مصر إلى أين؟.. مخاوف من جًر مصر لخطر الانزلاق نحو العنف لتنفيذ سيناريو الجزائر أو لبنان

  • 132

خبراء ومحللون: قوى أجنبيه تروج لسيناريو الاحتراب الأهلي في البلاد
سياسيون: التصويت على الدستور سيجنب البلاد خطر السير نحو المجهول

إدارة الأزمة فن تطبق معطياتها ويستفيد من نتائجها كافة الدول المتقدمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ونحن في مصر لم نصل لمرحلة الخطورة بعد، فما زالت عقارب الساعة تدور، والحياة تسير، ولكنها تكتوي بنيران الأزمات، التي لم تفلح معها مسكنات الحقائب الوزارية التي شكلها رئيس الوزراء الهمام "حازم بيك الببلاوي".

الأزمات المتتالية تحاصر الدولة المصرية، لم تنجح معها الحبوب المنشطة، التي استخدمتها تلك الحقائب الاقتصادية في الخروج من دوامة التراجعات العنيفة، التي تعصف بالاقتصاد، والانفلات الأمني، وكلاهماعملة واحدة.

ما أدى إلى تخوف الكثيرين من إنزلاق الدولة المصرية في خطر الاحتراب الأهلي.

يأتي هذا في الوقت الذي ما زالت تٌصرفيه الحكومة على فرض القرارات الإنفرادية بل والعشوائية، وإلاً فما هو المقصود من جعل جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية"، أليس هذا مدعاة للإحتراب الأهلي بين أبناء الوطن الواحد، وأين إدارة الأزمات، واستشراف المستقبل، وأين هي سيناريوهات المرحلة الحالية والمستقبلية، هل فقدنا هذه العلوم، فأين العقول التي تفكر وتدير سياسة المرحلة.

يرى المحللون أن أغلب دول العالم بدأت من منحنى تحت خط الصفر، وتحدت العوائق العراقيل التي واجهتها، فأين نحن من اليابان التي واجهت خطر القنابل النووية لأول مرة في التاريخ، بعد "محو وإبادة" جزيرتي هيروشيما ونجازاكي إبان الحرب العالمية الثانية، لم تستسلم للهزيمة المعنوية، وقاومت الخطر النووي، وأعلنت رفضها، والاستسلام النفسي والمعنوي، بعد أن أغلقت على نفسها الباب، وصارحت الشعب بحجم الخطورة الذي واجهها، ووضعت لنفسها خطة البناء والتنمية، حتى سادت العالم في بحر سنوات عديدة من الزمان.

مقارنة بأرض الكنانة مصر، صاحبة أعرق الحضارات، مازالت تعاني من مرحلة المخاض، التي طالت وقست عليها، حتى كادت أن تنال منها.
أجمع الخبراء على ضرورة تفعيل مصالح البلاد العليا، والأخذ بإدارة الأزمات، كما فعلت الدول التي تجاوزت مراحل خطرة مرت على تاريخها، كـ"ألمانيا واليابان".

رهن الخبراء على خروج مصر من أزماتها، بالانتهاء من التصويت على الدستور، وسرعة المضي قدما في تنفيذ خارطة الطريق، التي وضعت الانتخابات البرلمانية في المقدمة، بعد الإنتهاء من التصويت على الدستور.

إضافة إلى أهمية الأخذ بفن إدارة الأزمات، وتطبيقها فى مؤسسات الدولة وهيئاتها المختلفة، حتى نستطيع أن نضع لأنفسنا حلولاَ للمشكلات والعوائق، التي تعترضنا وذلك للخروج من النفق المظلم، الذي تمر به البلاد، وأكدوا أن هناك من يسعى لتأجيج الفرقة والخلاف بين فئات الشعب، حتى تتحقق مآرب الغرب من الهيمنة على مناطق النفوذ في العالم العربي.

فصول المعركة

أكد شريف طه المتحدث الرسمي لحزب النور، أن فصول المعركة التي نعيشها الآن، مطابقة تماما لفصول أحداث الخمسينات والستينات، مما يوحي بأننا أمام جماعة تكرارية لا تتعلم من أخطائها.

