زلزال المغرب المدمّر يخلّف آلاف القتلى والمصابين والمفقودين

  • 47
الفتح - زلزال المغرب

شريف الهواري: الحادث مؤلم.. والزلازل والبراكين من آيات الله

عادل نصر: نحتاج إلى توبة صادقة.. والتعاون مع إخواننا المنكوبين ضرورة


أثارت أحداث زلزالي المغرب وكذلك جزيرة «هالماهيرا» بإندونيسيا، ثم إعصار ليبيا،.. حزن مئات الملايين من المسلمين في كل مكان، تعاطفًا مع إخوانهم من ضحايا الزلازل والإعصار، حيث تأثر الآلاف من الضحايا والمصابين في المغرب وليبيا وإندونيسيا.

وأعلن العديد من الدول العربية والإسلامية عن تعاونها الكامل مع الأشقاء المغرب وليبيا، كما غرد الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بتغريدات مصحوبة بمقاطع مرئية لما أسفر عنه زلزال المغرب، أو أعاصير ليبيا.

وأعلنت وزارة الداخلية المغربية رسميًا صباح الأربعاء الماضي، ارتفاع عدد الوفيات الذي خلفته الهزة الأرضية إلى 2862 شخصًا، فيما وصل عدد الجرحى إلى 2562 شخصًا.

من جانبه يقول الشيخ شريف الهواري عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية بمصر، لا شك أن حادث زلزال المغرب آلمنا جميعًا كمسلمين، لم لا وهذا من أعظم حقوق الأخوة الإيمانية للمسلمين أن يتألموا لآلام إخوانهم، فالمسلم للمسلم كالبنيان المرصوص، وفي حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وأضاف الهواري لـ "الفتح" إننا ندعو الله في عليائه لمن مات منهم أن يكون من الشهداء كما بشّر النبي صلى الله عليه وسله، وهنيئًا لهم الشهادة وما سيكون لهم عند الله عز وجل، كما في الحديث: "للشهيدِ عندَ اللهِ ستُّ خصالٍ : يُغفرُ لهُ في أولِ دفعةٍ، ويَرى مقعدَهُ منَ الجنةِ، ويُجارُ منْ عذابِ القبرِ، ويأمنُ منَ الفزعِ الأكبرِ، ويُوضعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ، الياقوتةُ منها خيرٌ منَ الدنيا وما فيها، ويُزوَّجُ اثنتينِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ، ويُشفَّعُ في سبعينَ منْ أقاربِهِ".

وتابع، كما ندعو الله عز وجل بشفاء المصابين وعودتهم لممارسة حياتهم الطبيعية، وأن يجعل هذه الإصابات في موازين حسناتهم، وندعوه سبحانه أن يخلف على من تضرروا في مصالحهم وبلادهم خيرًا وأن يعطيهم أفضل مما أُخذ منهم.

وأردف: يبقى أن نذكّر أنفسنا، فالسعيد من وُعظ بغير، وإن تألمنا لكن الدرس بليغ، فالزلزال آية من آيات الله، والآيات يرسل الله بها لتخويف الناس، لكونهم انحرفوا عن الطريق، أو اقترفوا ما يؤدي للخلل في طريق سيرهم إلى الله، قال الله: "وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا"، لعل الناس يخافون من الله سبحانه وتعالى فيتوبون ويعودون إليه سبحانه منيبين إليه نادمين عما كان في حقه.

وتابع، فلعلنا نعتبر بما كان من الصحب الكرام حينما تفاعلوا مع هذه الآيات العظيمة التي يتم إرسالها للناس لتخويفهم ليعودوا، فقد حدث في زمن عمر رضي الله عنه زلزالًا اهتزت له المدينة، فنادى على مناديه أن نادي في الناس: "أن الصلاة جامعة"، فاجتمعت المدينة، فصعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله ثم قال: "أيها الناس لقد أحدثتم ورب الكعبة، ولئن عاد –الزلزال- لأخرجن من بين أظهركم"، وفي رواية "لا أساكنكم فيها أبدًا"، تخيل أن عمر رضي الله عنه يخاطب الصحابة الكرام والتابعين، وهم خير الناس كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويقسم عمر رضي الله عنه لهم أنكم أحدثتم شيئًا، فالواجب عليكم أن تتوبوا إلى الله وأن تنيبوا إليه وأن تستغفروا، وإلا.. فإن عاد الزلزال مرة أخرى، فلن أساكنكم فيها أبدًا.

