بعد تفشِّي الغش .. "القضاء الإداري" يقضي بإلغاء امتحان جميع المواد واعتبار الطالب الذي غش راسبًا

  • 135
ارشيفية

بعد تفشِّي الغش .. "القضاء الإداري" يقضي بإلغاء امتحان جميع المواد واعتبار الطالب الذي غش راسبًا
خبير تربوي: الحكم لن يمنع الغش .. واللوائح الوزارية المنظمة للامتحانات أكثر إحكامًا

تفشَّت ظاهرة الغش وتسريب الامتحانات خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"؛ مما سهَّل من عملية التسريب عقب بدء الامتحانات بقليل، ورغم تعدد الوقائع فإن إحداها في محافظة البحيرة برزت على الساحة، حيث ألغت الجهة الإدارية المختصة جميع مواد امتحان العديد من الطلاب بالصف الثالث الثانوي بالمحافظة في العام الدراسي 2014/2015؛ لتسريبهم الامتحان والغش الجماعي في مادة اللغة الإنجليزية، واعتبارهم راسبين في ذلك العام في جميع المواد.


وأيَّدت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، قرار الجهة الإدارية، حيث أكدت إلغاء امتحان جميع المواد، واعتبار الطالب راسبًا عامًا كاملًا لكل من يقوم أو يشارك بأية وسيلة إلكترونية أو هاتفية في تسريب الامتحان بقصد الغش أو محاولة الغش.


وأكدت المحكمة، أنه لا يجوز أن تتراجع الدولة عن وضع التعليم على رأس أجندتها كمدخل للتنمية الوطنية، قائلًا: "الدولة ملزمة بالهيمنة على عناصر التعليم الرئيسية، ولا يجوز أن يكون موقفها منه سلبيًّا أو متراجعًا أو محدودًا، ولا يجوز أن تنفصل البرامج التعليمية عن أهدافها ولا تنعزل عن بيئتها، ولا يكون استيعابها لحقائق العصر قاصرًا، بل يتعين أن تمد بصرها إلى ما وراء الحدود الإقليمية اتصالًا بالآخرين وتلقيًا عنهم إيغالًا في مظاهر تقدمهم".


ووصفت المحكمة، تسريب الامتحانات والغش الجماعي بالكارثة التربوية والأخلاقية والتعليمية؛ بسبب الفشل الذي أصاب دور المعلم وإدارة المدرسة والطلاب وأولياء الأمور.


ونبهت المحكمة، إلى أن منظومة التعليم في مصر في خطر جلل يستلزم استنهاض همم الأجهزة التعليمية والتنفيذية والتربوية؛ لتغيير النظام التعليمي واتباع الطرق الحديثة غير التقليدية لوضع الامتحانات لتبتعد عن التلقين وتقديم المناهج بما يناسب روح العصر.

بدوره، قال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية: إنني لا أتفهم لماذا صدر

هذا الحكم؟ مؤكدًا أن اللوائح الوزارية المنظمة لعملية الامتحان أكثر إحكامًا، وتضع عقوبات للغش، مشيرًا إلى أن هناك ظواهر مثل: التأخُّر عن الامتحانات، وهناك لوائح وزارية تحدد المدة المسموح بالتأخر فيها، والإجراءات التي يتم اتباعها مع الطالب، وكذلك الطالب الذي يفتعل لغطًا في اللجنة، كما أن هناك لوائح تختص بالطلاب الذين يغشون بدون وثائق تدينهم، مثل: من يطلب من زميله الإجابة، وهناك ما ينظم غش الطلاب من خلال كتاب أو أية وثائق تدينهم؛ وبالتالي يتم عمل محضر غش.


وأضاف مغيث، أن الغش أمر ليس بسيطًا وله أبعاد متعددة، وبالتالي فالقرار الوزاري الذي ينظم عملية الامتحان هو الأكثر قدرة على التعامل مع الغش، كما أن هناك فرصة ثانية من خلال نظام الدور الثاني لمن يثبت غشه، فالموضوع مركب وليس بسيطًا، موضحًا أن الحكم سيسهم بشكل ما في تقليل الغش من خلال البرشام مثلًا، ولكن لن يمنع الغش نهائيًّا، فهناك غش عن طريق الهاتف والإلكترونيات والإنترنت التي يصعب أن تتم لطالب بعينه؛ ولذلك من المستحيل أن يقوم هذا الحكم بضبطها، قائلًا: لذلك فهو حكم غريب.


وعن الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة الغش وتسريب الامتحانات، أوضح الخبير التربوي، أن الغش موجود وسيظل موجودًا ويزيد انتشاره عامًا بعد عام بسبب أولًا: زيادة أعداد طلاب الثانوية العامة؛ وبالتالي زيادة التنافس الذي بينهم، وثانيًا: قلة عدد المقاعد في الجامعة مع زيادة عدد الطلاب مما يؤدي إلى أن الطالب الذي سيحصل على 98% لا يضمن دخول كلية الطب إن أراد. وثالثًا: طريقة امتحان المقال في فترة واحدة، الذي يقيس فقط كمية ما قام الطالب بحفظه من معلومات، مؤكدًا أن كل هذه عوامل تشجع وتحرض على فكرة الغش.


وبالنسبة للحلول لتقليل ومنع ظاهرة الغش، قال الدكتور كمال مغيث، إنه ينبغي على الدولة التعامل مع الأسباب الماضية للحد من ظاهرة الغش، فنحن نحتاج إلى مدارس بها طلاب بكثافات أقل؛ مما يسمح بتدريس وتفاعل حقيقي داخل الفصل بين المعلم والطلاب، وزيادة ما تحتاجه الجامعات من طلاب وبناء جامعات جديدة، بحيث يتم النزول بتنسيق قبول الجامعات مما هو عليه الآن، كما نحتاج إلى تغيير طريقة امتحان المقال، ويتم توزيع درجات الامتحان طوال العام، ويكون جزءًا محدودًا لامتحان آخر العام، ولا يقتصر على الحفظ، ولكن يعتمد على النقد والتحليل والمقارنة والإبداع.