وتابع طه: بالرغم من اختلافنا مع الجماعة، إلاَ أننا نرفض القرار الرسمي بتوصيفها جماعة إرهابية، وهو ما يستدعي بعض الملاحظات: من الناحية القانونية، والدستورية: فإن توصيف جماعة ما بأنها إرهابية، ليس عمل السلطة التنفيذية، بل القضاء هو المخول بإسقاط نصوص القانون على الواقع، وإلا كان من حق أي فصيل أن يتهم فصيلا أخر بالإرهاب، وأنه من نفذ العمليات الإجرامية.

أما من الناحية السياسية؛ فتبدو هناك أسئلة صعبة الإجابة من قبيل: كيف سيتم توصيف الشخص أنه من جماعة الإخوان؟ وهل سيكون الاعتماد علي التقارير الأمنية فقط؟ وهو ما سيفتح الباب واسعا أمام الوشايات واستهداف أبرياء.

وأوضح المتحدث الرسمي لحزب النور: هناك ما يقارب أربعمائة ألف إخواني تقريبا، فهل سيتم إيداعهم جميعا السجون؟ وهل عند الدولة طاقة لذلك؟ وما هو أثر ذلك علي صورة الدولة داخليا وخارجيا؟ وما هو أثر ذلك على الدائرة المحيطة بالمتهم، من الأهل، والأقارب، والجيران، وهم يرون شبابا زٌج بهم في السجون دون أدني جريرة؟

ثم ما هو رد الفعل لدى كل هؤلاء الشباب بعد شعورهم باليأس والإحباط؟ وإذا تحدثنا عن عشرات التكفيريين، يحدثون هذا الإزعاج، فكيف إذا تحول هذا الكم الهائل إلى هذا الفكر، الذي قد ظهرت بوادره بقوة في صفوفهم؟

ليس عندي شك أن هذه القيادات شريكة في هذه النتيجة، وأن الموقف متأزم، والخيارات صعبة، ولكن بوسع الحكومة أن تتعامل مع مستخدمي العنف ومروجيه دون أن تغلق الأبواب، التي يمكن أن ترجع منها إذا ما أرادت إلى ذلك سبيلا.

الاحتراب الأهلي

بدوره استنكر عماد المهدي، وكيل لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى عن حزب النور سابقا، التفجيرات التي تحدث بصورة شبه مستمرة في الجامعات، أو لأفراد الجيش المصري، أو في أي مكان على أرض مصر، والتي كان أخرها استهداف مبنى المخابرات الحربية بمدينة أنشاص.

وقال المهدي: "نرفض هذا العدوان الغاشم والسافر، الذي يستهدف وحدة وأمن البلاد"، مشيرا إلى أن البلاد تمر بفترة مخاض، وعلى الجميع أن يتجهوا نحو البناء والتعمير؛ للخروج من الأزمة السياسية، التي تحاك بالبلاد.
وطالب المهدي، بسرعة القبض على منفذي تلك الهجمات، وتقديمهم للعدالة بأقصى سرعة ممكنة، حتى لا تنهار هيبة الدولة، وينهار المجتمع بأسره.

وشدد عضو مجلس الشورى السابق عن حزب النور، على ضرورة تغليب مصالح البلاد، حتى تنجو سفينة الوطن من خطر الانزلاق في دوامة العنف، والاحتراب الأهلي، أو نشر الفوضى، التي تسعى إليها بعض الدول الغربية؛ لاستقرار وزعزعة المنطقة.



الأطماع الغربية


قال د. رمضان السيد أحمد خاطر، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: إن مصر تمر الآن بفترة عصيبة، بل قد تكون هي الأصعب في تاريخهاالحديث، في السابق كانت الحدود على الضفة الشرقية لقناة السويس هي مكمن الخطر، حيث "العدو الصهيوني" يربط على أرض فلسطين الحتلة.

أما الآن فالخريطة قد تغيرت، ولعب الغرب دوره المعتاد، في زرع الفتن والخلافات بين أبناء الوطن الواحد، وتبدلتَ ملامح وطبوغرافية منطقة الشرق الأوسط، بفعل الأطماع، والأحقاد، التي روجت لها السياسة الأمريكية، على لسان وزيرة خارجيتها "كونداليزا رايس"، نحو الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط الجديد.

