حتى إن كانت القوة غير كافية.. "فريد": إذا أخذ المسلمون بأسباب النصر وتوكلوا على الله أمدهم بأسباب لم تخطر على بالهم

  • 41
الفتح - الدكتور أحمد فريد، مستشار مجلس إدارة الدعوة السلفية

قال الدكتور أحمد فريد، مستشار مجلس إدارة الدعوة السلفية: إن الدارس لسيرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- يزداد يقينًا بنصر الله -عز وجل-، وثقة بوعده، مشيرًا إلى أنه في غزوة "بدر الكبرى"، كان عدد المسلمين ثلاثمائة وسبعة عشر رجلًا، ولم يكن معهم إلا فَرَسَان، وسبعون بعيرًا، وكان عدد المشركين يفوق الألف، ومعهم مائتي فرس، وعدد من الجمال، فكانوا ينحرون في اليوم الواحد من تسعة إلى عشرة، ومع ذلك نصر الله -عز وجل- المؤمنين نصرًا مؤزرًا، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ ‌بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123].

وأضاف "فريد" -في مقال له بعنوان "معارك حاسمة في تاريخ الإسلام (4)" نشرته جريدة الفتح- أن الله -عز وجل- نصرهم بأسباب لم تخطر على بالهم، فقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- المشركين في منامه قليلًا، كما قال تعالى: {إِذْ ‌يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الأنفال: 43].

وتابع: ولما التقى الجمعان رأى المسلمون المشركين قليلًا، ورأى المشركون المسلمين قليلًا، حتى يغري كل طائفة الأخرى، كما قال تعالى: {وَإِذْ ‌يُرِيكُمُوهُمْ ‌إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [الأنفال: 44]، ولما أغرى الله -عز وجل- كل طائفة بالأخرى، صار المشركون وهم ثلاثة أضعاف المسلمين يرون المسلمين ضعفهم، كما قال تعالى: {قَدْ ‌كَانَ ‌لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران: 13].

واستطرد "فريد": وليلة المعركة أرسل على المشركين مطرًا شديدًا جعلهم لا يستطيعون التحرك من أماكنهم، وأرسل على المسلمين مطرًا خفيفًا طهَّرهم به، وأنعش جوارحهم، وثبَّت الأرض من تحتهم، كما قال تعالى: {إِذْ ‌يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11]، وكذلك أوحى الله -عز وجل- إلى ملائكته أن يثبتوا الذين آمنوا، وألقى الله -عز وجل- الرعبَ في قلوب الكافرين، كما قال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ ‌بَنَانٍ} [الأنفال: 12].

ومن صور معونة الله لهم أيضا كما قال "فريد": نزول الملائكة تقاتل مع المسلمين، كما قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ‌مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9].

وأوضح مستشار مجلس إدارة الدعوة السلفية أنه إذا أخذ المسلمون بأسباب النصر، كما قال تعالى: {وَأَعِدُّوا ‌لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]، وإن كانت هذه القوة غير كافية، وتوكلوا على الله -عز وجل-، وكفي بالله وكيلًا، أمدهم الله -عز وجل- بأسباب لم تخطر على بالهم، قال تعالى: ({وَمَا ‌النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 10].