أزمة نقص الأدوية تشتعل من جديد "تحقيق"

  • 141
أرشيفية

مطالب بسحب تراخيص الشركات التي تخفض إنتاجها.. و"الحق في الدواء" يطالب بمراجعة قرار تعويم الجنيه

"تمرد الصيادلة": مافيا دولية تستغل الأزمة لـ"ليّ" ذراع الدولة والمرضى

 


 

أشعل تعويم الجنيه المصري وتراجعه أمام الدولار أزمة كبرى في سوق الدواء المصري؛ أدت إلى نقص كبير في المعروض من الأدوية المستوردة والمحلية، وتطالب شركات الأدوية برفع جديد للأسعار، فيما  شكّل مجلس الوزراء لجنة لمراجعة الأثار المترتبة على قرار تعويم الجنيه على القطاع الطبي.

 

ومن جانبها قامت النقابة العامة للصيادلة بإعداد قائمة لـ 1688صنف، تشمل الأدوية الناقصة في السوق، وقامت بإرسالها لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب؛ لاتخاذ ما يلزم لتجنب حدوث كارثة.

 

وأثنى الدكتور محمد علي عزالعرب، المستشار الطبي للمركز المصري لـ"الحق فى الدواء"، ورئيس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد، قيام  "الصيادلة" بمخاطبتها الجهات المسئولة بالدولة؛ لوضعها بصورة كاملة في أزمة نقص الدواء، معتبرًا أن ذلك مؤشرًا إيجابيًّا.

 

وأوضح في تصريحات لـ"الفتح"، أنه يجب على الجميع التفكير بصوت عالٍ بشأن هذه المشكلة، حيث أننا إزاء "كارثة"، على سبيل المثال، نقوم باستيراد الأمبول الواحد بـ5.5دولارات، وذلك حينما كان التعامل بالدولار الجمركي بـ8.88 جنيهات، كانت الدولة تتحمل 15جنيهًا دعمًا تقريبًا، حيث كان يباع للمريض بما يعادل 31جنيهًا، في حين أنه بعد قرار تعويم الجنيه يتم احتساب 5.5 دولارات × 18 جنيهًا تقريبا سعر الدولار بعد التعويم، فيكون الناتج ما يقرب من 90جنيهًا، وبالتالي يصبح الدعم المطلوب تقديمه من الدولة ما يفوق 60جنيهًا، ولا تستطيع دولة تحمله.

 

وتابع: اختلاف السعر الدولاري الآن تسبب في أزمة كبيرة جدًا للمستوردين، ويزيد العبء على المريض المصري لارتفاع السعر.

 

وأضاف: نحن أمام معضلة كبيرة جدًا، وعلى الرغم من توجيه الدولة بتخصيص 186مليون دولار وتكليف الشركة المصرية للتوزيع وتجارة الأدوية، لاستيراد  146 صنف دواء ليس لهم بدائل داخل الدولة، وأوشكوا على النفاد؛ لأن جميعهم مستورد، ولاسيما أن هذه الأدوية منقذة للحياة، وجميعها مشتقات دم ولعلاج الأورام والإنسولين، وتستخدم في العمليات والطوارئ، والأدوية اللازمة لزراعة الكلى، والهرمونات، وغيرها من الأدوية الجوهرية.

وأوضح أن هذا المبلغ الموجه لا يكفي، بل نحتاج أضعاف هذا الرقم بصورة عاجلة، مشيرًا إلى أن هذا ليس حلًا، خاصة أنه لو تعدى سعر الدولار أكثر مما هو عليه الآن سنحتاج أموال أكثر.

 

ونوّه عزالعرب أن "الحق في الدواء" حذر سابقًا عند تحريك سعر الدواء لتلافي نقص 7 آلاف صنف، وأنه في حالة زيادة سعر الدولار ستكون هناك مطالبات بتحريك الأسعار مرة أخرى، وهو ما يحدث الآن، لذا يجب على الدولة القيام بمسئولياتها، وبعيدًا عن القائمة التي أعدتها "الصيادلة" هناك من 200:250 صنف أساسي ليس لهم بدائل، ويجب على الدولة التدخل العاجل والرجوع عن قرار تعويم الجنيه، واحتساب السعر الدولاري الجمركي لبعض الأدوية المهمة والملحة، كي نستطيع احتساب سعر المنتج النهائي للمستهلك، متوجهًا بهذه المناشدة لـ"وزارة المالية والرئاسة".

 

وفي سياق متصل، أوضح الصيدلي هاني سامح، منسق حملة تمرد الصيادلة والمهتم بشئون الدواء، أن تعريف منظمة الصحة العالمية للنواقص، بأنها "الأدوية التي ليس لها مثيل"، موضحًا أن القائمة الصادرة عن نقابة الصيادلة، شابها الكثير من الأخطاء، لاحتوائها على مكملات غذائية، وفيتامينات، و"رويال جيلي" و"جانسن"، موضحًا أن قائمة الـ1688صنف نواقص ضخم جدًا، ولم يراع فيها تعريف منظمة "الصحة العالمية" للنواقص.

 

وأوضح سامح في تصريحات لـ"الفتح"، أن المادة الفعالة للأدوية تنتجها 12 شركة من أصل 2500 شركة دواء، وبالتالي يمثل هذا نوع من الاحتكار، مشيرًا إلى أن الـ 12شركة تتمثل في غرفة صناعة الدواء، متهمًا إياهم بالاتفاق على خفض خطوط الإنتاج والتلاعب بالدولة والمريض المصري، مقترحًا إلغاء "صندوق المثائل" حتى يتم القضاء على التلاعب، وبالتالي التنافس سيكون لإجمالي عدد الشركات وبضوابط مشددة من وزارة الصحة، بالإضافة إلى جودة الإنتاج، وبذلك ينتهي التلاعب بالأسعار.

 

وأشار منسق "تمرد الصيادلة" إلى أن مافيا الدواء تنشر وتشيع وتمارس ضغوط قوية جدًا وتتلاعب بطرق احتكارية وغير قانونية بسوق الدواء، والتي تتمثل في "غرفة صناعة الدواء"، وجماعة "الفارما" الأجنبية.

 

وعلى صعيد آخر، قال الدكتور حسن علي البط، عضو اللجنة الاستشارية لنقيب صيادلة مصر، إن القائمة تعبر تقريبًا عن الوضع الحالي، موضحًا أن تعريف النواقص في السوق المصري، هو الدواء الذي يتأخر إنتاجه مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبالتالي هذا غير مرتبط بكون له مثيل أو لا، وبكونه دواء أساسي -حسب تعريف منظمة الصحة العالمية- أو لا.

 

وأوضح البط في تصريحات خاصة لـ"الفتح" أنه من الممكن أن يكون هناك دواء بسيط، وليس ذات أهمية شديدة، وله بدائل ومثلاء كثر؛ لكنه الأرخص مثلًا في مجموعته، أو تعارف عليه المواطنون، ويطلب بدون روشتة، فبالتالي نقصانه -ولو لفترة قليلة- يسبب قلقًا بالسوق.

 

وأضاف أنه من المفترض أن ينفذ الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان، تهديده بسحب تراخيص إنتاج الأدوية من الشركات التي تتعمد تخفيض أو توقف إنتاجها للدواء لمدة معينة، ويستبدلها بشركات أخرى، كما صرّح بذلك منذ ما يقرب من 6 أشهر، متوقعًا عدم تنفيذ الوزير لهذا التهديد والذي قد يساهم بشكل كبير في حل الأزمة.