أضاف خاطر، هذه التصريحات لم يع إليها العرب، وشربوا من نفس الكأس الذي أعد لهم، فتغيرت المنطقة، وقُسًم السودان إلى دولتين شمال وجنوب، وتكالبت عليه الأمم، بعد أن تفجرت الثروات في إقليم كوردفان، ومنطقة أبيي ودار فور، فلعبت العصابات الصهيونية دورها بالتعاون مع الغرب، بدعم واضح من الولايات المتحدة الأمريكية، حتى تهيمن على مناطق النفط والنفوذ في العالم.

وقال خاطر: إن الولايات المتحدة الأمريكية هى من تزرع الفتن حتى تجني الحصاد، وتاريخها مشهود بذلك من نشأتها، التي قامت على حمامات الدماء للهنود الأوائل في البلاد.

ولفت خاطر، أن ضحايا الغرب "كُثر"، من بينهم اليابان، وفيتنام، وبورما، والجارتين الكوريتين الشمالية والجنوبية، وأفغانستان، وحاليا العراق، التي أصبحت على صفيح ساخن، فلا يمر يوم إلاً ونسمع ونشاهد التفجيرات، ولم يتحرك العالم لوقف نزيف الدماء.
الحدود الملتهبة

وحذر خاطر: من حدود مصر الملتهبة في الشمال الغربي جهة "ليبيا"، إضافة للحدود الجنوبية جهة السودان، وكذلك الشمالية الشرقية في سيناء، مشيرا إلى أن الحدود أصبح خطرها كبير على الوضع الداخلي في البلاد، الأمر الذي يستغله الخارجين عن القانون، خاصة في تهريب الأسلحة، والذخيرة، والمواد المخدرة.

وأضاف: الوضع فى مصر يحتاج لمزيد من الصرامة والحدة فى اتخاذ القرارات، خاصة فى ظل الاحتجاجات، التي وصلت لأكثر من"9858" احتجاج، بمعدل 57 احتجاجا يومياً، وهو ما يتمثل فى قول الحق جل وعلا بقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) }.

وأوضح، أنه من الواجب حتى نخرج من أزماتنا، أن نأخذ على أنفسنا، فحق مصر يوجب "الحزم" لا الحلم، الذي يظنه البعض هوان الضعيف، لأن الله تعالى هو الذي أمر نبيه، صلى الله عليه وسلم، بقوله تعالى: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} ، و أمره أن يتعامل مع الكافرين والمنافقين بالحزم والقوة، فقال تعالى مرتين في التوبة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ، ومسئولية القيادة السياسية أن تقف في صف العمال، وأصحاب الدخول المتوسطة والضعيفة، ومحدودي الدخل، والأرامل وذا الحاجة، لا أن تحابي رجال الأعمال، الذين استشروا، وبغوا فى الأرض، وملأوها فساداً وجوراً، بأن تقف وقفة حازمة مع المستضعفين، وتعطيهم حقوقهم.

وعلى أبناء الوطن أن يعلموا أن مصر بلداً للجميع، يفرض عليهم الدين الإسلامي أن يحافظوا عليها، فمهما طالت عليها الهموم، لابد لها أن تعود إلى رحاب الصدارة والجدارة، وإذا وجدوا قوة في إدارة الدولة، تعصمهم من المرَّوعين والبلطجية من القلة في المجتمع، والمسعورين في الشاشات، الذين لم ينبز أحدهم ببنت شفة أيام الاستبداد والفساد، والآن هم يسيئون للشعب والوطن والبلد وترابها الطاهر التي حفظها الله تبارك وتعالى عبر ملايين السنين.

أشار خاطر: أما إذا ظلوا في طغيانهم وسعَّروا الحرب، وحرضوا على العنف، وبثوا الخوف والرعب بين المواطنين، وحوَّلوا الشعب إلى الترقب والترصد، والجبن والهلع، والسب والشتم، والجحود والإنكار، والجدال والإصرار، والثورة على كل شيء، فلم يسبق أن حوصرت المساجد، وهددت المشايخ والمصلين في المساجد، وأُلقيت عليهم، وعلى بيوت الله الحجارة، وتم نزع حجاب الفتيات في الشوارع، وقتل أبرياء بيد مجرمين صغار، يدفعهم أكابر مجرميها، هنا لابد من إعادة التوعد بالقانون، وتطبيقه على ما يرتكبوه فى حق الوطن من جرائم، قال تعالى: {تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ}.


