عاجل

6 وسائل متاحة لنصرة الأقصى.. "علي العريشي" يوضح طرقا مشروعة وأسبابا للنصر ميسرة للجميع

  • 919
الفتح-علي العرايشي، الكاتب والباحث الشرعي

قال علي العريشي، الكاتب والباحث الشرعي: إن الأقصى هو قلب الأمة النابض، لا تتوانى قلوب المؤمنين في الذود عنه دوما. ودونكم وسائل مشروعة يسرها الله تعالى لتقديم ما تستطيع لنصرة الأقصى، لكن بين يدي هذه الوسائل خمس تنبيهات؛

1- هذه الوسائل أو المهمات جميعها في المتاح.

2- لا تُهوِّن من هذه المهمات وإن رأيت غيرها أعظم منها، ولا تحقر شيئًا من ذلك إن أتى غيرك به وتركته أنت لعجزك.

3- كل هذه المهمات إنما هي أسباب ولا يكون إلا ما قدره الله تعالى.

4- هذه الوسائل لا فائدة منها ما لم تخرج إلى حيز التنفيذ والتفعيل في أرض الواقع.

5- لا تنم لك عين ولا يغمض لك جفن حتى تختار منها -أو من غيرها- ما يسره الله تعالى لك لنصرة هذه القضية ولنصرة المرابطين عليها ولنصرة أهل الإسلام في تحرير المسجد الأقصى.


وأضاف "العريشي" خلال كلمته بندوة "فلسطين في القلب":

المهمة الأولى: تحقيق الإيمان وتعميقه وتكميله، فمن يحقرون من مسائل الإيمان ومن هذه الوسيلة العظيمة والتي هي أولها وأولاها على الإطلاق، لا يفهمون شيئًا عن طبيعة الطريق، لا يمكن أبدا أن تقدم شيئًا لنصرة المسجد الأقصى إلا من خلال هذا الباب وهذا المقام -مقام الإيمان- لأن الله تعالى ما أعطى وعدًا مطلقًا لجميع الناس وإنما أعطى وعدًا لأهل الإيمان فحسب أن لهم النصر والتمكين قال تعالى "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا" [النور:56]، فحينما تتحقق عبادة الله تعالى ونخلص العبادة له يستحق المسلمون حينئذ النصر والتمكين.

ألم يقل تعالى "وَكَانَ حَقًا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" [الروم 47]؟ فالنصر لا يأتي إلا لمن آمن بالله ربًا وإلهًا ونزهوا أسماءه وصفاته فجعلوا له ما يليق به سبحانه وتعالى وعظموه حق قدره، وبدون ذلك لا تسأل أبدًا عن تحصيل النصر والتمكين. واسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أُبي -رضي الله عنه- "بشر هذه الأمة بالعزة والسناء والنصر والتمكين فمن يعمل منهم عمل الآخرة يريد به الدنيا ليس له في الآخرة من نصيب"، وقال "إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بإخلاصهم ودعائهم"، أرأيت أثر الإخلاص في تحصيل النصر، وتأثير الإيمان وتسببه في تحصيل النصر من الله -تعالى-؟

فهذا هو أول ما تستطيع أن تقدمه لهذه القضية العظيمة.


وتابع الكاتب والباحث الشرعي:

ثانيًا: نستطيع أن نقدم توبة صادقة ونصوحًا لله تعالى؛ لأن الذنوب والمعاصي التي اقترفتها أيدينا إنما هي سبب هزيمتنا وسبب تسلط الأعداء على المسلمين، قال تعالى "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ".

وعن عائشة رضي الله عنها- كانت إذا صُدعت رأسها، تمسك برأسها وتقول "هذا بذنبي وما يغفره الله أكثر". فتأمل هذا المعنى، إنهم علموا أن سبب البلاء وتسلط الشر على أهل الإسلام إنما هو الذنوب والمعاصي. ومن ثم لا سبيل للخروج من هذا إلا بإحداث توبةٍ صادقة ونصوحٍ لله تعالى.

ألم يقل الله تعالى لأصحاب النبي لما أصابهم ما أصابهم يوم أحد "أَوَلَمّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكٌمْ " [آل عمران:165]؟

ولما أصيبوا بما أصيبوا به من الإعجاب بالقوة والعدد في يوم حنين قال تعالى"وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمّ وَلّيْتُمْ مُدْبِرِينَ* ثُمّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المٌؤْمِنِينَ وَأنْزَلَ جُنُودًا لَم تَرَوهُا وَعَذّبَ الّذِينَ كَفَروا وَذَلِكَ جَزاء الْكَافِرينَ * ثُمّ يَتٌوبُ اللهُ مِن بعْدِ ذَلِكَ عَلى من يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"؟

ألم يقل نبينا -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر حال انحراف الأمة آخر الزمان قال"سلط الله عليكم ذلًا لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم"؟

فالذي لا ينبغي أن نعجز عنه: إحداث توبة لله من التقصير في الواجبات، وفي الحقوق، ومما اقترفت أيدينا سرًا وعلانية، مما تفوهت به ألسنتنا من المحرمات؛ من الكذب، والغيبة، والنميمة، والسب والشتم، وغير ذلك من المحرمات، ومما اقترفت جوارحنا كذلك، نسأل الله المغفرة والعفو منه.