وأشار، إلى أننا لذلك نقول: الزلزال آية من آيات الله عز وجل، ودع عنك من يقولون: "الطبيعة" وغيرها، ونحن لسنا ضد العلم، ولا ننكر العلم، ولكن نقول: من الذي حرك الأرض وهي ساكنة؟، ومن الذي أرسل السحاب؟، ومن الذي ينزل الغيث؟، ومن الذي سيّر النجوم والكواكب؟، إنه الله سبحانه وتعالى، والذي لا يكون في ملكه إلا ما يريد، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ونحن نؤمن أن الأرض زُلزلت بأمر ربها، أيًا كانت الأسباب المادية التي يذكرونها، لكن الله أمرها لتكون عظة وعبرة وآية للناس حتى يلتفتوا، فهذه آية من آيات الله ينبغي أن توقر وأن تقدر وأن تكون سببًا لعودتنا إليه سبحانه، ونحن نعلم أن الزلازل والبراكين والأعاصير من العلامات التي تدعونا للتوبة والإنابة، والسعيد من وعظ بغيره.

وفي نفس الصدد، يقول الشيخ عادل نصر المتحدث باسم الدعوة السلفية، لقد فُجع أهل المغرب بزلزال مدمر خلّف كثيرًا من الموتى والمصابين نسأل الله أن يتقبل من مات في الشهداء، وأن يعافي المصابين، وأن يلطف بهم.

وأضاف نصر لـ "الفتح"، أن الزلازل من جملة العقوبات الإلهية التي تصيب الناس بما كسيت أيديهم، كما قال الله: "قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ"، وقد قال كثير من المفسرين: أو من تحت أرجلهم أي الرجفة والقصف، والرجفة هي الزلزلة، ومن علامات الساعة أن تكثر الزلازل، كما في حديث رسول الله: "لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل"، رواه البخاري.

وأوضح أن الزلازل عقوبة إلهية عاقب الله بها أقوامًا وأهلكهم كما حدث مع قوم صالح، "فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين"، حيث عاقبهم الله بالرجفة من أسفلهم وهي الزلازل، والصيحة من فوقهم فماتوا في ساعتها، وكذلك كان من عقوبات قوم شعيب أن أخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين، والعقوبات تنقسم لقسمين، عقوبات كونية قدرية تنزل إذا فشت المعاصي والانحرافات كالزلازل والبراكين والأعاصير وغيرها، والخروج منها بالتوبة إلى الله، وعقوبات شرعية كالحدود والتعزيرات، والفرق بينهما أن الكونية القدرية تعم الصالح والطالح، وأما الطالح فبما كسبت يداه، وأما الصالح فبتقصيره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله.

وتابع: لذلك لما حدثت الزلزلة كان عمر بن عبد العزيز يقول عن الزلازل عقوبة من الله عز وجل على المعاصي، ولذلك بيّن كعب الأحبار أن الأرض عندما تحدث لها الزلزلة وترجف، فبسبب المعصية التي تحدث فوقها، فتغضب فرقًا لله عز وجل وخشية منه سبحانه وتعالى، وفي إشارة إلى كثرة الزلزال في نهاية الزمان يقول أبو هريرة: يوشك ألا تجدوا مساكن وبيوتًا، تذهبها كثرة الزلزال".

واختتم نصر بقوله: ننصح المسلمين ونهيب بهم أن نتوب إلى الله توبة نصوحًا وأن نقلع عن المعاصي والمخالفات، من انحرافات عقدية وأخلاقية وسلوكية وغيرها، يجب على الناس جميعًا أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى، فإن هذا هو أعظم الأسباب التي يرفع الله بها العقوبات القدرية الإلهية، لذلك ننصح بالتوبة النصوح وتصحيح العقائد من الشركيات، وترك المعاصي والمخالفات، يقول الله: فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا"، وننصح المسلمين بالتضافر والتعاون عند حدوث هذه البلاءات فينبغي على المسلمين أن يتعاونوا مع إخوانهم المنكوبين في المغرب وليبيا وغيرهما من بلاد المسلمين، كما نحذر من استخدام المصطلحات الخاطئة كـ"الكوارث الطبيعية" وغيرها من مصطلحات، والحقيقة أنها عقوبات من الله، ولا يحدث شيء في ملك الله إلا بقدر من الله.