إدارة للأزمات

من جانبه قال د.سمير رضوان، أستاذ فقه المعاملات بجامعة الأزهر: لا يجوز الانتظار حتى يكون الشك يقينًا والظن حقيقة، بل تجب المبادرة القوية، فإن الدفع أهون من الرفع، تصديقاً لقوله تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)

وتابع رضوان: نعترف بوجود أزمة حقيقية لكنها تحتاج إلى حلول..‏ حتى يمكن أن نعبرها,‏ لكن المكابرة والاصرار علي الخطأ، لن يقودنا إلا لمزيد من الفشل‏,‏ وإن كان الاعتراف بالخطأ هو أول طريقك للإصلاح‏ أمام الشعب، وعلى الجميع أن يقدر ذلك.


أما عندما تترنح السفينة، وتوشك علي الغرق وسط الرياح والأمواج المتلاطمة، التى تموج بها فى عرض البحر, تنظر العيون بيأس إلي من يمتلك القدرة على الإنقاذ, ويتردد السؤال، هل مازال هناك رجال, يملكون الإرادة والشجاعة والتصميم علي إنقاذ السفينة؟ والركاب القائد الناجح تلزمه استراتيجيات جيدة, وخبرة، وقدرة على التنبؤ بالمستقبل.

وطالب بعمل إدارة للأزمات فى كل شئون الدولة المصرية، التى قاربت على الانهيار؛ كي تستطيع أن تتوقع الأزمات قبل وقوعها، وتضع رؤاها المستقبلية، لأي أزمة تعترض طريق الدولة، وتصعيد أهل الخبرة، فالعالم المتقدم يعمل الآن بهذه الآلية.
أضاف ينبغي على القيادة السياسية أن تدرك الأمر، قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة.

سيناريو الجزائر ولبنان

من جانبه قال د. أحمد زارع ،عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة نابس "سابقا"،وأستاذ الإعلام الدولي بجامعة الأزهر: في السابق كانت مشكلاتنا تتحول إلي أزمات, والأزمات إلي كوارث, بسبب خلل الإدارة, واليوم تتكرر الظاهرة ولكنها مصحوبة هذه المرة بالتظاهرات، مشيراً إلى أنها ستكون خطيرة حال تحولها إلي فوضي, وهي ما نخشى الوصول إليها.

تابع إذا لم ننجح فى استباق ما يدبر لنا، فإن البلاد ستنجر لكوارث، لا يعلم مداها إلا الله.

وقال زارع: إن ما يروج الآن في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، تهدف في المقام الأول لخدمة القوى الغربية، حتى تصل مصر إلى سيناريو الجزائر عام 90، أو المشهد اللبناني، أو استنزاف الجيش المصري في حرب مستعرة، لا يعلم مداها إلا اللًه.

فى سياق متصل، قال اللواء علاء عز الدين، رئيس عمليات هيئة القوات المسلحة الأسبق: إن الغرب والولايات المتحدة الأمريكة، يمارسون الآن الحرب المعلوماتية المضادة عن طريق تقارير استخباراتية، وتسريبات صحفيه، قد تكون غير مؤكدة، لكنها تحتاج إلى النظر بعين الاهتمام، مؤكداً أن الادارة الأمريكية تتمنى توسيع نطاق الاضطرابات فى البلاد؛ لتشمل محافظات الجمهورية، وبالتالي تصعيد الموقف دولياً.

أضاف عز الدين: إن الغرب يريد توسيع العمليات العسكرية فى سيناء، حتى يؤثر بالطبع على تهديد المجرى الملاحي لقناة السويس، وهو الأمر الذي يراهن عليه الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، ويسعى إليه الآن بكامل طاقته، حتى يٌصعد الأمر إلى مجلس الأمن، وتعلن حالة الاستنفار، ومن ثم التلويح بورقة حماية المصالح الغربية، وأوضح عز الدين أن الغرب دائما ما يسعى لتنفيذ أجندة وسيناريوهات، تم وضعها لتكون بديلاً؛ لتوسيع دائرة الصراع بعد إعلان أمريكا الخروج من أفغانستان والعراق.

لكنه أبدى تخوفه من استخدام الجماعات التكفيرية؛ للقتال بالوكالة في مناطق الصراع داخل الشرق الأوسط الجديد، مثل ما يحدث في ليبيا الآن، إضافة لـ"سوريا"، ومصر، ودعا الشعب المصري أن يحذر هذا المخطط الجهنمي، الذي يستهدف جر مصر لمستنقع الاحتراب الأهلي.