصابين، موضحا أن هذا هو الواجب تجاه الاعتبار والانتفاع مما حدث حولنا، وأن نجدد العلاقة بالله -سبحانه وتعالى-.