سليمان جودة والرقص الشرقي

  • 147

دأبت صحيفة المصري اليوم على مهاجمة الدعوة السلفية وشيوخها وتلفيق الأخبار الكاذبة عنهم، وهاهى تنشر مقالا للكاتب الكبير سليمان جودة تحت عنوان "الراقصة التى انشغل بها السلفيون" الذى شن فيه الكاتب هجوما حادا على السلفيين متهما إياهم بتهم متعددة على رأسها انشغالهم بالراقصة وهو يقصد ذلك البرنامج الذى أعلنته قناة "القاهرة والناس" الذى يتم فيه تنظيم مسابقة عالمية للرقص الشرقى على أرض مصر، لاختيار أحسن راقصة فى العالم.
 
هذا البرنامج الذى لم يهاجمه السلفيون فقط، إنما هاجمه علماء الأزهر واستنكره واستهجنه بل بصق عليه كل مصري غيور على دينه خائف على بلده وعلى من فيها من الشباب،ولقد نزل بيان علماء الأزهر على قلوب الناس بردا وسلاما بما استنكروا هذا البرنامج وعلى أثره تم وقف البرنامجوصمم العلماء على ملاحقته قضائيا حتى يتم وقفه نهائيا،وأعجبنا تمييز علماء الأزهر لموقفهم لأنه بالإضافة إلى حرمة الرقص الشرقى الذى تُظهر فيه النساء ما أمرهن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بإخفائه،كذلك فإن هذا البرنامج ظهر فى توقيت سيئ للغاية يضر بمصر كلها،فى الوقت الذى يبذل فيه الشيوخ والعلماء ومن بينهم شيوخ وعلماء ودعاة الدعوة السلفية جهودهم الكبيرة لإقناع الشباب بعدم الخضوع للفكر التكفيرى المتشدد وعدم الانسياق وراء كلمة "الخلافة الإسلامية"، التى يطلقها وحوش بشرية لا علاقة لهم بالإسلام،فى هذا الوقت الذى لا يكاد يخلو بيت فى مصر إلا وفيه يتيم أو أرملة أو أب مكلوم حزين على ابنه الشاب الذى قتل وهو يدافع عن البلد، فى هذا الوقت الحرج يخرج علينا دعاة هذا البرنامج الذى يهدفون فيه ويشغلهم كما يشغلهم الكاتب الكبير كما هو واضح تحديد واختيار أفضل راقصة على مستوى العالم فى الرقص الشرقى.
 
ولقد لفت نظرى فى مقال "الكاتب الكبير " أنه راهن نفسه وراهن غيره على ضبط السلفيين متلبسين بالحضور فى أى قضية جادة ولكن على حد تعبيره دون جدوى،والحقيقة أننا نشهد أننا غير مهتمين على الإطلاق فى رهان الكاتب المذكور سواء كان لنفسه أو لغيره من أمثاله، ذلك أننا نرى أن المسألة لا تحتاج إلى رهان كما أننا نطمئن الكاتب ونطمئن أمثاله مؤكدين أنه لن يكسب رهانا مقلوبا أبدا، بمعنى أن الكاتب يرى انشغال السلفيين بقضية برنامج الرقص الشرقى العالمى على أرض مصر لاختيار أفضل راقصة،يراه أمرا غير جاد، وأقول للكاتب إنه أمر غير جاد بالنسبة إليك وإذا أجريت استفتاء على ذلك من خلال صحيفتك سوف تكتشف صدق ما أقول وأن الشعب المصرى وخصوصا فى مثل هذه الظروف التى يعيشها تشغله أمور كثيرة على رأسها خوفه على بلده بالإضافة إلى كونه شعبامن أكثر الشعوب فى المنطقة تدينا وحبا لدينه وقيمه ولا ننسى هذا التوقيت تحديدا الذى تصير فيه قلوب أبناء الشعب إلى بيت الله الحرام شرفا لأداء فريضة الحج، وذلك أن الكاتب المذكور يتهم السلفيين أنهم لم يكونوا موجودين فى الاستفتاء على الدستور، وهم من شركاء فى وضعه،ونحن نتساءل كيف يشترك السلفيون فى وضع دستور ثم يغيبون عن الاستفتاء عليه ؟!
 
أيها الكاتب لقد شاركت إن لم تكن من واضعى هذا الكذب والافتراء أصلا حيث خرج علينا العديد من الإعلاميين المعروفين بأنهم ممولون يتهمون السلفيين بعدم الخروج للاستفتاء،وانشغل هؤلاء فى هذه القضية وقتها ولسان حالهم يقول فرغنا  من الإخوان فهيا بنا ننشغل بالسلفيين حتى نلحقهم بهم.
 
أيها الكاتب أدعوك إلى التركيز فى كلامك هذا، وسوف تكتشف أنه كلام فارغ لا أساس له من الصحة ومؤامرة مكشوفة لدينا ومفضوحة، ونحن نفهمها جيدا.
وقد عدد الكاتب الكبير قضايا كثيرة ومتعددة ومشاريع رائعة أعلنت إقامتها الدولة من أجل النهوض بمصر اقتصاديا، واتهم السلفيين بعدم الاهتمام بها،حتى قضية " الإرهاب والتكفير والتشدد " الذى يهدد البلد.
 
