"برهامي": الحياة لا تخلوا من ألم.. وأنواع الصبر الثلاثة تجتمع فيمن يطيع الله

  • 48
الفتح - الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية

قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن أنواع الصبر الثلاثة: الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على أقدار الله المؤلمة، مجتمعة فيمَن يطيع الله -سبحانه وتعالى- في وقت الشدة؛ لأنك أثناء الشدة تحتاج إلى صبر شديد، الكل يريد أن يبعدك عن الطاعة، ويقول: ابتعد عن هذه الطاعة كي تسير حياتك بسهولة!، مضيفًا: لا والله، الحياة لا تسير بسهولة بغير طاعة الله، وإن ظنَّ الناس أنهم يعيشون حياة سهلة، فانظر إلى متاعب الناس الذين ابتعدوا عن الإسلام، وابتعدوا عن الدين، هل يعيشون حياة سهلة أم ضنكًا؟!

وتابع "برهامي" -في مقال له بعنوان "استعينوا بالله واصبروا 4" نشرته جريدة الفتح-: والله إنها حياة ضنكٍ وشقاء بأنواعه، حتى الأغنياء وحتى الملوك والرؤساء والكبراء، وحتى السادة المبرزون المشهورون، فإن حياة الضنك تحيط بهم كما توعد الله فقال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 123-126]، متسائلًا "لو لم يكونوا في ضنك، فلماذا يشربون الخمر؟! ولماذا يستعملون المخدرات؟! ولماذا يريدون أن يسيحوا في الأرض وينطلقوا بحثًا عن اللذات؟ لو أن الإنسان كان سعيدًا، فلماذا يبحث عن أسباب أقوى للمتعة؟! لماذا يغيب عقله؟!".

واستطرد: ثم ننتقل بعد ذلك إلى مقام الصبر -الصبر بأنواعه الثلاثة- وهي مجتمعة فيمَن يطيع الله، في فترات الشدة والمحن، وهي مجتمعة بالفعل؛ لأن الصبر صبر على الطاعات: وهو أعلى أنواع الصبر، وصبر عن المعاصي: وهو حبس النفس عنها، وصبر على أقدار الله المؤلمة، والإنسان تصيبه أشياء مؤلمة.

وأوضح "برهامي" أنه على أي الأحوال لا تخلو الحياة من ألم؛ منذ نزل آدم -عليه السلام- والإنسان يشقى، والدنيا فيها ضنك، ولا بد من وجود ألم في الدنيا، ولكن من الناس من يجري عليه الألم وهو في معصية الله، وهناك من يجري عليه الألم بغير طاعة ولا معصية، بل مصيبة تصيبه، وهناك من يجري عليه الألم من الكفار وهم في الكفر -والعياذ بالله-.

وقال: أما الصبر عن المعاصي فالكل يدعوك إلى المعاصي، وانتشار الفساد يجعل المعصية سهلة، يجعل المعاصي في متناول كل إنسان، متسائلًا "إذا أراد شاب مثلًا: أن ينال من فتاة شيئًا أيصعب عليه ذلك في وسط هذا الكم الهائل من التسيب والانحلال والإباحية؟"، مجيبًا: ولذلك فالصبر في هذا المقام أعظم من الصبر عن هذه المعصية في مجتمع مسلم كل الفتيات فيه محجبات، والرجال فيه -رجال- يمنعون نساءهم من الاختلاط المحرم الفاسد، ويمنعون بناتهم وأخواتهم من ذلك، المجتمع كله يذم من يزني، ويذم من ينظر، ويذم من يعاكس، ويتوعده بالعقاب، متسائلًا "أي الصبرين أعظم؟!"، مضيفًا: مع ما يوجد في المجتمع المسلم وهو مأمور بالصبر وكان ثوابه عظيمًا؛ فكيف في وسط الفساد المنتشر في الأرض، المبثوث في كل مكان، الذي يسهل معه أن ينال ما يريد إذا لم يكن يتقي الله -سبحانه وتعالى-.

وأكمل نائب رئيس الدعوة السلفية: أما الصبر على أقدار الله المؤلمة فإنما يصيبه بسبب طاعته؛ لأنه يتوعد ويخوف، قال تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 36]، وقد يصيبه في ذلك فيحتسب عند الله -سبحانه وتعالى-، ويصبر ويكون بذلك قد حصل أعظم أنواع الصبر.