الرد على شبهات "داعش" و"النصرة" ومن شابههم (الشبهة الخامسة)

  • 144

مسألة قتل الترس التى تكلم فيها أهل العلم، هذه المسألة فهمها القوم فهما مغلوطا وطبقوها فى غير الواقع المساوى لها كما هى عادتهم مع النصوص الشرعية يفهمونها على وفق هواهم، ويطبقونها فى الواقع المنحرف الذى يريدون شرعنته.
 
فبالنسبة لمسألة التترس نبين المسألة فى كلام أهل العلم:
 
أولا: أن مسألة التترس خاصة بحالة الحرب والمواجهة بين المسلمين والكفار وهذا واقع مخالف عن الواقع الذى يتكلم عنه العلماء، بالاضافة إلى أن الكفار المستهدفين فى ديار المسلمين دخلوا إلى بلاد الإسلام بعهد وأمان، ولسنا فى حالة حرب معهم بحيث يكون المسلمون الذين يساكنوهم فى حكم المتترس بهم فى الحرب (يعنى: أن هذه المسألة من القياس مع الفارق، وهو قياس فاسد وذلك لأن التترس هو أخذ الكفار رهائن من المسلمين معصومي الدم وجعلهم ترسا بينهم وبين المسلمين؛ حتى يكونوا حائط صد إذا رماهم إخوانهم المسلمين فيصيبوهم ولا تصل سهامهم للعدو)، ومعلوم أن هذه المسألة تكون بدار الحرب أو في ساحة المعركة بين جيشين متقابلين لا بدار الإسلام، أو في حال الهدنة أو المعاهدة .
 
الثانى : أن أغلب من فى ديار المسلمين مسلمون ومعاهدون، ومن يعيشون بيننا بأمان؛ فلا يجوز استحلال دمائهم بإجماع.
 
الثالث: أن هذه المسألة ليست مما اتفق عليه أهل العلم، ففيها خلاف معروف بين العلماء حول جواز قتل من تترس من الكفار فضلا عن المسلمين؛ فقد قال الإمام الشافعى رحمه الله تعالى:
"ولو تترسوا بمسلم رأيت أن يكفوا عمن تترسوا به إلا أن يكون المسلمون ملتحمين فلا يكفوا عن المتترس ويضرب المشرك ويتوقى المسلم جهده، فإن أصاب فى شيء من هذه الحالات مسلما أعتق رقبة".
 
وقال المجد ابن تيمية فى "المحرر":
"إن تترسوا بأسرى المسلمين لم يجز رميهم إلا أن يخاف على جيش المسلمين فيجوز و يقصد الكفار".
 
وقال المرداوى فى "الإنصاف":
(وإن تترسوا بالمسلمين لم يجز رميهم إلا أن يخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار، وهذا بلا نزاع).
 
بينما رأى مالك والأوزاعي في قتل الترس من الكفار إذا كانوا نساء أو أطفالا:"لا يجوز قتل النساء والصبيان إن تحصنوا بحصن أو سفينة وجعلوا معهم النساء والصبيان لم يجز رميهم ولا تحريقهم".
 
فإذا كان قول مالك تحريم قتل نساء المشركين وصبيانهم إذا تترس بهم الكفار، فتحريمه لقتل المسلمين من باب أولى!
 
فهذه أقوال العلماء فى المذاهب تدل على فساد ما يفعله أهل الضلال من استهداف المسلمين والمستأمنين بدعوى الترس.
 
رابعا: من أجازها من العلماء اشترط المصلحة، وأن تكون المصلحة ضرورية كلية قطعية.
 
فقد قال الإمام الغزالى فى "المستصفى":
"فإذا كان منشأ الخلاف في مسألة الترس الترجيح، إذ الشرع ما رجح الكثير على القليل في مسألة السفينة ورجح الكل على الجزء في قطع اليد المتآكلة . وهل يرجح الكلي على الجزئي في مسألة الترس؟ فيه خلاف؛ ولذلك يمكن إظهار هذه المصالح في صيغة البرهان، إذ تقول في مسألة الترس: مخالفة مقصود الشرع حرام، وفي الكف عن قتال الكفار مخالفة لمقصود الشرع. فإن قيل: لا ننكر أن مخالفة مقصود الشرع حرام، ولكن لا نسلم أن هذه مخالفة، قيل: فالكف عن المسلم الذي لم يذنب مقصود وفي هذا مخالفة المقصود. قلنا: هذا مقصود وقد اضطررنا إلى مخالفة أحد المقصودين ولا بد من الترجيح، والجزئي محتقر بالإضافة إلى الكلي، وهذا جزئي بالإضافة، فلا يعارض بالكلي".
 
خامسا: فإن قيل: يلزم من القول بمنع قتل الأبرياء اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم بقتل الأبرياء بالمنجنيق في الطائف وغيرها، فالجواب: أن ذلك كان في حالة حرب وحصار، ولم يكن قتالهم إلا بذلك، فالقياس قياس مع الفارق، وقد وقعت بين جيشين حربيين ، ليس فيها غدر ولا خيانة.