باب الله الأوسع.. "العريشي" يوضح فضائل التوبة.. ويحذر من حيل الشيطان لصرف العبد عنها

  • 159
الفتح-علي العريشي، الكاتب والباحث الشرعي

قال علي العريشي، الكاتب والداعية الإسلامي: إن التوبة باب الله الأوسع وحصنه الأرجى ووعده الأفرَح. أول المقامات وأوسطها ومنتهاها حينما تثقلنا الذنوب وتكبلنا أغلالها وتسود قلوبَنا كآبتُها يأتي نداء التواب الرحيم {قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣]، مضيفًا أنها أجرأ قرار وأرشد خطوة وأسعد لحظة حينما تصدق الرغبة في الخروج من مستنقع الرذائل والآثام ينيب القلب فيها إلى خالقه وذي المنة عليه {وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ..} [الزمر: 54]، معترفا بتقصيره، يتملق وهو يعتصره الألم من سهام الآثام الجارحة له، نادمًا على ما انفرط.

وتابع "العريشي" -في تصريح خاص لـ"الفتح"-: فتأتيه بشرى النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الندم توبة" [رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني]، ثم تخلص من سطوة الذنب بإقلاعه عنه، مقتلعًا جذور شجرة الفساد من قلبه و جوارحه، قال تعالى: {إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ..} [البقرة: 160]، ثم مضى بعزم أكيد على عدم العود، مهما كانت المغريات، مذكرًا نفسه بقوله تعالى: {تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا ..} [التحريم: 8]، ولما علم أن الملك لا يقبل منه ذلك ما دام هناك حقوق ومظالم لعباده بادر بردها لأصحابها. لا سبيل إلى عدم العود إلا بالمضي قدمًا على وجه العجلة، قال تعالى: {..وَعَجِلۡتُ إِلَيۡكَ رَبِّ لِتَرۡضَىٰ} [طه: 84]، تبديلًا لنمط الحياة الملول، بتبييض الصحيفة بالسيرة الجديدة {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰت..} [الفرقان: 70]، يا بشرى بتوبة الموفق لها التواب، وحادي طريقها واعظ الله في قلب المؤمن، ومن يقبلها من دعا إليها وأعان عليها.

وأشار الداعية الإسلامي إلى حيل الشيطان للصرف عن التوبة، قائلًا: وللشيطان مداخل وحيل في صرف العبد عنها، منها: 

1- التسويف والأماني بطول العمر، وما شعر أن الموت لا يُؤذن أحدًا بمهمته، قال تعالى {..وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} [الحديد: 14]

2- التقنيط والتيئيس من رحمة الله، يوسوس إليه، كيف وأنت صاحب عظام البلايا؛ وقد قال تعالى {..لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ..} [الزمر: 53].

3- تهوينه من شأنها، وأن غيره ذنوبه أكثر، وجناياته أكبر.

4- تسويله له أنه غير صادق في التوبة، وما ترك المعصية إلا عجزًا، أو فقدًا أو حفظًا للهيبة والحشمة، فلا يزال به حتى يواقعها ليثبت لنفسه خلاف ما توهم، وهيهات، فقد عبث به عدوه حتى أوقعه فيما أراد.

5- إنساؤه ذنوبه، وشغله عنها، وأقبح من هذا أن يشغله بذنوب غيره، قال تعالى: {..أَحۡصَهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} [المجادلة: 6]. فلا بديل عنها، إنها الخيار الأوحد "التوبة"، اللهم تب علينا لنتوب، اللهم اغسل حوبتنا، وتقبل توبتنا، اللهم مسكناها حتى نلقاك بها، اللهم القَنا بجميل سترك وعفوك يوم نلقاك.