أهل الإيمان أحق بأرض الإسلام.. نائب رئيس الدعوة السلفية: فلسطين قضية المسلمين وليس الفلسطينيين وحدهم

"برهامي" يؤكد ضرورة ألا نسمح بتغيير عقيدتنا وثوابتنا ووجوب نقلها للأجيال القادمة واضحة كالشمس بخلاف ما يريده الأعداء من طمس التاريخ وقتل الرجاء في المستقبل ولن يكون أبدًا

  • 49
الفتح - الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية

قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إننا نُقِر بأحقيّة أهل الإيمان بأرض الإسلام (قضية فلسطين بين العقيدة والسياسة): قال -تعالى-: {وَلَقَدْ ‌كَتَبْنَا ‌فِي ‌الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]، وقال -تعالى-: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ‌وَالْعَاقِبَةُ ‌لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، مشيرًا إلى أنه مِن هذا المنطلق خرج الصحابة -رضي الله عنهم- من المدينة المنورة فاتحين لمشارق الأرض ومغاربها، ولم يكونوا مالكين قبل ذلك لمصر والشام والعراق، وغيرها من البلاد، ولا لهم فيها حقوق تاريخية -كما يقولون!-، وإن شئتَ قلتَ: بل لهم كل الحقوق التاريخية؛ لأن الوراثة الحقيقية لآدم -عليه السلام- ثم لجميع الأنبياء والرسل مبنية على العقيدة والإيمان، لا على مجرد النَّسَب والقومية.

وأوضح "برهامي" -في مقال له بعنوان "لماذا ندعو إلى ترك التطبيع؟ (1)"- إنه من هذا المنطلق استحق بنو إسرائيل لما كانوا على الإسلام والإيمان زمن موسى وهارون ويوشع بن نون وراثة الأرض المقدسة -بل أرض مصر أيضًا- بنص القرآن: {وَأَوْرَثْنَا ‌الْقَوْمَ ‌الَّذِينَ ‌كَانُوا ‌يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: 137].

وأضاف: فنحن لا نرى في وراثة موسى ومَن معه من المؤمنين المسلمين لأرض مصر احتلالًا إسرائيليًّا، بل فتحًا إسلاميًّا، قال -تعالى- عن قوم فرعون: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ ‌مِنْ ‌جَنَّاتٍ ‌وَعُيُونٍ . وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ}[الشعراء: 57-58]، لافتاً إلى أنه لما زال إيمان بني إسرائيل وإسلامهم بالكفر زال استحقاقهم، وكذلك في أرض فلسطين، فإنهم لم يستحقوها لمجرد أنهم أبناء يعقوب "إسرائيل" -عليه السلام-، بل لكونهم مسلمين مؤمنين، قال -تعالى-: {وَقَالَ ‌مُوسَى ‌يَا قَوْمِ ‌إِنْ ‌كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس: 84]، مستطردًا: ومن نفس المنطلق استحق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون معه، أرض يهود المدينة وديارهم وأموالهم، قال -تعالى-: {وَأَوْرَثَكُمْ ‌أَرْضَهُمْ ‌وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} [الأحزاب: 27]، فلم يستحقوها بوصفهم عربًا، بل بوصفهم من المسلمين، نصرهم الله على كفار بني إسرائيل.

وتابع "برهامي": وإذا كانت "كامب ديفيد" لم تغيِّر عقيدة يهود في استحقاقهم الأرض من الفرات إلى النيل، ولا تزال خريطة "إسرائيل" على باب الكنيست كذلك بعد المعاهدة، ولم تغير إسرائيل عَلَمَها "نجمة داود بين خطين أزرقين رمزًا لملك إسرائيل بين النهرين"، متساءلًا "فلماذا يريدون منا أن نغيِّرَ عقيدتنا في استحقاق أرض الإسلام لأرض فلسطين؟ ولماذا يشترطون علينا أن ننقل للأجيال القادمة قتل الرجاء المنشود -بل اليقين الموعود، فالله لا يخلف الميعاد-؟!"، مضيفًا: وليس مِن حق أحدٍ أن يطلب منا ذلك، وإن كنا نعرف الفرق جيدًا بين المطلوب المرجو وبين الممكن المتاح، وهذا الذي تبحث فيه السياسة، وهو الذي يقدَّر بالمصلحة والمفسدة، والقدرة والعجز، فلا يمكن أن نغفل الموازين على الأرض؛ لأننا أمرنا بذلك شرعًا، قال تعالى: {فَإِنْ ‌يَكُنْ ‌مِنْكُمْ ‌مِائَةٌ ‌صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66].

وأكد ضرورة ألا نسمح بتغيير عقيدتنا وثوابتنا التي يجب أن تنقل للأجيال القادمة واضحة كالشمس، بخلاف ما يريده الأعداء من طمس التاريخ وقتل الرجاء في المستقبل، ولن يكون أبدًا. ولا نسمح بأن تغير السياسة العقيدة، ولا نسمح للنسبي أن يغير المطلق، ولا نرضى بأن يمحو المتغير الثوابت، قال تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ ‌نَبَأَهُ ‌بَعْدَ ‌حِينٍ} [ص: 88].

وتساءل نائب رئيس الدعوة السلفية: "هل فلسطين قضية الفلسطينيين وليس المسلمين؟"، مجيبًا: فلسطين ليست قضية الفلسطينيين، هذا ترسيخ لهذه المسألة؛ لأن قضية فلسطين قضية المسلمين، نحن مسلمون قبل أن نكون مصريين، نحن قضيتنا أننا ننتمي إلى الإسلام أعظم من انتمائنا إلى مصر، فلذلك قضيتنا هي أفغانستان، والعراق، والشيشان، والصومال، وفلسطين كذلك، كلها قضايانا؛ لأن المسلمين جسد واحد، وهذا بنص الحديث: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ ‌بِالسَّهَرِ ‌وَالْحُمَّى" [متفق عليه].