ولا أدرى كيف اهتم هو بقضية "الإرهاب والتكفير " هذه على سبيل المثال التى تهدد المجتمع بالتأكيد وما الذى يعرفه الكاتب عن  "الفكر التكفيرى " و"مسائل الإيمان والكفر " وكيف يمكن الرد على هذا الفكر وإقناع الشباب بذلك وحمايتهم منه. 
 
كم مقالة يا ترى كتبها وكم محاضرة ألقاها الكاتب وكم ندوة عقدها وكم مؤتمرا دعا إليه وكم خطبة جمعة ألقاها مثلاً فى مسجد كبير أو تعقيب على خطبة جمعة يوضح فيه خطورة هذا الفكر ويشرح نشأته ويبذل الجهد لإقناع الشباب وحمايتهم منه، يالا العجب إنها كالعادة مجرد عناوين تكتب ولا أحد يلتفت إليها من شباب مصر.
هذا وقد أكد الكاتب فى مقاله على تفاهة  قضية الرقص الشرقى وانشغال السلفيين بها ودعاهم إلى عدم النظرللقرون الماضية،وحثهم على النظر فقط للحاضر والمستقبل.
 
ونحن نتساءل بعجب شديد أى قرون ماضية تحذر السلفيين منها؟ إن الحلال والحرام أمر جاء به كتاب ربنا عز وجل وبينه رسولنا صلى الله عليه وسلم، وذلك منذ أكثر من 14 قرنا، وسنظل وسيظل كل مسلم محب دينه ينشغل بذلك إلى أن يلقى الله عز وجل.
 
كيف تطالبنا يارجل بنسيان تلك القرون التى عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته ومن بعدهم من التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،بل إننا لا ننسى القرون التى كانت قبل ذلك التى تحدث عنها كتاب ربنا ومن بينها قرون "عاد ، ثمود، وقوم لوط،وغيرهم " ، وسيرالأنبياء الذين بعثهم الله إليهم، كل ذلك لنلتمس العظات والعبر ولنسير على نهج الصالحين ونبتعد عن نهج أعداء الله عز وجل منذ خلق الله آدم وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وأنت أيها الكاتب الكبير لو نظرت فى اسمك الذى تسميت به ويناديك به أصحابك وجلساؤك فى اليوم الواحد مئات المرات،ولكنه عادة يكون مقرونا بلفظ "بك "لتبينت أن والديك يرحمهما الله تعالى سواء كانوا أحياء أو أمواتا، نظرا إلى الماضى واهتما به عندما أطلقا عليك اسم "سليمان "،وما كان ذلك إلا لحبهما لهذا النبى الكريم،أما إذا كنت تستهزئ بالقرون الماضية التى تحمل سير الأنبياء التى فيها أخبرنا بديننا وعرفنا من خلالها الحلال والحرام فتلك مسألة أخرى لن أخوض فيها.
 
وأما تبريرك بالاهتمام بالرقص وبأنه فن قديم وبأنه كان لقطة فى أفلامنا القديمة تعبر عن البهجة والفرح، فأنت قد وقعت فى نفس ما اتهمت السلفيين به وهو النظر إلى القديم وإلى الماضى والاهتمام به،لكن السلفيين ولله الحمد ينظرون إلى الماضى ليأخذوا أحسن ما فيه وهو تعلم الدين وفهمه والتأسي بالصالحين إلى غير ذلك من الأمور الهامة والضرورية،وأنت تنظر إلى الماضى وتأخذ أسوأ ما فيه، وهو الرقص الشرقى وتقول إنه كان تعبيرا عن البهجة والفرح،وأنا أسألك بل أستحلفك بالله: أى فرح هذا وأى بهجة، تفرح بماذا أيها الكاتب وتبتهج من ماذا؟!
 
بالله عليك راجع نفسك فأنا والله أستحى من الخوض فى تفاصيل ما يدل عليه كلامك، أيها الكاتب الكبير لقد هللت القناة صاحبة البرنامج فرحا بمقالك، وها هى تتبنى إعادة البرنامج مرة أخرى وستكون أنت أحد المسئولين عن ذلك،وأحذرك من قول النبى صلى الله عليه وسلم (وأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)، أيها الكاتب تدبر قول الله عز وجل (ولا يحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم)، وقوله عز وجل ( ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم )، فراجع نفسك وعد إلى ربك وتب إليه وتوسل إليه واسأله المغفرة فإن لحظة لقاء الله عز وجل قد قربت وكل منا يرجو أن يلقى ربه على عمل صالح يرضيه.
 
كما أدعوك إلى تدبر اتهامك للسلفيين بأنهم لم ينحازوا إلى خريطة الطريق،وأؤكد لك أن الرقص الشرقى الذى أفزعك اهتمامنا به لم يكن من خريطة الطريق، والسلفيون هم أكثر فئات المجتمع اهتماما بها وبكل ما ينصلح به حال بلدهم،ولكن المطلوب هو الإنصاف والعدالة فى الحكم على أولئك الذين لم يصدر منهم أبدا ما يسئ إلى مصلحة بلادهم، بل يعملون بكل جهد واجتهاد فى سبيل مصلحة بلادهم ومقاومة كل ما يأخذ الشباب إلى طريق غير الطريق الذى رسمه سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم،والله من وراء القصد، وهو الهادى إلى سواء السبيل.