موضحًا أسبابه وطرق علاجه.. "العريشي": جحود الحقائق والمسلَّمات من خطوات إبليس في فلسفة الإلحاد

  • 102
الإلحاد

قال علي العريشي، الكاتب والباحث الشرعي: إن منازعة الفطرة ومصارعة الضمير وجحود الحقائق والمسلَّمات خطوة إبليس اللعين في فلسفة الإلحاد؛ ظاهرة أخفتها سلامة الفطرة عبر القرون، وتجاهلتها مقرِّرات العقيدة في أوج التقدم التقني؛ لأنها فكرة غير معقولة المعنى ولا مقبولة المبنى.

وأضاف "العريشي"-في تصريحات خاصة لـ "الفتح"-: فحينما تتحدث عن الإلحاد فأنت تذكر مقدمات محطمة لنتائج مرة، ومن هذه الأسباب:

1- الجهل:

فالجهل بالدين وأحكامه أخطر أسباب هذه الفكرة، وهناك أيادٍ عابثة بثقافة الجيل داخل المجتمع تعمل على قدم وساق لتجهيله وتعميق الجهل فيه. وينبع من الجهلِ الجهلُ بسنن الله الكونية، وحكمته في قضائه وقدره، فلا تزال التساؤلات حبيسة الذهن خاضعة لسلطان الجهل فلا تجد مناصًا -من جهلها- إلا تبني هذه الفكرة وسقيها بالظنون والأوهام والكذب على الذات، قال تعالى: {..إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} [الأنعام: 116]، ولو التفت من تطرقت إليه هذه الفكرة إلى قوله تعالى: {..فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [النحل: 43]، لوجد الجواب لكل هذه الخواطر عندهم، ولكن الموفق من وفقه الله.

2- الانبهار بما عند الغرب من رؤى وأفكار وسلوك:

فيخلط من افتتن بذلك بين ما يقبل وما يرد، فإذا به يقبل ما عندهم برمته من مظهرهم ومخبرهم، حتى النجاسات التي في أمعائهم حتى حرية الإلحاد.

3- إهمال الوالدين غرس شجرة الإيمان من الصغر:

وتركهم المحافظة على سلامة الفطرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه" [متفق عليه].

4- التساهل والاستمراء في ذكر حال من تلبس بهذه الفكرة:

وربما نشر ذلك وتضخيمه، بينما يمكن أن يكون نشازاً في حالة ونحو ذلك.

5- حالة الانهزامية واليأس والإحباط:

مما يقع للمسلمين ونزل بهم من كوارث أو استضعاف أو قهر، فكأنه يتساءل "لماذا يسلط الله أعدائه على أوليائه؟"، فمع الجهل -كما سبق- والإحباط، قد يبتلى بذلك.

6- المرض النفسي:

وأكاد أجزم أن نسبة عظمى ممن ابتلي بقبول هذه الفكرة، كان سببه مرض نفسي، ربما أحيانًا وسواس قهري وقف عاجزًا عن علاجه عند المختصين، أو غير ذلك من أنواع الأمراض النفسية.

7- حب الظهور والشهرة:

وذلك بإظهار المخالفة والتمرد على ما حوله، وقد ذكر لنا التاريخ من أخبار الحمقى من بال في بئر زمزم، فلما سئل عن ذلك قال "ليذكره الناس ولو باللعن!".

8- المعالجة الخاطئة من المحيطين بهذه الحالة:

فربما يواجهونه بالتبكيت والتسفيه والسب والشتم، وربما بالضرب بدلًا من البحث عن حلول.

وأشار الكاتب والباحث الشرعي إلى أن ثمة حلولًا يمكن أن تقدم وتمارس لعلاج هذه الفكرة، ومنها:

1- المبادرة بغرس الإيمان والتوحيد الخالص وتأصيل العقيدة بصورة صحيحة وفق المنهج الذي ربي عليه الرعيل الأول والسلف -رحمهم الله-، غير مشوهة بتأويلات الأشاعرة والمناهج الكلامية والمسالك الفلسفية، ولا خرافات الصوفية والشيعة الاثني عشرية، ولا انحرافات وغلو الخوارج والمناهج الصدامية، فإن هذه الأفكار لا تنبت إلا من فساد الاعتقاد والتصور الحاصل بأطروحات تلك المناهج المنحرفة.

2- الاستعانة بأهل العلم في الجواب عن التساؤلات المطروحة ممن ابتلي بذلك، لاسيما وأن أكثر هذه التساؤلات هي شبهات حول أحكام شرعية دواؤها بيان أهل العلم.

3- نشر الوعي بخطورة هذه القضية، من غير إفراط ولا تفريط، بل بالحكمة المؤدية للغرض.

4- تسليط الضوء من خلال برامج متعددة على قضية الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، مع ضرورة اختيار المناهج المتزنة في هذا الباب.

5- تكاتف مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة لمواجهة هذه الفكرة؛ لأن انتشارها يحرق الأخضر واليابس، فلا يبقي قيمًا ولا مبادئَ، ولا غيرها.

- فالأزهر بوضع مناهج متطورة في أقسام العقيدة تعنى بمعالجة هذه القضية.

- والأوقاف بتقديم موضوعات معالجة بطريق غير مباشرة حتى لا تأتي بنتائج عكسية، مثل: الوقاية من التطرف الفكري في هذا الباب، بدلًا من تناول الإرهاب من جانب يهدم ولا يبني، ويضر ولا ينفع، وهكذا في بقية الموضوعات.

- والتعليم لابد أن تشتمل مناهجه على أفكار للتصدي لهذه الفكرة في المراحل المناسبة.

- والإعلام بوجود برامج حوارية متخصصة في نطاق معين كاشفة عن جوانب هذا الموضوع.

- والأمن بقيامه بحماية المجتمع والتصدي للبؤر المستهدفة لنشر هذه الترهات.

- والقضاء والتشريع بإيجاد الأحكام الشرعية الإسلامية الملائمة لكل مرحلة من مراحل التلبس بهذا الفكر، وسن قوانين رادعة مجففة لمنابع هذه الأفكار.

وهكذا كل من عليه دور يمكنه أداؤه، وفق الله شبابنا وبناتنا لكل خير، وحفظهم من كل سوء، وسلمهم من كل فتنة، و الله أعلم.