وأشار إلى الوسيلة الثالثة وهي: التغير الحقيقي، فالأقصى لا ينتفع أبدًا من أناس لاتزال عقائرهم ترتفع وهم يصرخون وينادون في الميادين العامة دون أن يتغيروا، بل لابد أن يتغيروا. فالله تعالى لم يغير حالنا من قوة إلى ضعف، ومن عزة إلى ذلة، ومن تمكين إلى استضعاف، إلا بسبب أننا تغيرنا فغير الله ما بنا. قال تعالى "ذَلِكَ بِأَنّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغيِّرًا نِعْمَةً أَنْعمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتّى يُغَيّرٌوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" فإذا تغيروا غير الله ما بهم.

وإذا أردنا أن يتغير هذا الحال فلا بد أن نتغير من السيء إلى الحسن، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن البدع إلى السنن، ومن فساد العقائد إلى تصحيحها، وغير ذلك من المعاني، قال تعالى "إِنّ اللهَ لَا يُغيّرُ مَا بِقَومٍ حَتّى يُغَيّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" [الرعد: 11].

واعلم أنه لن يتغير الواقع أبدًا إلا بأن نتغير تغيرًا حقيقيًا من الداخل وأن يظهر ذلك علينا في الخارج في ظواهرنا، ومظاهرنا، في عباداتنا وأخلاقنا وسلوكياتنا، وعلى إثر ذلك يكون الاهتمام بالعمل الصالح، قال تعالى "وَعَدَ الله اللّذِنَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ" وقال وهو يعد هؤلاء بأن لهم النصر والتمكين وبأنلهم الأرض بعد ذلك "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ"[الأنبياء: 106] إذًا لابد أن نتغير -أيها الأحبة- تغيرًا حقيقيًا وليس صوريًا.

رابعًا: نصرة الدين، أن تنصر دين الله، ويكون ذلك بالعمل به والدعوة إليه، وبالذود والدفاع عنه، قال تعالى "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" [محمد: 7]، وقال "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" [الحج:40].

انصر دين الله، قدمه على العادات والأهواء والشهوات والتقاليد، وعلى ما تريده من القوانين الوضعية، قدم دين الله في يسرك وعسرك، في السراء والضراء، في الأفراح والأحزان، فإذا نصرنا دين الله أوشك الأقصى أن يعود بإذن الله.

وأضاف: ومن الوسائل أيضًا تحقيق الأخوة الإيمانية والمشاركة الشعورية، قال تعالى "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" [الحجرات:10]. فهؤلاء الذين يرابطون على الثغور هناك عند عتبات بيت المقدس، في أحياء المقادسة، وغيرها من الأحياء ثم كذلك على أرض غزة الشامخة، إخوة لنا في الله تعالى. وهذه الأخوة لابد أن تتشعب حتى تشمل كل مسلم في أنحاء العالم، شرقيه وغربيه. فلابد من تحقيق الأخوة الإيمانية حتى يتحقق لنا عود الأقصى إذا ما ترابطت القلوب وتآلفت واتحدت المشاعر والعواطف وتظافرت الجهود بعد ذلك بإذن الله تعالى.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". نحتاج لأن يشعر بعضنا ببعض إلى أن تتحقق هذه الأخوة؛ حتى يكون ألمك ألمي، وفرحك فرحي، وحتى يكون سرورك سروري، وشِدّتك شِدّتي وسعتك سعتي، ونحتاج أن نجمع بين الفرح والحزن؛ فنفرح بما أحدثه إخواننا من نكاية في هؤلاء. ونفرح كذلك بأن يرجع إلينا بيت المقدس. ولكن نحزن على ما أصابهم وبما ابتلوا به، نسأل الله أن يكف أيدي الكفار عنهم ويعجل بالفرج عنهم. قال تعالى"الم *غُلِبَتِ الرّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ *فِي بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنِينَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ"[الروم:1-5]، نصر الله آتٍ لا محالة، ولابد أن يكون مقتضى هذه الأخوة الإيمانية مترجمًا في هذا المعنى؛ نفرح من وجه ونحزن من وجهٍ آخر.

واستكمل، أما المهمة السادسة هي: إحياء قضية الولاء والبراء في النفوس وتطبيقها في أرض الواقع، إذ هذا الذي حدث من أعظم المناسبات لكشف معالم هذه القضية.

وانظر إلى مشاعر المسلمين الجياشة التي تحركت من أعماق قلوبهم في مشارق الأرض ومغاربها نحو هذه الأحداث، إنها كشفت عن أن ثمة ولاءً عظيما لأهل الإسلام ولمقدسات المسلمين، حري بنا بعد ذلك أن نستصحب هذه القضية حتى تكون كالبوصلة لنا في تصرفاتنا؛ من نحب ومن نبغض، من نوالي ومن نعادي، من نتبرأ منه، من الذي يستحق النصرة ومن الذي يستحق البراءة بعد ذلك، قال تعالى"إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ *وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ".

ويقول تعالى وهو يحذر من موالاة غير المسلمين"يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ"، فإياك أن تواليهم، لا في الموضات ولا في التسريحات، ولا في الملابس ولا في العقائد، لا في الثقافات والاعتقادات، واحذر من مشابهة هؤلاء.

ثم كذلك حذر الله تعالى من موالاة هؤلاء في قوله "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمۡ هُزُوٗا وَلَعِبٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَٱلۡكُفَّارَ أَوۡلِيَآءَۚ" وقد رأينا معالم هذه الموالاة التي يوالي بعضهم بعضا عليها، حيث تحرك العالم الغربي، وتحركت العديد من الدول حتى يناصروا إخوانهم في الكفر، ويناصروا هؤلاء الظالمين على أولئك المظلومين المستضعفين، إنهم يوالي بعضهم بعضا، فالحذر من موالاة هؤلاء والحذر من أن نوالي دولًا أو رموزًا أو نوالي تصرفات أو نحو ذلك من المعاني.