قرى ومدن الأحواز تئن من تدني الخدمات وانعدام معدلات التنمية

الإقليم الغني بالثروات والحقول النفطية يعيش أهله في العصر الحجري

محمد علاء الدين

  • 24
الفتح - الأحواز أرشيفية

شكلت سياسات النظام الإيراني واستمرار سيطرته على الموارد الاقتصادية وجميع مجريات الحياة الاقتصادية في الواقع الأحوازي تحديات كبيرة أمام المواطن الأحوازي.

وعلى الرغم من أن الأحواز وما تضمه من ثروات تمثل شريان الاقتصاد الإيراني؛ فحقولها النفطية الضخمة جعلت إيران من أكبر دول العالم المصدرة للنفط، هذا بخلاف الأنهار والأراضي الخصبة.

وفي مقابل ذلك، انتهج النظام الإيراني سياسات تميبزية تستهدف إفقار الشعب الأحوازي، لترتفع معدلات البطالة، وتتدنى الأوضاع المعيشية، وتنعدم معدلات التنمية لتصل إلى صفر.

وعلى مدار أعوام متتالية تمكن النظام الإيراني من الاستحواذ على ما يقرب من 85% من النفط، والسيطرة بشكل كامل على الغاز الطبيعي داخل الأراضي الأحوازية، وإنتاج ما يقرب من 74% من الكهرباء بعد أن وضع النظام الإيراني يده على المصادر الطبيعية الأحوازية.

كما أحكمت إيران سيطرتها على مجرى الأنهار الأحوازية وهي الكارون والكرخة والجراحي، حيث شيد الحرس الثوري على مجرى نهر كارون وحده 90 سدًا، وهو أحد أكبر الأنهار في الأحواز.

وفي المقابل، تعرضت البيئة الأحوازية لانتهاكات واسعة شملت مكوناتها الأرضية والمائية والهوائية كافة، حيث شنت سلطات الاحتلال حربًا بيئية صامتة على الأرض الأحوازية مستهدفة تدميرها باعتبارها أحد أهم المكونات الرئيسة للهوية الأحوازية.

وواصل النظام الإيراني سيطرته على المصادر المائية ضمن سياسة ممنهجة يتبعها النظام الإيراني ومؤسساته التنفيذية لتعطيش الشعب الأعزل في أرجاء الأحواز.

وأجبر النظام الإيراني الأهالي على اللجوء إلى طرق بدائية وغير آدمية لتوفير المياه وذلك باستخدام صهاريج محمولة تتم تعبئتها عبر أنابيب نقل المياه، ما يجعلهم عرضة للأمراض والأوبئة، لتصبح الأوضاع أكثر خطورة، وخاصة في ظل زيادة درجات الحرارة خلال فصل الصيف والتي جعلت الأمور أكثر سوءًا.

ومع هذا التدمير البيئي المتعمد، شهدت القطاعات الخدمية انهيارًا واسعًا شمل جميع أنحاء الأحواز، فلم تعد شبكات الصرف الصحي قادرة على تصريف مياه الأمطار؛ بل إن الأمطار الخفيفة يمكنها بكل بساطة أن تغرق الشوارع وتصيب حركة الحياة اليومية بالشلل دون أن تسجل البلديات أي ردود فعل.

وفي أواخر أبريل 2023 غرقت الطفلة جنان في حفرة مياه للصرف الصحي على عمق 4 أمتار بالقرب من سوق كوت عبدالله، كما ابتلعت حفرة طفل على عمق ستة أمتار، ليخرج جثة هامدة بعد فشل جهاز البلدية من إخراجه حيًا.

وبعد الحادث الأليم بأيام غرق الطفل علي جاسم سرحاني داخل نهر من مياه الصرف الصحي في حي السرحانية بالمحمرة.

وفي مطلع شهر أغسطس من العام 2023، تداول نشطاء صورًا صادمة وثقتها الأقمار الصناعية وعدسات المصورين تظهر الجفاف والفرق الشاسع والتدمير المتعمد الذي أحدثته السدود والمشاريع الإيرانية الكارثية على هور الحويزة، بعدما كانت لآلاف السنين، مضرب مثل بوفرة المياه فيها.

من جهته، يقول حسن دهب، الباحث في الشأن الإيراني، إنه في الوقت الذي يتحرك العالم ويسابق الزمن لمواجهة تبعات التغير المناخي، يواصل النظام الإيراني تدمير البيئة الأحوازية والقضاء على كل ما هو أخضر وخاصة النخل الأحوازي لما له من رمزية في التاريخ العربي الأحوازي، ويساهم بشكل كبير في زيادة التصحر الذي يضرب الأراضي الأحوازية.

ويؤكد "دهب" في تصريحات خاصة لـ "الفتح" أن ما يشهده إقليم الأحواز يستدعي تحركًا دوليًا لمواجهة تلك السياسات التدميرية التي سيكون لها أثر كبير لا على الأحواز وحدها وإنما العالم أجمع.

ولفت إلى أن حق الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي، منصوص عليها في معاهدات حقوق الإنسان القائمة، وعلى المجتمع الدولي التحرك حتى يتحمل النظام الإيراني المسؤولية الرئيسية في ضمان تحقيق هذه الحقوق وسائر حقوق الإنسان الأساسية.

ودعا إلى بذل الجهود الحقيقية لتمكين الشعب الأحوازي من الوصول إلى مواردهم الطبيعية والتحكم بها لضمان التمتع بمستوى معيشي لائق وتحقيق التنمية في الأراضي الأحوازية.

  • كلمات دليلية
  • الأحواز